الحرية – عمار الصبح:
بين قسم وآخر في أرضه المزروعة بالبندورة، يتنقل المزارع موسى البداوي لتفقد حالة محصوله الذي أرهقته موجة الحر القاسية والمتواصلة حتى الآن، فيما لا يجد فيه وقتاً للراحة في سبيل إنقاذ محصوله من التلف عبر الري تارة وإضافة المكملات الغذائية تارة أخرى .
يصف البداوي موجة الحر المتواصلة منذ أسبوع بـ”الاستثنائية” ليس فقط في المعدلات القياسية التي سجلتها درجات الحرارة والتي تجاوزت معدلاتها بحوالي ١٠ درجات مئوية، بل أيضاً من حيث طول فترتها الزمنية التي امتدت أكثر من سبعة أيام متواصلة وشديدة الوطأة، وهو ما فرض عليه مزيداً من التدابير لإنقاذ محصوله ومصدر رزقه.
لم يدخر المزارع جهداً إلّا بذله من أجل التقليل من تأثيرات الحرارة المرتفعة على محصوله من البندورة والذي يعد كما يقول “من أكثر المحاصيل تأثراً بالحرارة الزائدة، والتي تتسبب بذبول النبات وتعرض مجموعه الخضري للإجهاد، ما يؤدي إلى تقصير العمر الافتراضي للنبات وتوقف إنتاجه باكراً، فضلاً عن تسريع نضوج حبات الثمار قبل أن تصل إلى وزنها الطبيعي”.
جهود للإنقاذ بتكاليف مرتفعة
لا يختلف حال البدواي عن حال مزارعي الخضر الصيفية في المحافظة والذين فرضت عليهم موجة الحر القاسية التي ضربت المنطقة منذ أسبوع تقريباً، نوعاً من التعاطي الخاص والمرهق في آن معاً، حيث رفعوا من مستوى استنفارهم إلى الدرجة القصوى لتفادي آثار هذه الموجة على مزروعاتهم والتقليل ما أمكن من مخاطرها، في ظل تصاعد المخاوف من تأثيرات صعبة وقاسية قد تطول محاصيلهم، بالتزامن مع الظروف الحرجة التي يمر بها الواقع المائي في المحافظة.
مخاوف من تأثيرات قاسية على المحاصيل في ظل واقع مائي صعب وأعباء مادية مرهقة
يقول المزارع رأفت العقيل: ” منسوب المياه انخفض بشكل كبير من ٤ إنش إلى ١.٥ إنشاً فقط، ما يعني مضاعفة ساعات الري واستخدام مولدات الديزل العاملة على المازوت غالي التكاليف للحصول على الحد الأدنى اللازم للري في هذا الجو الحار”.
ويشير إلى أن ما يزيد من صعوبة المهمة هو أن ارتفاع درجات الحرارة إلى هذا المستوى، أدى إلى تقليص قدرة ألواح الطاقة الشمسية على توليد كميات كافية من الكهرباء اللازمة لضخ المياه من الآبار الجوفية، وهو ما حدّ من محاولاته لإعطاء ريات كاملة للمحصول.
ووفقاً لما كشفه العقيل، فإن الحرارة المرتفعة فرضت على المزارعين إجراءات احترازية إضافية، من قبيل تخفيض عدد ساعات العمل اليومي من ثماني ساعات إلى خمسة ساعات فقط، وهو ما زاد من خشية المزارعين من تضرر المحاصيل التي وصلت إلى ذروة إنتاجها كالبندورة والباذنجان على وجه الخصوص نتيجة عدم القدرة على قطافها كاملة.
توصيات
ورغم كل الاحتياطات التي اتخذت للتقليل من تأثيرات الحرارة على محاصيلهم، تظل الخشية لدى المزارعين قائمة من احتمال تضرر محاصيلهم بصورة أكبر في ظل ما يتطلبه ذلك من إمكانات مادية مرهقة .
وفي هذا السياق يوصي متخصصون باتخاذ جملة من التدابير للتقليل من آثار موجات الحر، أبرزها التقريب بين فترات الري بالدرجة الأولى ومن ثم العناية بعملية التسميد، وخاصة تقديم الكالسيوم بشكل أساسي، حيث يعد العنصر الأساسي في تقوية الجذور الخلوية، ويزيد بالتالي من مقاومة النبات للحرارة الشديدة.
ويؤكد الخبير الزراعي أحمد الكنعان أن الحرارة المرتفعة تؤدي لنقص في عنصر الكالسيوم، حيث يقوم النبات بسحبه من الثمار للحفاظ على مجموعه الخضري، ما يؤدي بالتالي إلى تضرر الثمار وإصابتها بالأمراض كالعفن ولفحة الشمس أو ما يسمى “سمطات”.
ويوصي الخبير بزيادة ساعات الري ما أمكن من خلال سقي المحاصيل مرتين يومياً، إما في ساعات الصباح الأولى أو في المساء، لضمان استفادة النبات منها لأكبر فترة زمنية ممكنة قبل أن تتبخر بفعل ارتفاع درجات الحرارة.
وعلى المدى الطويل يذهب الكنعان للقول إن تغيرات المناخ باتت تفرض نفسها على الإنتاج النباتي ما أدى إلى تراجعه بنسب تصل إلى ٣٠٪، نتيجة كثرة الأمراض التي تتعرض لها المحاصيل جراء هذه التغيرات الجوية، ما بات يفرض حسب تأكيده، التكيّف مع هذه المتغيرات من خلال استخدام الزراعة العضوية والحافظة، واستخدام أساليب الري الحديث وكذلك استنباط الأصناف الزراعية المقاومة للجفاف.