الحرية – باسمة إسماعيل:
يشكّل الكادر التمريضي العمود الفقري لأي منظومة صحية، وفي ظل ارتفاع الحاجة إلى كوادر قادرة على سد النقص الحاصل، الناتج بصورة أساسية عن هجرة عدد من العاملين بسبب ضعف الإيراد المادي، تعمل وزارة الصحة على تبنّي آليات فعّالة لسد هذا النقص عبر التوسع في التعليم التمريضي وتحسين بيئة العمل، وتأتي هذه الخطوات ضمن إجراءات أوسع للحفاظ على الكوادر القائمة واستقطاب كوادر جديدة، وفي هذا الإطار يبرز الدور الحيوي لمدرسة التمريض في القرداحة، التي تُعد إحدى أهم المؤسسات التعليمية الداعمة لرفد القطاع الصحي في اللاذقية بكوادر مؤهلة.
وفي هذا السياق تواصلت «الحرية» مع مدير المهن الصحية في وزارة الصحة دريد الرحمون، الذي بيّن أن التمريض يُعد إحدى الركائز الأساسية في المنظومة الصحية، لما له من دور محوري في رفد القطاع الصحي بالكوادر المؤهلة التي تُسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، فالممرض هو الأقرب إلى المريض، وهو العين الساهرة على راحته ومتابعة حالته، لذلك يشكّل وجود كادر تمريضي كفوء ومؤهل ضمانة حقيقية لاستمرارية العمل الصحي بمستوى جيد.
إجراءات متكاملة لمعالجة النقص
وحول النقص الحاصل وكيفية سدّه، أوضح الرحمون أن الوزارة تعمل على التوسع في دعم مدارس ومعاهد التمريض، وزيادة عدد المقبولين في كل دورة دراسية، إضافة إلى وضع خطط دقيقة بالتنسيق مع مديريات الصحة لتحديد الاحتياجات البشرية الفعلية. كما تبذل الوزارة جهوداً لتحسين بيئة العمل ودعم الكادر مادياً ومعنوياً للحد من الهجرة. ولفت إلى أن خريجي مدارس التمريض التابعة لوزارة الصحة يُعيَّنون مباشرة لمصلحة الوزارة بعد التخرج، دون الحاجة للخضوع لمسابقة.
برنامج تعليمي متوازن في مدرسة القرداحة
وذكر الرحمون أن مدرسة التمريض في القرداحة تقدّم للطلبة برنامجاً تعليمياً متكاملاً يجمع بين الدراسة النظرية والتدريب العملي في المشافي والمراكز الصحية، وأضاف إن الخطة الدراسية شاملة ومتوازنة، وتشمل أساسيات التمريض، صحة المجتمع، تمريض البالغين، تمريض الأطفال، الصحة النفسية، والبحث العلمي.. إلخ، وتركّز على مختلف مهارات التمريض الأساسية، ولا يوجد حالياً اختصاصات متعددة سوى اختصاص القبالة الذي يُدرّس ضمن الخطة الدراسية، وعند سؤالنا عن دراسة لزيادة ما يتقاضاه الطلبة، ذكر أن الطلبة مازالوا يتقاضون مكافأة شهرية قدرها حوالي 5000 ليرة سورية خلال دراستهم، وهي قيد الدراسة وقابلة للزيادة قريباً.
عدد الطلاب والاحتياجات السنوية
وأردف قائلاً: يتم قبول عدد محدد كل عام وفق احتياجات مشافي مديرية الصحة في كل محافظة، فمثلاً في اللاذقية يبلغ عدد الطلبة حالياً حوالي 300 طالب وطالبة، بمعدل قبول سنوي يصل إلى 100 طالب، وأشار الرحمون إلى أن الخطة الدراسية في مدرسة التمريض في القرداحة متكاملة وشاملة لجميع مهارات التمريض الأساسية، وتهدف إلى إعداد ممرضين قادرين على العمل في مختلف الأقسام الصحية، مع وجود اختصاص القبالة كاختصاص وحيد ضمن المنهاج الحالي.
تحديات تتطلب حلولاً
تواجه المدرسة مجموعة من الصعوبات، أبرزها:
الحاجة إلى دعم أكبر في التجهيزات والمخابر التعليمية.
تأمين وسائل تعليم حديثة تواكب التطور الطبي في المجال الصحي.
ضغط أعداد الطلبة والحاجة إلى مزيد من الكادر التدريسي المتخصص.
نقص التجهيزات الإدارية، خاصة بعد التخريب الذي تعرضت له خلال أحداث الساحل.
ويضاف إلى ذلك التحدي الأكبر، وهو بُعد المدرسة عن مركز مدينة اللاذقية نحو 30 كيلومتراً، حيث توجد مدرسة التمريض حالياً في ريف القرداحة بجوار مشفى القرداحة، وتابع: تعمل المدرسة بكامل طاقتها على إعداد كوادر تمريضية مؤهلة ترفد القطاع الصحي في اللاذقية وتسد احتياجاته المتزايدة.
جوهر الاستراتيجية
إن تعزيز التعليم التمريضي وتطوير برامجه، إلى جانب تحسين ظروف العمل وتأمين حوافز للكادر الصحي، يمثّل جوهر الاستراتيجية المتبعة لسد الفجوة التي أحدثتها الهجرة وضعف العائد المادي، ومن خلال هذه الجهود، تبرز مدرسة التمريض في القرداحة كأحد أهم الأذرع الداعمة للقطاع الصحي في اللاذقية، بما تقدّمه من كوادر مدرّبة تُسهم في استقرار الخدمات الصحية ورفع جودتها.