الحرية ـ نهلة أبو تك:
تستقبل سوريا ذكرى يوم التحرير في 8 كانون الأول هذا العام بمشهد اقتصادي مختلف، يضيف إلى رمزية المناسبة بعداً جديداً يعكس بداية تحول في البنية المالية للبلاد.
فقد أعلن مصرف سوريا المركزي إعادة تفعيل الاتصال التقني مع شبكة SWIFT العالمية بعد توقف دام 14 عاماً، في خطوة وصفت بأنها مؤشر انفتاح مالي ورسالة استعداد للاندماج مع النظام المصرفي الدولي.
ورغم أن الخطوة تأتي في إطار تقني أولي، إلا أنها تعطي إشارة إلى بدء مرحلة جديدة من إعادة التواصل المالي مع الخارج، بالتوازي مع حزمة إصلاحات مصرفية واسعة تعمل عليها السلطات النقدية.
عودة SWIFT خطوة رمزية تحمل بداية لمسار انفتاح مالي
ورغم أن المصرف المركزي يقدّم الإجراء بوصفه رسالة انفتاح سورية نحو المؤسسات المالية الدولية، إلا أن تأثيره الاقتصادي العملي سيبقى مرتبطاً باستكمال شروط الامتثال الدولية ونتائج الإصلاحات الجارية.
وفي هذا السياق قدّم الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر قراءة متوازنة، معتبراً أن عودة الاتصال بالشبكة تمثل نقطة تحول في مسار القطاع المصرفي السوري.
وقال اسمندر لـ”الحرية”: إن إعادة الاتصال بـSWIFT تعيد وضع المصارف السورية على خريطة التواصل الدولي، حتى لو كانت البداية تقنية بحتة.
الخطوة تمنح سوريا نافذة يمكن البناء عليها لتوسيع نطاق التعاملات مستقبلاً، خصوصاً في ظل الإعفاء الأمريكي الإنساني المعروف بـالتصريح العام 22.
التجارب الدولية تشير إلى أن العودة التقنية الأولية غالباً ما تكون الشرارة الأولى قبل فتح القنوات المالية تدريجياً.
نجاح الخطوة مرتبط باستمرار برنامج الإصلاح، لكنه يضع البلاد على بداية مسار تعاف مالي، لا مجرد حدث رمزي.
الإجراءات التنظيمية الحالية تعزز ثقة البنوك المراسلة مستقبلًا، وتمنح القطاع المصرفي قدرة أكبر على الامتثال للمعايير الدولية.
ويختتم اسمندر بالقول: ما جرى ليس نهاية الطريق بل بدايته.. وإذا استمر الإصلاح بنفس الوتيرة، يمكن لهذه العودة أن تتحول من خطوة تقنية إلى انفتاح مالي حقيقي.
إصلاحات مالية واسعة.. دعم الثقة بالقطاع المصرفي
إلى جانب خطوة SWIFT، تنفّذ السلطات النقدية برنامج إصلاح مالي واسع يشكّل الأساس الذي يُعوَّل عليه لتعظيم أثر هذا التحول. وتشمل المبادرات:
– إنشاء مكتب للاستعلامات الائتمانية لتحسين إدارة المخاطر ومنح القروض.
– تأسيس وكالة وطنية للتقييم الائتماني لدعم الشفافية وتعزيز الثقة بين المصارف والمؤسسات الدولية.
– إطلاق مؤسسة لضمان الودائع لتأمين حقوق المودعين وتعزيز استقرار القطاع.
– التحضير لإطلاق العملة السورية الجديدة لتقوية الثقة بالليرة وتسهيل التعاملات.
هذه الخطوات تأتي ضمن خطة إصلاحية تضم أكثر من 65 مبادرة لإعادة بناء المصرف المركزي و12 مبادرة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتشكل، وفق خبراء، قاعدة صلبة لمرحلة انفتاح تدريجي على النظام المالي الدولي.
ذكرى التحرير.. بُعد اقتصادي جديد
يأتي الاحتفال هذا العام بذكرى التحرير وسط تحولات اقتصادية ناشئة، تضيف إلى المناسبة بُعداً جديداً يرتبط بمسار التعافي المالي للبلاد. فبين خطوة SWIFT والإصلاحات المصرفية الجارية، تبدو سوريا أمام مرحلة مالية مختلفة، تتقاطع مع طموحاتها في إعادة الإعمار وتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي.