حرب من نوع آخر.. كيف تساعد استراتيجيات التوعية الحديثة الأطفال على اختيار طعامهم الصحي لترسيخها في عقولهم؟

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – إلهام عثمان:
صحة أطفالنا‌ أولوية قصوى لمستقبل مجتمعاتنا، حيث يشكّل الغذاء الصحي ركيزتها الأساسية، وفي ظل التحديات الغذائية المتزايدة، يصبح توجيه الأسر نحو تبني عادات صحية أمراً حيوياً حول بناء أساس غذائي سليم لأطفالنا، مع التركيز على التوازن، المشاركة، وتجنب الحرمان.

حملات توعية مبتكرة تقترحها خبيرة لمواجهة مخاطر الوجبات الجاهزة

مبادئ التغذية السليمة

ولبناء عادات غذائية صحية مستدامة لأطفالنا، تؤكد مهندسة كيمياء الأغذية ومدرسة في كلية العلوم الصحية واستشارية في أنظمة الجودة وسلامة الغذاء رؤى أسعد، ومن خلال حوار مع “الحرية”، أن هناك مبادئ واستراتيجيات جوهرية وهامة على الأهل مراعاتهاهي:

التوازن والتنوع الغذائي

يجب تزويد الأطفال بجميع المجموعات الغذائية الأساسية من النشويات المعقدة للطاقة، والبروتينات للنمو، الخضراوات والفواكه للفيتامينات والمعادن، ومنتجات الألبان للكالسيوم والبروتين، وفق رأي أسعد لافته إلى أن هذا التنوع يضمن حصول الجسم على احتياجاته الكاملة.

التركيز على جودة الأطعمة المقدمة

الانتظام في مواعيد الوجبات..

كما أوضحت أسعد أن الانتظام في مواعيد الوجبات يعتبر أمراً حاسماً؛ وهو موزع كالتالي: ثلاث وجبات رئيسية وثلاث وجبات خفيفة يومياً، مع التركيز على وجبة الإفطار لتعزيز التركيز والنشاط، حيث يساعد تحديد مواعيد ثابتة على تنظيم عملية الهضم والتمثيل الغذائي.

الجودة أولاً

وبينت أسعد أنه عند اختيار الأطعمة الطبيعية ينبغي التركيز على جودة الأطعمة المقدمة، باختيار الأطعمة الطازجة وغير المصنعة، وتقليل السكريات والمشروبات الغازية، وتجنب المنتجات التي تحتوي على مواد حافظة وملونة، كما يُنصح باختيار الدهون الصحية كالزيت الزيتون والابتعاد عن الدهون المتحولة.

المرونة لا الحرمان

كما أشارت أسعد إلى أنه عند اتباع مبدأ المرونة وبناء علاقة إيجابية مع الطعام، فذلك يجنب الأطفال الشعور بالحرمان، والذي قد يدفعهم لتناول الطعام خفية، وهنا يمكن السماح بالوجبات السريعة والحلويات بمعدل مرة أو اثنتين أسبوعياً، شريطة أن تكون باقي الوجبات صحية ومطهوة منزلياً، فهذا النهج يعلم الأطفال التوازن الغذائي.

التدرج والصبر

وبينت أسعد أن تقديم الأطعمة الجديدة يتطلب التدرج والصبر، فالطفل قد يحتاج إلى محاولات متعددة لتقبل طعام جديد، وهنا يمكن البدء بكميات صغيرة وعدم إجبار الطفل هو الأسلوب الأمثل.
كما نوهت أسعد بأن إشراك الأطفال في التخطيط للوجبات والتسوق والتحضير له، يعزز وعيهم الغذائي، حيث يمكنهم اختيار الخضراوات والفواكه والمساعدة في تقطيعها وتزيين الأطباق، ما يحفزهم ويجعلهم جزءاً فاعلاً.

السماح بالوجبات السريعة والحلويات بمعدل مرة أو اثنتين أسبوعياً

احترام رغبة الطفل

وحذرت أسعد من عدم احترام رغبة الطفل أو إجباره على إنهاء طبقه، بل لابد من استخدام طرق قريبة من قلبه، فمثلاً يمكن تقديم الطعام له بكميات قليلة ما يقلل من الضغط عليه.

البيئة الغذائية الصحية المنزلية

وهنا أشارت أسعد إلى أن أهمية توفير بيئة غذائية صحية في المنزل يعتبر الأساس؛ فيجب أن تكون الفواكه والخضراوات الطازجة متوافرة دائماً لتقديمها للطفل على أن يُقدم الطعام بشكل جذاب.

الترطيب المستمر

من جهة أخرى أوضحت أسعد أن تشجيع الأطفال على شرب الماء باستمرار والتقليل من العصائر هو أمر ضروري وملح للحفاظ على ترطيب الجسم وصحته، أيضاً تعليم الطفل أن وقت الطعام هو لحظة للاستمتاع حيث تجتمع الأسرة حول المائدة، مع حوار إيجابي يعزز العلاقة الصحية للطفل بالطعام.

مخاطر السمنة والوجبات السريعة

وعن تحديات العصر، تُشير أسعد إلى أن السمنة أصبحت آفة العصر، وتتجاوز أضرارها الجانب الجسدي (كالسكري من النوع الثاني) لتشمل الجانب النفسي والإجتماعي للطفل، حيث قد تسبب التنمر والعزلة، وتعود أسعد لتؤكد أن هذه الأضرار تؤثر على جميع أجهزة الجسم..
وأن الوجبات السريعة ذات محتوى عالٍ من السعرات الحرارية والتي تسبب السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي بسبب احتواىها على دهون مشبعة ومتحولة ( سكريات، وأملاح عالية، مع قلة الألياف)، ما يؤدي إلى مقاومة الأنسولين وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
لافتة إلى متلازمة التمثيل الغذائي التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وهي مجموعه مترابطة من الحالات ( ارتفاع ضغط الدم، سكر الدم، دهون البطن، والكوليسترول)، واضطرابات الجهاز الهضمي، وتساهم في الالتهاب المزمن بالجسم، وتسبب الإمساك واختلال توازن البكتيريا في الأمعاء، ما يضعف المناعة والهضم، بالإضافة لزيادة خطر الإصابة بالسرطان حيث إن الإفراط في اللحوم المصنعة (برغر-نط نقانق- مرتديلا) يرفع خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، كما أن المشروبات الغازية المنتشرة في أسواقنا تسبب مشاكل بالكبد بسبب احتوائها على السكريات العالية والملونات الصناعية والمواد الحافظة، كما يسبب هشاشة العظام وتسوس الأسنان باحتوائها على حمض الفوسفوريك.

حلول عملية للأهالي

أما عن أهم الحلول التي يمكن أن يتبعها الأهل، فبينت أسعد أنه يمكن ذلك من خلال تعزيز نمط حياة صحي لمواجهة إغراءات الوجبات السريعة، الحوار الفعّال مع الطفل وشرح المفاهيم الغذائية بأسلوب مبسط له، بتقسيم الأطعمة إلى “أشرار” (سكريات وملونات ودهون غير صحية) و”أبطال” (لحوم وفواكه وماء..) يعزز فهمهم لأهمية الغذاء الصحي، أو عبر عرض القصص والصور الجذابة، كقصة السيارة والوقود، أو صنع لوحات فنية بالطعام، فذلك يجعل التعلم ممتعاً وفعالاً.

تجربة الشيف الصغير

كما لفتت أسعد إلى أهمية ترغيب الأطفال بالطعام الصحي حيث يكون ذلك من خلال أدوار تمثيلية كتجربة دور “الشيف الصغير” ودخوله للمطبخ، ما يساهم في ترغيبهم بالطعام الصحي دون فرض أو قيود، فالبيئة المنزلية المحفزة والقدوة الحسنة من الأهل لها دور كبير في تعليم الطفل الأشياء الصحيحة، كأن يصنعوا بيئة منزلية صحية مع تجنب الأطعمة الجاهزة، وإشراك الأطفال في تحضيرها، مع إخفاء الحلويات، وتوفير بدائل صحية عنها.

التوازن هو مفتاح المستقبل

وختمت أسعد بأن التوازن هو المفتاح لمستقبل صحي، ويكون ذلك بالاعتماد على نظام غذائي متوازن وغني بالأطعمة الكاملة، ليكون السبيل الوحيد لتجنب الأضرار الصحية لبناء جيل واعٍ غذائياً يبدأ بتغييرات بسيطة ومستدامة، تبدأ من نواة المجتمع وهي الأسرة وتتوج بالقدوة الحسنة.

Leave a Comment
آخر الأخبار