حسابات “معقدة” تحكم الاستعداد لموسم الدفء.. المازوت أم الحطب.. خياران أحلامها مرّ!

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية – عمار الصبح:

يقف الكثير من الأهالي في محافظة درعا أمام معضلة التدفئة التي تحضر بحساباتها المعقدة مع أقتراب فصل الشتاء، فيما تغدو المقارنة بين الخيارات المتاحة صعبة أيضاً، في وقت تقلصت فيه البدائل وارتفعت الأسعار، ولم تعد فيه التدفئة بالنسبة للكثيرين ترفاً، بل حاجة آَساسية تتغير أنماطها تبعاً لمستوى الدخل وتكلفة الوسيلة المعتمدة في التدفأة، فيما يظل الثابت في هذه المعادلة، أن الناس لم تعد تبحث عن الأفضل ولا عن الأجود بقدر بحثها عن الأرخص والأقل كلفة.

خيارات ضئيلة وحسابات معقدة

يشرح الأهالي في حديثهم لـ”الحرية” معاناتهم التي باتت تتكرر كل عام في البحث عن وسيلة التدفئة الأقل كلفة من بين وسائل التدفئة المعتادة، وحسب تأكيدهم فإن التجهيز لموسم الشتاء عادة ما يبدأ منذ أواخر أيلول، وترتفع وتيرته خلال شهري تشرين الأول والثاني ليصل إلى ذروته مع حلول أربعينية الشتاء.
ويقول أيمن النادر، إن الخيارات المتاحة باتت محدودة، “فإما استخدام المازوت والقبول بأسعاره المرتفعة هذا الموسم، أو اللجوء إلى الحطب كوسيلة للتدفئة قد لا تكون أفضل، ولكنها أقل كلفة ولو بفارق بسيط عن المازوت”.

برميل المازوت وصل إلى 2,2 مليون ليرة.. وطن الحطب بـ 2,5 مليون.. فلمن تكون الغلبة؟

ويضيف: “أسعار المازوت ارتفعت هذا الموسم، إذ يبلغ سعر برميل المازوت 200 ليتر قرابة مليونين ومئتي ألف ليرة، وتحتاج الأسرة المتوسطة إلى برميلين خلال الموسم على أقل تقدير، هذا في حال اقتصر الأمر على مدفأة واحدة، وهو ما يعني تكاليف تصل إلى قرابة خمسة ملايين ليرة، وهي توازي أربعة أضعاف راتب الموظف شهرياً”.
ويبين النادر أن الكثيرين، وهو منهم، لم يعد قادراً على شراء كامل احتياجات منزله من المحروقات دفعة واحدة، بل بات وأمام ارتفاع التكلفة إلى شرائها أولاً بأول، وهو أمر كما يقول صار متاحاً حالياً بعدما توفر المازوت وبكميات كبيرة في المحطات على عكس المواسم السابقة.

الحطب ينافس المازوت

ارتفاع فاتورة التدفئة لا ينسحب على المازوت وحده، فمع تقلص حوامل الطاقة وارتفاع أسعار المازوت، دخل الحطب ميدان التدفئة كأحد الخيارات المتاحة ولكن بتكاليف مرتفعة أيضاً.
وعادة ما يشهد الإقبال على تخزين المادة انتعاشاً ملحوظاً خلال هذه الفترة مع اقتراب موسم الشتاء، حيث يتوجه كثيرون نحو الشراء باكراً خشية من ارتفاع الأسعار أكثر مع بدء موسم البرد وارتفاع وتيرة الطلب، غير أن ثمة شيئاً ما تغير هذا العام.
ويؤكد أحد الممتهنين لتجارة الحطب في مدينة الصنمين والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الإقبال على شراء الحطب لا يزال محدوداً حتى الآن، خصوصاً مع استمرار حالة الدفء في الأجواء، وهو أمر سرعان ما سيتغير مع أول موجة برد تدخل البلاد، على حد قوله.
وتتفاوت أسعار الحطب وفقًا لنوعه وجودته، إذ يُعتبر حطب الزيتون والسنديان الأفضل والأغلى، فيما يلجأ البعض إلى أنواع أرخص لتغطية حاجاتهم، وخصوصاً تلك المتاحة من حطب السرو والكينا.
ويقول التاجر إن كميات الحطب المتوافرة والمعروضة هذا العام أقلّ من السنة الماضية، بفعل الرقابة على نقل وتجارة الحطب، ما يزيد من احتمالات نقص المعروض وارتفاع الأسعار مجدداً، مشيراً إلى أنّ سعر الطن الواحد يتراوح بين ومليونين ونصف إلى ثلاثة ملايين ليرة، بحسب النوع والجودة، وهو سعر أقل مما كان عليه في الموسم الماضي حيث سجل سعر الطن الواحد حينها خمسة ملايين ليرة.
ويتجاوز الاحتياج من الحطب لزوم التدفئة، الطنين خلال الموسم، وعليه فإن فاتورة الاستهلاك تتجاوز هذا العام 5 ملايين ليرة، هذا إذا ظلت الأسعار محتفظة بمستواها ولم تطرأ عليها زيادة كما كان يحصل عادة في مواسم سابقة.
ويكشف التاجر عن أن جزءاً ليس بالهين مع أسعار الحطب تذهب لتكاليف النقل، سيما وأن غالبية الحطب تأتي من خارج المحافظة، فضلاً عن انخفاض الكميات المعروضة في السوق خصوصاً من حطب الزيتون.

الزيتون والحراج يدفعان ضريبة الدفء

يؤكد معظم باعة الحطب الذين تواصلت معهم “الحرية”، أن حطب الزيتون يعد أكثر الأصناف رواجاً في ميدان تجارة الحطب في المحافظة.
وكشف محمود أبو زيد أحد باعة الحطب أن الزيتون، حافظ على مستوى الصدارة من حيث السعر والجودة، نظراً لقابليته العالية للاشتعال، مشيراً إلى أن المعروض من هذا الحطب في الأسواق يأتي بطرق نظامية، فمع تعاقب سنوات الجفاف وقلة الرعاية المقدمة لأشجار الزيتون من قبل أصحابها، وجدت مساحات واسعة من الأشجار طريقها إلى التحطيب، حسبما يقول.
ووفقاً لأرقام الموسم الماضي فإن ما يقارب 60 ألف دونم من المساحات المزروعة بالزيتون خرجت من الإنتاج في المحافظة حينها، وذلك بسبب يباس الأشجار وتلفها نتيجة الجفاف، ما دفع أصحابها إلى تحطيبها وبيعها لتجار الحطب.

وبالرغم من ان أشجار الزيتون تشكل النسبة الأكبر من الحطب المعد للتجارة في المحافظة والأكثر طلباً أيضاً، إلا أن الأصناف الحراجية لم تسلم من التحطيب هي الأخرى، إذ تحضر أصناف كالكينا والسرو في محال بيع الحطب وبأسعار أرخص، أو يتم خلطها بحطب الزيتون لتمريرها.
ويوضح أبو زيد أن أسعار الحطب الحراجي تقل عن أسعار حطب الزيتون بنسبة 30% حيث يصل سعر الطن الواحد إلى مليون ونصف ليرة.
وتعرضت الثروة الحراجية خلال السنوات الماضية إلى تعديات “صارخة”، وهو ما دفع الجهات المعنية إلى اتخاذ تدابير للحد من القطع الجار للأشجار والمتاجرة بحطبها، ووفقاً لتاكيدات مديرية الزراعة بدرعا، فإن تنسيقاً وتعاوناً مع قوى الأمن الداخلي، من أجل الحجز على أي آلية مستخدمة بقطع الأشجار الحراجية، وكذلك السيارات المحملة بالأحطاب المهربة من المحافظات الأخرى التي لا تحمل رخص نقل لهذه المنتجات.
ونقلت “الحرية” عن رئيسة دائرة الحراج المهندسة وسام الشحادات قولها، إن عناصر الضابطة الحراجية لدى المديرية تقوم بتكثيف جولاتها على المواقع الحراجية والطرق لقمع المخالفات قبل حدوثها، وخاصةً أن الموسم أصبح ضمن احتمالية حدوث قطعيات للأشجار الحراجية، علماً أنه تم خلال الفترة الماضية الفائت تنظيم عدد من الضبوط الحراجية”.
وبينت أن فرق التربية والتنمية تعمل على تجميل الطرقات ضمن المحافظة، وذلك من خلال تشذيب الأشجار وقطع اليابس منها وتهيئة الظروف الملائمة لإعادة زراعة الأماكن الخالية من الأشجار في موسم التحريج.

المفاضلة الصعبة

بين المازوت والحطب ينشغل المواطن بتحديد أولوياته، ويقف حائراً في المفاضلة بينهما بل ومنتظراً ما قد تحمله الايام من انفراجات مأمولة، وإلا سيظل يحسب حساباً لكل ليتر من المازوت أو لكل قطعة حطب يجري حرقها لينعم ببعض الدفء.

Leave a Comment
آخر الأخبار
علامة فارقة في مسار إعادة الاعمار.. المشاركة السورية  بمبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض 2025  خسارة نادي الرواد أمام قرطاج تونس في بطولة الأندية العربية للسيدات بكرة الطائرة طلاب جامعة الفرات يحتجون على قرار إلغاء الاستضافة .. ورئيس الجامعة يعد بمتابعة الموضوع بعد قافلة الأمل 3.. وحدة الدعم والاستقرار تخطط لتسيير قوافل إضافية لعودة العائلات النازحة أيقونة للتحول.. روبوت «مفتاح الازدهار» يسرق الأضواء في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» يوحد جهود قادة العالم بتحقيق الازدهار.. النسخة التاسعة من مؤتمر “مستقبل الاستثمار” تشهد إعلاناً مهما... الخوارزميات تنشر تحديات الشهرة "الهابط".. عندما تتحول الكرامة إلى عملة رقمية والخير إلى "ترند" المنتدى الاقتصادي في الرياض... بوابة لتعزيز الاستثمارات في سوريا سوريا تعود إلى الخريطة الدولية من بوابة مبادرة الاستثمار السعودية اتحاد كرة القدم يعلن قبول أوراق قائمتي فراس تيت وجمال الشريف ويرفض القوائم الباقية