الحرية- إلهام عثمان:
برزت ظاهرة غريبة تتعلق بمجال تصليح الأجهزة المنزلية والصحية، حيث بات الفنيون يفرضون رسوماً “عند معاينتهم أو فحصهم للأجهزة المنزلية المعطلة سواء الكهربائية أو الصحية “، وهو ما يثير الاستغراب والجدل!؟
علماً أن هذه المعاينات سابقاً كانت تقتصر على الأطباء فقط، أما اليوم.. فقد فتحت المجال أمام الفنيين المهنيين، وأصبحت فلسفة فرض رسوم المعاينة تندرج ضمن الأولويات التي لا مهرب منها، وفي حال تجاهلناه قد تؤدي لكوارث، في الوقت الذي يُرى فيه أن غاية الأمر هو امتصاص جيوب المواطنين، من دون تقديم خدمات ذات جودة حقيقية.
من الواقع
وفي سياق ذلك، نذكر قصة أبو أحمد، الذي استيقظ ليجد ثلاجته تعطلت بشكل مفاجئ، فاضطر لاستدعاء فني من أحد “المختصين”، لكن كان الشرط أن يدفع مبلغ 25 ألف ليرة كتكلفة للفحص فقط، مع إشارة واضحة إلى أن سعر التصليح لا علاقة له بالمعاينة والفحص، وأن أجرة التصليح تعتمد على القطعة التي سيتم إصلاحها أو استبدالها وسعرها، وهو ما جعله يشعر وكأنه يتاجر بأحلامه أكثر من إصلاح جهازه، وفي رواية أخرى كانت مع أم كوثر التي لم يكن أمامها خيار غير استدعاء خبير لمعاينة دينامو المياه ( الشفاط) بحيث دفعت مقابل المعاينة مبلغ 15 ألف ليرة، مع وعد بتكاليف إصلاح لاحقاً إذا صحت تقديرات الفني.
خيارات محيرة
وهنا يكون المواطن غالباً أمام عدة خيارات: إما دفع رسوم المعاينة، وتحمل تبعات قرار الإصلاح، أو ترك الجهاز ومعاناته إلى أجل مسمى مع تحمل النتائج، أو التراجع وخسارة الوقت و الجهد والبحث من جديد عن فني تصليح آخر موثوق إن وجد.
خبيرة تسويق: وضع قوانين من شأنها حماية المستهلك وتحديد أسعار واضحة
تدهور الثقة
وفي هذا السياق، تبين آلاء حمدان خبيرة في مجال السوق الاستهلاكية ومن خلال حوار مع صحيفتنا ” الحرية”، أن هذه الظاهرة تعكس تدهور الثقة في الخدمات الرسمية وضعف الرقابة، كما أنها تفتح المجال أمام استغلال حاجة الناس للمال، حيث يستغل بعض الفنيين ضعف الرقابة لتحديد أسعار خيالية من دون ضمان جودة الخدمة المقدمة
وأردفت: إن الحل المثالي يكون في تقديم خدمة ذات جودة، مع تنظيم الأسعار بشكل واضح من قبل الجهات المختصة لضمان حقوق المواطن ووقف فوضى الأسعار التي باتت سائدة، ومساءلة من يطلبون أو يفرضون معاينة على الفحص المنزلي.. واصفة ذلك بقلة الضمير.
الأمن والسلامة
كما أوضحت حمدان أنه في حال فرض رسوم إصلاح من قبل الفنيين، قد يحد هذا من وصول الفئات ذات الدخل المحدود إلى خدمات الصيانة وتأجيل الفحص، ما قد يؤدي إلى تراجع مستوى السلامة والأمان في الاستخدام المنزلي والصناعي، و هذا يمكن أن يعزز من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عنه من الحوادث الكهربائية أو الأعطال، والتي يمكن أن تكون أكثر تكلفة على المدى الطويل.
ظاهرة تعكس تدهور الثقة وضعف الرقابة
تأثير الظاهرة
كما أشارت حمدان إلى أن انتشار هذه الظاهرة قد يخلق عقبات إضافية أمام استهلاك خدمات الفحص والصيانة، خاصة إذا كانت الأجور مرتفعة أو غير متناسبة مع القدرة الشرائية للسكان، وبالتالي قد يؤدي هذا إلى تقليل الطلب على الخدمة، وتأخير عمليات الفحص، الأمر الذي يقلل من كفاءة سوق العمل ويؤثر سلباً على نشاط قطاع الأجهزة الكهربائية والصيانة بشكل عام.
لافته إلى أنه في حال فرض الرسوم على الفحص، قد يولد حافزاً لانتشار السوق السوداء والتجاوزات، ما يقلل من رقابة الدولة ويعرقل جهود تحسين جودة وسلامة الأجهزة الكهربائية.
غياب الدور الحكومي
وختمت حمدان مشددة على أهمية وضع قوانين من شأنها حماية المستهلك وتحديد أسعار واضحة، لضمان حق المواطن في خدمة عادلة ومحترمة، وضرورة تنظيم السوق ووضع لوائح تضمن حقوق المستهلك، وتجنبه استغلال ضعاف النفوس.
فهل سنشهد مستقبلاً من يصون كرامة المواطن ويقف في وجه هذه الممارسات، أم إن الخلل سيستمر في تكرار المشهد نفسه، مع تغيّر التفاصيل فقط؟.