اختر ورقتك.. العدل والإصلاح أم الفتن والطائفية؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- بقلم يسرى المصري:

بينما تنتظر البلاد مواسم الخير وتتطلع العيون نحو ازدهار وتنمية, تكون دافعة لسوريا وللسوريين لتخطي الوجع والعزلة والفقر المادي والروحي والفكري, يأبى الظالمون ممن تحركهم أجندات خارجية لا مصلحة لأحد من الناس فيها إلى أن يعكروا الأجواء ويبثوا السموم بين السوريين.. للعبث بحياة الناس, من قبل ثلة مشيطنة تسعى لغايات انفصالية وتمزيق أسباب النهوض.. والحيلولة دون إعادة الإعمار ونفض الغبار عن حقبة جدباء قحطاء دفنت الأحلام والعيش الكريم بتراب الفساد والظلم, وفتح صفحات جديدة لمستقبل البلاد والعباد.
بالأمس في بلدة زيدل السورية، انكسر خاطر السوريين وانجرحت قلوبهم من جريمة أريد أن تكون باب فتنة وعنف بلبوس طائفي شيطاني.. وكم من حالات وضحايا قتلوا بلا ذنب إلا ليتخذهم الظالمون والقاتلون باباً للفتنة, ومن يدخل هذا الباب يسقط في أتون جحيم لانهاية له.. لكن الله سلم.. وهو أرحم الراحمين.
امتزجت دمعة الحزن على روحين زُهقتا بدمعة الرجاء في غدٍ أفضل وغلب الوعي المجتمعي على الباطل والظلم, فكانت الحكمة بالغة أن “العدل وإحقاق الحق” هما فقط الطريق إلى سوريا الجديدة، لا الحقد الأعمى أو الانتقام الأعمى. اليوم في ذكرى التحرير وبعد مرور عام على النصر, بات جديراً بكل سوري حر وأصيل أن يقف كحاجز منيع ضد رياح الفتنة الطائفية , ليكون وعي الشعب وحكمة القيادة كفيلين بإفشال أي مخطط تدميري, يهدف إلى زعزعة وشق عرى نسيج المجتمع السوري الجميل.

إن الفرح والتحرير وفتح السبيل ورسم معالم الطريق إلى سوريا المنتصرة تمر بدعم وسند القيادة على الإدارة بالعدل وإحقاق الحق، وليس بالفتنة أو الانتقام. وليس خافياً على أحد أن بعض الأطراف تسعى لاستغلال أي حادثة لبث سموم الطائفية، في الوقت ذاته يبقى الزمام قوياً ومرتبطاً بوعي الأهالي وتكاتفهم مع الدولة ومؤسساتها لإفشال هذه المحاولات . هذه الرؤية المجتمعية التصالحية لا تلغي مطاردة الجناة والقصاص منهم، بل تجعل من هذا الإجراء جزءاً من تحقيق العدالة الشاملة، وليس رد فعل انتقامياً يعمق الجراح ويمزق النسيج المجتمعي.

وفي الفضاء السوري الأخضر الرحب, فإن تحقيق العدالة التصالحية تظهر بجدية كأولوية للدولة التي تبذل جهوداً لمعالجة إرث الماضي, عبر إجراءات منحت الأمل لكثير من السوريين كإلغاء الملاحقات القضائية التي كانت شبح رعب وأداة قمع في العهد السابق. إن القلم الذي خط هذا القرار الذي شمل أكثر من 287 ألف قضية، هو نفسه القلم الذي سيتخذ قرارات هامة تمثل خطوة جوهرية في مسار العدالة الانتقالية لإعادة الحقوق المدنية والسياسية لآلاف السوريين، وهو نفسه القلم الذي نشهده يرسم ويخطط لبناء جسور الثقة بين المواطن والدولة.
ومهما بلغت الإجراءات الأمنية, يبقى وعي السوريين وإدراكهم العميق لما يحاك لهم بالسر والعلن, هو الحاجز الحقيقي أمام محاولات الإثارة لخطاب الكراهية والعنف . وهذا الوعي يظهر بشفافية ليس فقط في تجنب ردود الفعل الانتقامية، بل أيضاً في الدعم الشعبي المؤيد لإجراء تحقيقات شفافة من قبل الجهات المختصة لكشف غموض هذه الجرائم ومنع تحولها إلى فتن طائفية . لقد أثبت السوريون الأحرار في كل معترك ونازلة أنهم يرفضون أن يكونوا أداة في أيدي من يريدون تدمير البلاد، وأن وحدتهم الاجتماعية وحرصهم على إعمار بلدهم وبناء مستقبل أبنائهم والوصول إلى الرفاهية والعيش الكريم, أقوى من أي خطاب تحريضي.
وتبقى بلاد الشام في بركات ورحمة وحفظ من الرحمن الرحيم.. عصية على الظالمين.. وتبهر العالم بأنها مشعل من النور .. ودليل أخلاقي ووطني مهما بلغت الصعاب. وهذه الدعوات إلى المحبة والتسامح ونبذ الفتن والطائفية ليست شعارات للاستهلاك أو مجرد كلمات وإنما أسلوب حياة واستراتيجية بقاء لمجتمع متعدد مثل مجتمعنا السوري. فالسوريون وبعد سنوات الحرب الطويلة، أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستمروا في مسلسل الانتقام والدمار، أو أن يختطوا مسار العدل والإصلاح الذي يحفظ حقوق المظلومين ويبني وطناً للجميع.
سوريا .. تقدم كل يوم فتحاً اقتصادياً أو نصراً دبلوماسياً وتضع الحجر فوق الحجر واليد فوق اليد لتشكل نموذجاً للصمود في وجه محاولات الإثارة، وتثبت أن نسيجها الاجتماعي متين لا تخترقه مؤامرات الفتنة. فلتكن أفراح التحرير درساً للمستقبل، وحافزاً لبناء سوريا الجديدة, و معاً نرفع شعار “العدل أساس الملك”، لنجعل من التنوع السوري قوة وثراء، وليس نزاعاً وتمزقاً.هذه أوراق السوريين بيضاء والشعب يكتب بوعيه وحكمته ملحمة نهضة وازدهار لتكون سوريا عظيمة, ويكون السوريون في أرضهم المباركة أحبة في أحسن حال وأنصع حكاية.

Leave a Comment
آخر الأخبار