الاستثمار الأخضر في سوريا.. فرصة لتعافي الاقتصاد وحماية البيئة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – نهلة أبوتك:

يشير خبراء الاقتصاد والبيئة إلى أن سوريا تمتلك مقومات فريدة تجعلها مؤهلة لتبنّي الاقتصاد الأخضر، وتحويله إلى أداة فعّالة للتنمية المستدامة، قادرة على خلق فرص عمل، ودعم الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية، ويؤكد الخبراء أن هذه المقومات تشمل الطاقة الشمسية المتوفرة بكثرة، والرياح المناسبة لإنشاء محطات الطاقة الهوائية، بالإضافة إلى الثروات الزراعية المتنوعة والكوادر العلمية والهندسية المؤهلة.

ويقول الدكتور موفق شيخ علي، خبير بيئة وإدارة موارد طبيعية، إن سوريا تمتلك فرصة نادرة لتحويل استثماراتها في الموارد الطبيعية إلى مشاريع مستدامة تحقق النمو الاقتصادي وحماية البيئة في آن واحد، ويضيف: «نعتمد بشكل شبه تام على النفط والغاز، والإنتاج الحيواني، والتصنيع الغذائي، سواء في المنتجات الزراعية مثل القطن والزيتون، أو الصناعات الثقيلة مثل الأسمنت، ربط هذه الاستثمارات بالاستدامة يفتح المجال لتنمية متوازنة زمنياً وجغرافياً، ويحد من ضغوط الاستثمار ويجنب خسارة الموارد»، ويشير الدكتور شيخ علي إلى أن الأمثلة الواقعية على هذا التحول موجودة بالفعل، مثل حالات إغراق السوق المحلية ببعض المحاصيل الزراعية التي وصلت أحياناً إلى الكساد، مقابل الفرص الكبيرة للنباتات البرية التي يمكن تحويلها إلى منتجات صديقة للبيئة، مثل تصدير الوردة الدمشقية على شكل زيوت عطرية بمئات الملايين من الدولارات.

الاقتصاد الأخضر.. ربط النمو بالاستدامة

ويعرّف الدكتور شيخ علي الاقتصاد الأخضر بأنه منظومة تنموية تهدف إلى تحقيق النمو دون الإضرار بالبيئة، عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة والزراعة الذكية وإدارة الموارد الطبيعية وإعادة التدوير والمباني الصديقة للبيئة. مضيفاً أن هذا التوجّه ليس مجرد تغيير أدوات الإنتاج، بل تغيير فلسفة الاقتصاد نفسها، حيث تتحول البيئة من عبء إلى محرك إنتاجي يفتح آفاقاً جديدة للنمو.

فوائد ملموسة للمجتمع والاقتصاد

يشدد الخبير على أن الاقتصاد الأخضر يسهم في تحسين جودة الحياة عبر خفض التلوث وتحسين نوعية الهواء والمياه، ما يقلل من الإنفاق الصحي ويخلق فرص عمل جديدة للشباب في مجالات الهندسة البيئية والطاقة الشمسية والزراعة الذكية. وفي الريف، يمكن أن يصبح الاقتصاد الأخضر رافعة اجتماعية حقيقية عبر دعم المشاريع الصغيرة وإقامة ورش إعادة تدوير محلية، ما يعزز الاكتفاء الذاتي ويحد من النزوح إلى المدن. ومن الناحية الاقتصادية، يؤكد الدكتور شيخ علي أن الاستثمار الأخضر يقلل كلفة المواد الخام والطاقة ويحد من الاعتماد على الواردات، ويوفر فرصة للصناعات السورية لدخول الأسواق العالمية التي تشترط معايير بيئية في الإنتاج والتصدير.

مقومات سوريا الطبيعية والبشرية

ويشير خبراء البيئة والاقتصاد إلى أن سوريا تمتلك عوامل تجعلها بيئة جاذبة للاستثمار الأخضر:

طاقة شمسية وفيرة مع أكثر من 300 يوم مشمس سنوياً.

رياح قوية على السواحل والمرتفعات مناسبة للطاقة الهوائية.

ثروات زراعية متنوعة لتطبيق الزراعة الذكية وتشغيل الآبار والمعامل بطاقة نظيفة.

تنوع بيئي طبيعي يمكن استثماره في السياحة البيئية والمشاريع المستدامة.

كوادر علمية وهندسية مؤهلة لتنفيذ مشاريع الاقتصاد الأخضر.

التحديات والاحتياجات

ويحذر الدكتور شيخ علي من أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر يحتاج إلى إطار تشريعي واضح يحفّز الاستثمار البيئي، وشراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان استدامة المشاريع، إضافة إلى دعم حكومي وتمويلي لتأهيل الكوادر وتشجيع الابتكار في مجالات الطاقة والزراعة النظيفة. ويختتم قائلاً: «كل مبادرة صغيرة تعتمد الطاقة الشمسية أو إعادة التدوير تقرّب سوريا خطوة من اقتصاد متجدد يعيد التوازن بين الإنسان والطبيعة».

Leave a Comment
آخر الأخبار