الحرية – ميليا اسبر:
كشف مدير الصحة والإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة الدكتور عبد الحي اليوسف أن وضع الثروة الحيوانية حالياً مستقر رغم الظروف الصعبة التي أثرت على مناحي الحياة كافة في سوريا خلال سنوات الحرب، وهذا الاستقرار يشمل الحالة الصحية والتربوية والإنتاجية وسيكون بمثابة حجر الزاوية الأساسي في تنمية هذا القطاع مستقبلاً.
لافتاً في حديثه لـ”الحرية” إلى أن غياب الأمراض الوبائية وامتلاك عروق نوعية في سوريا ولاسيما الأغنام مثل أغنام العواس السورية أو الماعز الجبلي السوري أو الشامي السوري، يعطي هذا القطاع في القطر قيمة مضافة يمكن البناء عليها مستقبلاً في تطويره، وخلق فرص استثمارية أكبر.
غياب الإحصائيات الدقيقة
وبيّن د.اليوسف أنه لا يوجد تعداد دقيق وحقيقي لقطيع الثروة الحيوانبة، ولكن حسب إحصاءات عام 2010 فقد قدر عدد رؤوس الأبقار بحوالي مليون رأس والأغنام بـ 15.5 مليون رأس، والماعز بحدود مليوني رأس ، ولكن حصل استنزاف للثروة الحيوانية بمختلف قطعانها ولا سيما الأغنام والأبقار وأسباب ذلك يعود إلى :
1- ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج ولاسيما المواد العلفية نتيجة تضاعف أسعارها، وصعوبة تأمينها بسبب العقوبات الجائرة المفروضة على سوريا، ما اضطر الكثير من المربين لبيع أجزاء من قطعانهم من أجل تغطية تكاليف الجزء المتبقي لديهم، ما أدى إلى تضاؤل الإنتاج وانعكس ذلك سلباً على قطاع الثروة الحيوانية في القطر.
2-الصعوبات التي تعترض عمليات الاستيراد ولاسيما الأبقار بسبب الحصار الاقتصادي، وإحجام الكثير من الدول الأوروبية عن توجيه وثائق صحية إلى سوريا، إضافة إلى امتناع معظم شركات الشحن البحري عن التوجه إلى سوريا خوفاً من العقوبات التي قد تتعرض لها نتيجة ذلك.
3- خروج العديد من محطات التربية والمداجن عن الخدمة نتيجة التخريب الذي تعرضت أثناء الحرب ونهب القطعان الموجودة فيها وكذلك التجهيزات الفنية والبنية التحتية لها.
د. اليوسف: القطيع له دور اقتصادي مهم ويسهم بنسبة 39% من الناتج المحلي
أهميته الاقتصادية
مدير مديرية الصحة والإنتاج الحيواني أوضح أن قطاع الثروة الحيوانية ومنتجاته له دور هام في الاقتصاد الوطني ولا سيما على مستوى المشاريع الزراعية التي تستوعب عدداً كبيراً من اليد العاملة وخاصة في الأرياف، إضافة لدوره في توفير البروتين الحيواني وتحقيق الأمن الغذائي وتأمين القطع الأجنبي لخزينة الدولة كعوائد لصادرات الحيوانات والمنتجات الحيوانية، مؤكداً أن مساهمة الإنتاج الحيواني تقدر بنسبة 36% من قيمة الإنتاج الزراعي، الذي بدوره يسهم بنسبة 39% من الناتج المحلي، وتالياً أي تغير يصيب هذا القطاع سيؤثر بالضرورة على نسبة المساهمة في الاقتصاد الوطني.
مشكلات الثروة الحيوانية
وفيما يتعلق بمشكلات قطاع الثروة الحيوانية ذكر د.يوسف أنها تتمثل في ارتفاع تكاليف التربية، وخروج عدد كبير من مراكز الأعلاف، إضافة إلى تراجع حركة الرعي الطبيعي نتيجة صعوبات انتقال المربين بقطعان مواشيهم إلى الكثير من مناطق الرعي في أوقات معينة من السنة ولا سيما مراعي منطقة الجزيرة السورية كما كانو يفعلون سابقاً.
موضحاً كذلك أن فترات الجفاف التي مرت بها المنطقة خلال الأعوام السابقة أدت كذلك إلى ضعف إنتاج النبات الرعوي وتراجع كميات المحاصيل الزراعية عموماً والتي كانت تشكل أعلافاً للمواشي كالشعير والبقوليات، وارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً وخاصة في ظل الصعوبات التي تواجه عملية استيرادها، ما أدى إلى انخفاض كمياتها في الأسواق المحلية وارتفعت أسعارها ما زاد من تكلفة التربية وأدى بالنتيجة لارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية، لافتاً أن كل هذه المشكلات بالتأكيد ستلقي بظلالها على كميات وأسعار المنتجات الحيوانية لا سيما مشتقات الألبان واللحوم الحمراء والبيضاء والبيض وغيرها.
وبمقارنة بسيطة نجد أن كميات مشتقات الألبان المصدرة في العام 2010 بلغت 63 ألف طن، وانخفضت في العام 2023 إلى 8.8 آلاف طن، وكذلك الجلود المصدرة انخفضت من 9.4 آلاف طن في العام 2010، إلى ألفي طن في العام 2023 على سبيل المثال لا الحصر.
حالة صحية مستقرة
وبما يتعلق بالواقع الصحي أوضح د. اليوسف أنه بحالة مستقرة، ولم يتم تسجيل جوائح مرضية أو انتشار لأمراض وبائية عابرة للحدود أو تسجيل خسائر اقتصادية كبيرة على المستوى الوطني نتيجة جائحة ما، مضيفاً أنه عند ظهور أي أشتباهات للإصابة بحالة مرضية معينة يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الفنيين البيطريين في دوائر الصحة الحيوانية في المحافظات.
منوهاً بأن للخطة الوطنية للتحصينات الوقائية المجانية أثراً كبيراً في إرساء هذا النوع من الاستقرار سواء من خلال اللقاحات المنتجة محلياً عبر مديرية الصحة الحيوانية حيث تنتج المديرية حوالي 70% من اللقاحات البيطرية والباقي يتم استيراده عن طريق المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، أو تأمينه من خلال الاتفاق مع المنظمات الدولية لا سيما منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو) أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حيث يتم تنفيذ الخطة من خلال حملات التحصين التي يتم تنفيذها من قبل الفنيين البيطريين في المحافظات وفق البرنامج الزمني المعد والخاص بكل مرض من أمراض الثروة الحيوانية.
مشيراً إلى أنه تم السماح للقطاع الخاص باستيراد كافة أنواع اللقاحات المسموح استخدامها في القطر لتامين احتياجات مربي الثروة الحيوانية، كما صدر كذلك قرار الأمن الحيوي رقم /56/ لعام 2024 الذي تضمن الإجراءات الواجب اتباعها والالتزام بها في مزارع تربية الحيوانات لا سيما مزارع تربية الدواجن لحمايتها من وصول الأمراض إليها أو انتشارها إلى مزارع أخرى بحال الإصابة، علماً أنه يتم بشكل مستمر تنفيذ حملات التوعية والإرشاد المتعلقة بالتعريف بالأمراض الحيوانية وطرق الوقاية والسيطرة عليها.
خطة لترميم القطيع
وذكر د. اليوسف أن لدى وزارة الزراعة خطة لإعادة القطيع أيضاً كان في السابق أهمها:
الاستمرار ببرنامج الترقيم الوطني للثروة الحيوانية بهدف تأسيس سجل للقطيع و توفير قواعد بيانات تفضي لمراقبة أداء القطعان لتحسين إنتاجيتها ، و تتبع وضعها الصحي و تنقلاتها و تأمين احتياجاتها الفعلية من مستلزمات العملية الإنتاجية كالمواد العلفية واللقاحات.
وتشجيع التوسع في زراعة بعض المحاصيل العلفية لا سيما في المناطق المناسبة لزراعتها كالذرة الصفراء وتجهيز مجففات خاصة لها لتقليل الاعتماد على الاستيراد وضمان توفر تلك المواد العلفية بأسعار مناسبة، إضافة إلى زيادة كميات المقنن العلفي التي توزع من خلال الدورات العلفية التي يتم طرحها عن طريق المؤسسة العامة للأعلاف.