ازرع ولا تقطع

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية – علام العبد:

فعلت خيراً اللجان المشرفة على حملات الوفاء التي جرت في عدد من المحافظات، عندما خصصت قسماً من إيرادات تبرعات هذه الحملات لدعم الواقع الخدمي في المدن والبلدات، ولاسيما فيما يتعلق بحملات  التشجير التي تقوم بها حالياً مجالس المدن.
لقد تعلمنا ونحن صغار على مقاعد الدراسة الابتدائية حكمة تقول: “ازرع ولا تقطع” هذه الحكمة تدعو إلى تنمية المستقبل بدلاً من استنزاف الموارد الحالية، فالمعنى الحرفي هو زراعة الأشجار والاعتناء بها بدلاً من قطعها، ويشمل أيضاً معنى أوسع يتعلق بالاستثمار في المستقبل بدلاً من الاعتماد على ما زرعه الأجداد.
فأن تزرع خير من أن تقطع، وأن تستثمر في الزرع يعني أنك تبغي مستقبلاً مشرقاً وأنك تترك أثراً طيباً للأجيال المتعاقبة، يذكرونك مع كل فجر وكلما امتدت يدهم لقطف ثمرة ناضجة طيبة المذاق ومفيدة، وأن تقطع فيعني أنك تعيش على ماضي أجدادك وتأكل مما زرعوا.
لقد حرص الدين الإسلامي على حماية البيئة، فحمايتها يعتبر السبيل الصحيح للحفاظ على حياة الإنسان، لذلك دعانا الإسلام إلى عدم استنزاف موارد الأرض التي خلقها الله لنا..
وهذا يتضح جلياً من حرص الرسول صلى الله عليه وسلم في توصية جيوشه وقت الحرب بأن لا يحرقوا النخل ولا يقتلعوا الأشجار ولا يهدموا البيوت، ولقد حض عليه الصلاة والسلام على الزراعة فقال: [مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌ].
باختصار؛ نحن عندما نقوم بحملات تشجير في المدن والبلدات أياً كانت، نحن نهدف من ذلك إعادة الحياة والخضرة إلى المدن والقرى السورية، فالأشجار التي نقوم بغرسها اليوم ليست مجرد زينة للمدن، بل هي نبض الحياة في شوارعنا وبلداتنا، تلطف الهواء، وتخفف الحرارة، وتعيد إلى بيئتنا التوازن والجمال المفقود، وتحول الشوارع إلى ممرات خضراء وحدائق مصغرة تحمل أسماء أشجار سورية أصيلة مثل الزيتون والتين والجوز والكرز والصنوبر، لتصبح ذاكرة خضراء تحفظ هوية سوريا الطبيعية وتربط الإنسان بأرضه وجغرافيته.
لنجعل من حملات التشجير هدفاً نزرع خلاله الأمل والجمال والحياة في كل شارع وقرية وبلدة، وأن نجعل من التشجير حركة وطنية مستدامة تعيد لسوريا لونها الأخضر وجعل الزراعة فيها روح الوطن.

Leave a Comment
آخر الأخبار