متابعة ـ يسرى المصري:
وكأن التوترات الجيوسياسية تنشط وتتلاعب بمؤشرات النفط والذهب ما بين ارتفاع وانخفاض وفي الأسواق الاقتصادية لا يأتي شيء من فراغ..ويمكن القول إن تحركات النفط والذهب اليوم ليست مجرد تداولات سريعة، بل هي مؤشر على اضطراب الوضع الجيوسياسي والآثار الاقتصادية واسعة النطاق. ونحن في سوريا ودول العالم النامية التي تعاني من تحديات اقتصادية لسنا بمنأئ عن رياح وتأثيرات هذه العواصف، ويرى محللون أن هذه التقلبات تمثل هذا تحدياً إضافياً يزيد من تعقيد جهود الإصلاح وإعادة الإعمار. وبالمقابل فإن المنهجية الأكثر استدامة هي الاستثمار في مصادر الطاقة المحلية واتباع سياسات مالية وطنية حذرة.
العرض والطلب للنفط في السوق الفعلية
ربما يتساءل أحد ما كيف تؤثر التوترات الجيوسياسية. على ارتفاع أسعار النفط .. للتوضيح اليوم ارتفعت أسعار النفط مدفوعٌة بالأخطار الجيوسياسية، مثل الهجمات الأوكرانية على منشآت الطاقة الروسية وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يهدد المعروض العالمي.
وقد يتكرر السيناريو مع الذهب تبعاً لمشاعر المستثمرين، فالأسعار الحقيقية للفائدة، وقيمة الدولار. أثرت على أسواق الذهب وانخفض سعر المعدن الأصفر ويعود السبب إلى جني أرباح بعد صعود قوي إلى أعلى مستوى في 6 أسابيع، أضف الى ذلك ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية التي تُضعف جاذبية الذهب لأنها تدر عائداً من الفائدة بينما لا يُدر عائداً.
هذه الحركات السريعة تعكس تحديات اقتصادية مضاعفة للدول المستوردة للنفط حيث توجه ضربة مزدوجة للعملات والتضخم، إذ يؤدي ارتفاع النفط إلى رفع فواتير الاستيراد، ما يُضعف العملات المحلية ويزيد من الضغوط التضخمية. وهذا بدوره يقود بالضرورة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، كالغذاء والكهرباء، ما يزيد العبء على المواطنين والصناعات المحلية.
إعادة الإعمار
بالنسبة لسوريا التي تسعى لإعادة الإعمار، قد يؤدي ارتفاع تكلفة النفط الى زيادة في تكلفة الإنشاءات، وأي خطط تعتمد على استيراد الوقود.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يتأثر القطاع المصرفي السوري، المتضرر بشدة من الحرب ولا سيما أنه يعاني من نقص في السيولة ، وثمة خشية أن العواصف الخارجية وان كانت بعيدة جغرافياً الا أن تأثيرها عابر للقارات وتكون هنالك خشية على قدرة البلاد على مواجهة الصدمات الخارجية. مما يتطلب وجود آلية فعالة لحماية القيمة المتبقية للعملة المحلية أو تمويل الواردات الأساسية.
تُظهر هذه الحالة أن قرارات السياسات الاقتصادية تحتاج إلى النظر في السيناريوهين التاليين، وكلاهما ينطوي على مخاطر:
السيناريو المحتمل ويمثل التهديد الاقتصادي للدول النامية، حيث إن استمرار التوترات الجيوسياسية قد يؤدي إلى استمرار ضعف العملات وارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء، ما قد يُفاقم الأوضاع الاقتصادية، ويكون الحل بالإسراع في التحول نحو الطاقة المتجددة للحد من الاعتماد على النفط. |
اما السيناريو الثاني في حال هدوء التوترات مع تباطؤ اقتصادي عالمي هنا يهدد انخفاض أسعار النفط بتراجع إيرادات الدول النامية المُصدرة له ويكمن الحل بالاستفادة من انخفاض أسعار المعادن لبناء البنية التحتية.