الحرية – سامي عيسى :
تعدّ القضايا البيئية من المسائل العالمية الشائكة والمعقدة، ما يستدعي تضافر الجهود لصالح حماية البيئة، وضمان أسس التنمية المستدامة، هذا ما أكده الخبير التنموي الدكتور موسى السمارة “عميد المعهد العالي لبحوث البيئة” في تصريحه لصحيفة “الحرية” مشيراً إلى أن الجمهورية العربية السورية، نظراً لموقعها الجغرافي، تمثل “رئة عالمية” تستنشق منها قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، محذراً من أن تزايد الأعباء البيئية، بصورة دراماتيكية نتيجة الحرب، ينذر بمخاطر بيئية وصحية، تتجاوز الحدود الإقليمية، وبالتالي مشاركة الرئيس أحمد الشرع في مؤتمر المناخ في البرازيل، ضرورة ملحة لتضافر الجهود لتخفيف الأعباء البيئية التي تعانيها سوريا بسبب الحروب.
ملوثات الحرب وتهديد المصادر المائية
أوضح الدكتور السمارة أن التحدي الأكبر يكمن في تلوث المصادر الأساسية والمحدودة للمياه العذبة، نتيجة غياب الإدارة المتكاملة للنفايات السائلة والصلبة والغازية.
كما لفت إلى أن الحرب أفرزت ملوثات ناشئة ذات خطورة عالية، منها مادة “الأسبستوس” التي استخدمت على نطاق واسع في أعمال البناء والتشييد، وتصنفها المنصات البيئية والصحية العالمية، كمادة خطرة مؤكدة إحداث التسرطن.

مشاركة الرئيس الشرع في مؤتمر المناخ ضرورة ملحة لتضافر الجهود لتخفيف الأعباء البيئية التي تعانيها سوريا بسبب الحروب
بالإضافة إلى ذلك، نجم عن الحرب مركبات هيدروكربونية عطرية متعددة النوى ومركبات عضوية ثابتة ومتطايرة،مما سينعكس سلبياً على صحة الإنسان والبيئة.
مهام استثنائية للإصلاح البيئي والتعافي
وهنا شدد الدكتور السمارة على أن الحكومة السورية يقع على عاتقها مهام استثنائية في مجال الإصلاح البيئي، يمكن تحقيقها بعد عودة سوريا إلى الحاضنة العالمية. ومن أبرز هذه المهام التي اقترحها:
تقييم الأثر البيئي
أولى المهام المقترحة التنسيق مع المنظمات الدولية والخبراء المحليين لإنجاز دراسات مراجعة الأثر البيئي لجميع الأنشطة (الزراعية والصناعية والخدمية)، وربط الاستثمارات القادمة بدراسات تقييم الأثر البيئي لتحقيق التوازن بين الجدوى الاقتصادية والبيئية.
المنصة الرقمية البيئية
التأسيس لمنصة رقمية بيئية محلية ترتبط بالمنصات العالمية للاستفادة من الخبرات في الإصحاح وحماية الطبيعة، باعتبارها رأس مال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في مجال التعافي المبكر من الأوبئة والأمراض المزمنة الناجمة عن التلوث.
التعاون مع الأمم المتحدة
أيضاً من المهام الحكومية ضرورة التعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة “(UNEP)” لتخفيف وطأة الاحتباس الحراري، وتغير المناخ عبر إيجاد منظومات شاملة للإدارة المتكاملة للنفايات (السائلة والصلبة والغازية)، بناءً على مفهومي الإنتاج الأنظف والإيكولوجيا الصناعية، وتحويل هذه النفايات إلى منتجات ثانوية لتقليل البصمة الكربونية.
الوفرة المائية والسيطرة على الحرائق
دون تجاهل مهمة أساسية في رأي ” الدكتور السمارة تكمن في تعزيز الوفرة المائية، والتنسيق مع الجهات الدولية المختصة (مثل الفاو) لتعزيز الوفرة المائية من خلال الحصاد المطري، ورفد الأحواض المائية تحت الأرضية، ومنع تسرب المياه العذبة نحو البحر، مشيراً إلى أن كلفة هذا الإجراء أقل بكثير من تكاليف تحلية مياه البحر، الى جانب ضرورة العمل على السيطرة على الحرائق، من خلال التعاون مع المجتمع الدولي للاستفادة من الخبرات المتراكمة في مجال السيطرة على حرائق الغابات الساحلية، خاصة فيما يتعلق ببرامج التنبؤ والرصد البيئي.
حماية البيئة
و أكد ” السمارة” خلال حديثه عن المهام الحكومية ضرورة حماية بيئة العمل والتنسيق مع المركز الدولي للإنتاج الأنظف للاستفادة من خبراته في مجال حماية بيئة العمل والبيئة العامة في صناعة النفط والغاز، والأهم التعاون مع الجامعات العالمية في مجال التكنولوجيا النانوية الخضراء والتقانات الحيوية لتعزيز متطلبات الإصلاح البيئي.