الاستثمار في اللاذقية: رافعة اقتصادية داعمة لمشاريع الدولة التنموية الكبرى

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

تواصل الدولة تنفيذ خططها الاستثمارية الطموحة، التي تجسدت مؤخراً في توقيع مجموعة مشاريع استراتيجية بالعاصمة دمشق بلغت قيمتها أكثر من أربعة عشر مليار دولار. تغطي هذه المشاريع قطاعات النقل والطاقة والإسكان والبنى التحتية، في خطوة تعكس الرغبة الواضحة في إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني ضمن رؤية تنموية شاملة. وتعكس هذه الاتفاقيات التزام الحكومة بإحداث نقلة نوعية في مشهد الاستثمار الوطني، عبر توسيع قاعدة التنمية لتشمل جميع القطاعات الحيوية.
وفي هذا الإطار تتجه الأنظار نحو محافظة اللاذقية التي تحتل موقعاً جغرافياً واستراتيجياً مميزاً على الساحل السوري، حيث تتهيأ للمساهمة الفاعلة في هذا المسار التنموي من خلال لعب دور تكاملي يدعم تنفيذ هذه المشاريع الضخمة، خصوصاً في مجال النقل البحري والخدمات اللوجستية المصاحبة.
الدكتور علي ميا الخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية أكد في تصريح لصحيفتنا الحرية، أن الخطوات الوطنية الطموحة تتطلب توزيعاً ذكياً للأدوار بين المحافظات، حيث تمتلك اللاذقية مقومات طبيعية وبشرية تجعلها شريكاً أساسياً في تحقيق الأهداف الاقتصادية الوطنية.
ويضيف الدكتور ميا: إن المرفأ التجاري، والمناطق الحرة، والبنية التحتية اللوجستية المتطورة تشكل دعامة أساسية لدفع عجلة الاستثمار، خصوصاً في مجالات التخزين والتوضيب والتصدير، إضافة إلى الخدمات البحرية التي تكمل الصورة الاقتصادية الوطنية.
وبين ميا أن التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن المشاريع الكبرى التي أُعلن عنها في دمشق ستوجد طلباً متزايداً على سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية والموارد البشرية المدربة، ما يفتح فرصاً واسعة أمام المؤسسات الاقتصادية في اللاذقية لتوفير هذه الخدمات بكفاءة عالية، أيضاً يعتبر هذا التكامل بين المحافظات جزءاً من السياسة الحكومية الرامية إلى تعزيز الوحدة الاقتصادية الوطنية عبر استثمار متوازن يراعي خصوصيات كل منطقة.
وأكد الدكتور ميا أن الاستثمار في اللاذقية يشمل مشاريع للطاقة  تتضمن تطوير مصادر الغاز والطاقة الشمسية، تؤدي إلى تعزيز الاستقرار في الشبكة الكهربائية، ما يتيح فرصاً لتنشيط الصناعات الصغيرة والمتوسطة في الساحل، بالإضافة إلى إعادة تشغيل المنشآت المتوقفة بفعل تقلبات السوق السابقة، ويمثل هذا التحسن في البنية التحتية للطاقة عنصراً محورياً لزيادة قدرة اللاذقية على استيعاب الاستثمارات النوعية الجديدة، ودعم النمو الصناعي المستدام.
ونوه ميا بأهمية التنسيق بين الهيئات المحلية والجهات الحكومية المركزية، مؤكداً أن تجهيز ملفات استثمارية متكاملة تعكس خصوصية اللاذقية ومقوماتها الاقتصادية هو السبيل الأمثل لاستقطاب المزيد من الاستثمارات وتحقيق شراكات استراتيجية تخدم مصلحة المحافظة والاقتصاد الوطني على حد سواء.
وبما أن الاقتصاد هو أساس تحسن المعيشة، أشار ميا إلى أن نجاح هذه المشاريع التنموية سيُترجم بشكل مباشر إلى فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية، ورفع جودة الحياة للمواطنين في اللاذقية، مبيناً أن الاستثمارات في مجالات النقل والطاقة والبنى التحتية تؤدي إلى توفير بيئة اقتصادية أكثر حيوية، ما يسهم في خفض معدلات البطالة، وزيادة الدخل الأسري، وتحسين الاستقرار الاجتماعي.
ولفت الدكتور ميا إلى أن محافظة اللاذقية، بما تملكه من بنية تحتية حديثة وخبرة بشرية وموقع استراتيجي، تبقى في قلب الخطط التنموية المستقبلية، ومستعدة لاستقبال مزيد من المشاريع التنموية التي تواكب الرؤية الوطنية لإعادة البناء والنمو.
تؤكد المعطيات أن النجاح الاقتصادي الوطني لن يتحقق إلا عبر تعاون متكامل وشراكة فاعلة بين جميع المحافظات، وفي هذا الإطار تُعد اللاذقية رافداً حيوياً ومكملاً لا غنى عنه في خارطة التنمية المستدامة، ورافعة أساسية نحو مستقبل اقتصادي مزدهر يعكس إرادة الدولة في تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة.

Leave a Comment
آخر الأخبار