الأمن المائي والبيئي في سوريا: تحديات الماضي وفرص المستقبل

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – ميسون شباني:

في ندوة علمية نظمتها مؤسسة “مناخنا” غير الربحية بالتعاون مع المركز الثقافي العربي في أبو رمانة، تم تسليط الضوء على التدهور البيئي والمائي الحاد الذي شهدته سوريا خلال فترة النظام البائد، وخاصة في ظل الحرب التي فرضها النظام على الشعب ومقدرات البلاد، والتي أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية المائية والبيئية، وتلوث مصادر المياه، وفقدان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والغابات.

وأشار الدكتور عصام أشقر، اختصاصي معالجة المياه في جامعة حمص، إلى أن موارد المياه السطحية في سوريا انخفضت بنسبة 60%، وتلوث 40% من الآبار الجوفية، مع تدمير 70% من محطات معالجة المياه وشبكات الصرف الصحي، ما حرم ملايين السوريين من مياه شرب آمنة.

وأوضح فادي معقالي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة “مناخنا”، أن سوء إدارة الموارد الطبيعية خلال حقبة النظام البائد فاقم الأزمة البيئية، داعياً إلى اعتماد تقنيات حديثة وزراعة أصناف مقاومة للجفاف، وتعزيز التعاون الإقليمي لمنع تلوث الموارد المائية.

واشار المشاركون إلى أن أسباب أزمة المياه في سوريا تتداخل بين عوامل طبيعية وسياسية تعود إلى ما قبل انطلاق الثورة السورية، حيث فشلت إدارة النظام البائد في مواجهة الطلب المتزايد على المياه وسط تغير المناخ والجفاف المتكرر، كما أدت السياسات العقابية للنظام إلى تفاقم الأوضاع في المناطق الخارجة عن سيطرته، مع إهمال المناطق التي كان يسيطر عليها، ما زاد من تفاقم الأزمة.

الحرب التي فرضها النظام البائد على الشعب السوري ومقدرات البلد تسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية، حيث توقفت أو تضررت أكثر من 40% من محطات معالجة المياه، وزادت معدلات تلوث المياه، ما شكل تهديداً للصحة العامة والبيئة.

وأكد الدكتور أحمد غازي عضو مجلس أمناء المؤسسة على أهمية الشراكة بين المجتمع الأهلي والحكومة الجديدة لإعادة تأهيل البنية التحتية البيئية والمائية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه النظيفة.

بينما اقترح الإعلامي محمد سمير طحان أمين سر مجلس أمناء المؤسسة تعزيز التشريعات البيئية والرقابة على المنشآت الصناعية، وتجديد وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي بالتعاون مع المنظمات الدولية، وتفعيل الاتفاقيات الدولية لدعم التكيف المناخي.

كذلك أشار محمد فوزي السابق عضو مجلس أمناء المؤسسة إلى ضرورة الحد من استنزاف المياه الجوفية ومنع التعديات عليها، مع نشر ثقافة ترشيد استهلاك المياه في المجتمع.

تواجه إعادة بناء قطاع المياه تحديات كبيرة تشمل الدمار الواسع وتركز توصيات الخبراء على تضمين قطاع المياه والصرف الصحي في خطط التعافي المبكر وبرامج إعادة الإعمار، مع دعم المجتمع الدولي بالتمويل والخبرة الفنية، وإدماج منظور النوع الاجتماعي لضمان مشاركة المرأة في صنع القرار، ومواجهة الأعباء الناتجة عن انعدام الأمن المائي.

مؤسسة “مناخنا”، التي حصلت على ترخيصها من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في آذار 2025 كأول مؤسسة سورية غير ربحية تعنى بشؤون المناخ والبيئة بعد انتصار الثورة، تمثل صوت المجتمع المدني في مواجهة التحديات المناخية، وتؤكد أن الشراكة الحقيقية بين المجتمع الأهلي والحكومة الجديدة هي الأساس لإعادة بناء سوريا بيئياً وتحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة، في إطار رؤية وطنية تسعى لتحويل تحديات الماضي إلى فرص للنهوض والابتكار، وتعزيز الحرية والكرامة والعدالة في سوريا الجديدة.

Leave a Comment
آخر الأخبار