الحرية ـ أنطوان بصمه جي:
في ظلّ اختفاء العلامات المحلية من واجهات المحالّ، وطغيان المنتجات المستوردة على الأسواق المحلية، تلوح في الأفق خطوة قد تكون الأخيرة لإنقاذ واحدة من أعرق الصناعات السورية، حيث احتضنت غرفة صناعة حلب اليوم اجتماعاً طارئاً يجمع صناعيي المدينة وتجارها وخبراء اقتصاديين في عاصمة الصناعة السورية، بغية محاولة وقف نزيف الإغراق التجاري الذي يهدد بانهيار قطاع يُشغّل آلاف العائلات. فهل يكون هذا الاجتماع منعطفاً تاريخياً؟
موعدٌ مع المصير
تركزت مطالب الصناعيين الذين يقفون أمام تحدٍ جديد وهو انفتاح السوق على الأسواق الخارجية بعد أن كانت الأسواق محصورة ببعض الجهات المصدرة، فطالب الصناعي يوسف بركات بتنظيم الاستيراد وتبني قوي من قبل الحكومة للدفاع عن صناعة حلب.
حلب تستقبل تصافي المنتجات
أشار الصناعي محمود نجار إلى وجود منتج يضاهي المستوردات مع وجود فائض إنتاج في المعامل مؤكداً وجود بعض المنتجات التي تدخل عن طريق التهريب أكثر من التي تدخل مع فرض رسوم جمركية عليها، وأن مدينة حلب تستقبل تصافي الألبسة من الأسواق الخارجية ذات جودة ضعيفة، مطالباً برفع رسوم الجمارك من 4 إلى 10 دولارات على المنتجات التركية الأمر الذي يخلق منافسة في السوق المحلية.
الصناعي محمد منصور نوه لعدم وجود بنية تحتية لإنتاج الأقمشة وأن الحل الأمثل حالياً إلغاء رسوم الجمارك على مدخلات الإنتاج لبيعها بسعر مخفض لحلقات الوصل الصناعي وصولاً إلى تاجر المفرق وبالتالي وصول المنتج للمواطن بأرخص سعر.
مشكلة وحل
الصناعي محمد كنعان العائد من تركيا كشف أن طرح المنتج أكثر من الاستهلاك وأن الحل يكون بالتصدير وجذب الزبائن الأجانب من خلال معارض تخصصية خارجية وتخفيض أسعار الطاقة وإيجاد منفذ بري وبحري لدخول وتصدير المنتجات السوري، في حين طالب بعض صناعيي النسيج والألبسة بإقامة معارض تخصصية وإعادة النظر في أسعار الشحن وتفعيل مطار حلب الدولي.
وناقش المجتمعون حزمة إجراءات عاجلة، أبرزها: فرض رسوم جمركية على الواردات، وتسهيل حصول المصانع على المواد الخام بأسعار مدعومة، وإطلاق حملات ترويجية محلية وعالمية للعلامات الحلبية، مع التركيز على شعار صنع في سوريا.
تغيير سياسة العمل
وأوضح المكلف بتسيير أعمال غرفة صناعة حلب مؤيد النجار إلى وجود العديد من الأعمال الجارية حالياً تخدم الصناعة الوطنية والسعي لتخطي الصعوبات في ظل غياب حركة السوق وتصريف المنتجات مشيراً إلى وجود تحد جديد من خلال انفتاح الأسواق، وبالتالي على الصناعي تغيير سياسة العمل كمنظومة اقتصادية وسوق حر وبالتالي يفرض ذلك لتقديم منتجات عالية الجودة وتصريف المنتجات مع نهاية كل موسم.
واستعرض النجار تجربة مدينة إدلب والتي كانت تحتوي على منتجات أجنبية ووطنية والعمل على إعادة هيكلة الصناعة في حلب ودراسة فرق التكاليف والمنافسة والربح، والسعي لحل مشكلة الكهرباء في المدن الصناعية مع الجهات ذات العلاقة.
معارض تخصصية قادمة
بدوره أوضح محمد زيزان عضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب ورئيس لجنة المعارض وجود لقاءات مستمرة مع لجان الألبسة الجاهزة الذين أكدوا مراراً على العمل ضمن مقياس رقابة الجودة وحماية المنتج المحلي وتخفيض نسبة البطالة، كون قطاع النسيج يضم آلاف الأسر العاملة فيه، مبيناً وجود خطة لإقامة معارض في عدة دول وأقربها معرض تخصصي بدمشق في أيلول القادم ومعرض آخر في جدة نهاية العام الحالي.
واقع مرير
تشير تقارير اقتصادية إلى أن واردات الملابس التركية والصينية والتركية غزت السوق السوري خلال الأشهر الأخيرة، مدعومة بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج المحلي بنسبة تصل إلى النصف، هذه المعادلة تهدد بإغلاق 30% من المصانع العاملة بحلب بحلول نهاية العام الجاري.
بانتظار خطوات ملموسة
يرى بعض الصناعيين أن نجاح الاجتماع مرهون بتحوّله إلى خطة عمل تُنفذ على الأرض، بدلاً من بقائه حبراً على ورق. فيما يعلق المواطنون آمالهم على عودة “الجودة الحلبية” إلى الأسواق.
يأتي الاجتماع استجابةً لصرخات الصناعيين الذين يعانون من تراجع مبيعاتهم، وأن التأخر في اتخاذ القرارات يعني خروج جيل كامل من الصناعيين المهرة، وتحول حلب من مدينة إنتاجية إلى سوق استهلاكية، فهل سيكون الاجتماع بداية حوار مع الحكومة لتشريع قوانين تحمي الصناعة الوطنية أم إن الغد سيكشف إن كانت حلب ستعيد أمجاد “صناعة الشرق” أو ستسقط في سجل الذكريات؟
تصوير ـ صهيب عمراية