الحرية – مركزان الخليل:
قبل الحديث عن خطوة الحكومة بتعديل تعرفة أسعار الكهرباء، لابد من القول إنها جاءت متأخرة، فهي كانت بحاجة الى تعديل وتصويب عملية دعم الطاقة بما يتناسب مع التطورات التي شهدها هذا القطاع، وتخفيف أعباء الدعم عن خزينة الدولة، بخطة ممنهجة تتماشى مع تحسين مستوى دخل الأسر، وتحسين واقع الخدمات، إلا أن التأخير في المعالجة، أدى الى حالة الخلل الكبيرة في قطاع الكهرباء، والذي بات يحتاج الى معالجة جذرية، تبدأ من البنى التحتية والخدمية والتعرفة وصولاً لتغذية مستمرة.
التعرفة الجديدة تسمح بتصويب تكلفة الانتاج.. وتحسين جودة الخدمة الكهربائية ومعالجة فواقدها
جرأة لإنقاذ ما تبقى من القطاع
واليوم الحكومة اتخذت الخطوة باتجاه تجاوز هذا الواقع، واعتبرتها خطوة جريئة، تحسب لها، لم تتخذها حكومات سبقتها، واعتبرتها بداية اصلاح قطاع الطاقة الكهربائية، باتجاه بناء الحالة الكهربائية العامة وفق منهجية تنهي كل إشكالات الفساد والترهل والسرقة والفاقد الفني والتجاري الذي أرهق الخزينة العامة ودمر بنية الشبكة في معظم المحافظات، والقرار الجديد يشكل في رأي وزارة الطاقة حالة إنقاذية للقطاع من الخسائر المتلاحقة، وتحقيق الجودة المطلوبة للطاقة واستمرارية التغذية.

تباين ما بين الضرورة والتأني
لكن صدور القرار أثار الكثير من حالات التباين في الآراء بين من يعتبره ضرورة ملحة لمعالجة التشوهات في قطاع الكهرباء، وبين من يرى أن القرار ليس في وقته بالقياس الى مستويات الدخل ومعيشة الأسر، إلى جانب ما يفرضه من معاناة جديدة لقطاعات الانتاج في الصناعة والزراعة وقطاع الخدمات أيضاً.
علماً أن وزارة الطاقة ترى فيه خطة ذكية لرفع كفاءة الشبكة وتحسين واقع الخدمة والبنى التحتية المرتبطة بواقع قطاع الطاقة.
تشجيع المستهلك لترشيد الاستهلاك
من هذا الباب يرى الدكتور عبد الرحيم زيادة، رئيس غرفة تجارة ريف دمشق، أن قرار رفع أسعار الكهرباء احتفظ بنسبة دعم جيدة للفئة الأقل استهلاكاً، تتماشى الى حد مقبول مع ضرورات الاستهلاك المرتبطة بها، وبالتالي فإن الاسعار الجديدة ستشجع المواطنين على ترشيد الاستهلاك الكهربائي في منازلهم،واتخاذ خطة ترشيدية تتوافق مع الحاجة الفعلية لاستهلاك الطاقة والتي تتناسب مع مستوى دخل كل أسرة.
تصويب تكلفة الانتاج
وبين زيادة خلال حديثه لـ”الحرية” أن الزيادات السعرية السابقة كانت رمزية ولا تغطي سوى جزء بسيط جداً من تكلفة إنتاج الكهرباء، حيث كانت فاتورة الكفة الانتاجية ضخمة جداً قياساً لفواتير الجباية والاستهلاك.
وبالتالي هذا القرار يمكن ان يعيد تصويب تكلفة الإنتاج الحقيقية، ويكون سبباً رئيسياً في تحسين جودة الخدمة الكهربائية، وازدياد عدد ساعات التغذية اليومية، وصولاً إلى انعدام فرص التقنين التي أرهقت الناس والفعاليات الاقتصادية على السواء.
العدادات الذكية تخفف فواقد الكهرباء
أما فيما يتعلق بالعدادات الذكية فالحديث عنها يأخذ طابعاً خاصاً من حيث الأهمية والقدرة على ضبط الاستهلاك والتخفيف من فواقد الكهرباء وخاصة الفاقد التجاري، حيث يرى “زيادة” أن تركيب العدادات الكهربائية الذكية يؤمن العدالة في استيفاء قيم الاستهلاك الكهربائي، ويخفف من الفاقد الكهربائي “التجاري والفني” والذي تشكل نسبته كبيرة بالقياس الى الكمية المنتجة فعلياً.
سياسة إنتاجية جديدة للطاقة
وهنا يمكن القول إن الاجراء الحكومي المتعلق بالتعرفة الكهربائية، يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة سابقاً، وستتخذها لاحقاً من أجل تصويب عملية الدعم وترشيد الإنفاق في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية، وهنا أكد زيادة أن هذه الإجراءات ستمكن الدولة من وضع سياسة جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية، وتوزيعها على قطاعات الدولة بصورة عادلة، وحسب استهلاكية كل قطاع، الى جانب دعم القطاعات الإنتاجية وخاصة الصناعي منها، والتي تحتاج هذا الدعم لتتمكن من المنافسة التجارية بالمقارنة مع الدول المجاورة، وحتى الأسواق البعيدة التي تصلها منتجاتنا الوطنية.
مطلب لجذب المستثمرين
وبالتالي فإن دعم القطاعات الصناعية سيمكنها من التصدير وتطوير إنتاجها وتوسيعه، ما يوفر مزيداً من فرص العمل، موضحاً، أن هذا القرار مطلب جوهري لجذب المستثمرين وإقامة المشاريع الصناعية و الاستثمارية في سوريا والتي وضعتها الحكومة في سلم أولوياتها، لتأمين حالة إنتاجية وطنية مستقرة وآمنة.