الحرية- حسام قره باش:
يتركز الاهتمام البحثي حالياً في البحوث الزراعية على نقاط ثلاث تخص المياه والتغيرات المناخية وتدهور الأراضي، فبحسب الدراسات العلمية تتجه المنطقة بشكل عام نحو الجفاف وتغير مناخي قوي مع التنويه بعدم اعتبار هذا العام مقياساً لكل السنوات، وإنما تعد سنة استثنائية من حيث الجفاف الشديد فيها، ليس لدرجة التشاؤم الحالية التي يروّج لها البعض بأن دمشق ستكون بلا مياه في عام 2050، حسب توضيح مدير إدارة الموارد الطبيعية في هيئة البحوث الزراعية الدكتور منهل الزعبي في حديثه لـ “الحرية”.
تدهور رهيب
في هذا السياق، نبَّه الزعبي إلى خطورة تدهور الأراضي نتيجة التغير المناخي وتسرب الكربون المحتجز في التربة الذي نخسره كمادة أساسية يجهلها الكثيرون بمن فيهم أهل العلم، حيث ينتقل من التربة إلى الجو بسبب ارتفاع درجات الحرارة والممارسات الزراعية الخاطئة، ما يؤدي إلى فقدان مخزون الكربون الجزائي للأرض والذي لا يعوض مخزونه لمئات السنين، مبيناً متابعة العمل على هذا الموضوع الهام وإنجاز خريطة للكربون في سوريا واعتمادها من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في إيطاليا بشكل عام، وعالمي ومحاولة توجيه كل الأعمال إلى حجز هذا الكربون والتمسك به وعدم انطلاقه وإغنائه، مشيراً إلى ممارسات زراعية خاطئة كما شاهد في أحد مناطق حلب، حيث يزرعون دورة زراعية قمح ثم ذرة ثم قمح ثم ذرة، وهذا برأيه مجهد للتربة ودون أي إضافات عضوية لإغنائها، وبالتالي يعد الأمر قاتلاً للأرض وينتج عنه فك حجز الكربون وانبعاثه للجو وخسارته.
ووفقاً للزعبي فإن حل المشكلة يكون باتباع ممارسات زراعية صحيحة وإغناء الأرض بالمخلفات العضوية كالكومبوست أو السماد العضوي وإغنائها بدورة زراعية سليمة لوقف تدهور هذا الكربون وتسربه للجو.
أبحاث منفذة
كما نوَّه الزعبي بأن أغلب الأبحاث نُفِذت على أرض الواقع، إنما تحتاج للتوسع فيها، حيث جرى إنتاج أصناف مقاومة للجفاف في بحوث المحاصيل وحالياً تزرع هذه الأصناف مثل صنف دوما 6 ودوما 1 في كل المحافظات وتم تسليمها لمؤسسة إكثار البذار، ورغم أنها مناسبة كثيراً للمناطق الجافة إلا أنها بحاجة إلى الري التكميلي في كل مناطق الاستقرار الثانية بسبب الجفاف الحاصل هذا العام.
وركز على تقنية التسوية بالليزر وتنفيذها حالياً على حقول الفلاحين في حلب على مساحة 200 هيكتار وفي حماه 100 هيكتار وفي الغوطة 130 هيكتاراً ويجري حالياً متابعة الخطة على تطبيق هذه التقنية على 100 هيكتار في منطقة الغاب مع وجود إقبال كبير من الفلاحين على هذه التقنية، كاشفاً عن تقنية جديدة ابتكرت من سنتين وهي “الري السطحي المطور” وتنفيذها على حقول المزارعين في حلب وتمويل تنفيذها في غوطة دمشق من قبل الفاو وحالياً ستنفذ هذه التقنية في إدلب على محصول القطن.
وفي السياق ذاته، لفت الزعبي إلى تنفيذ تقنية حصاد مياه الأمطار المنفذة مسبقاً والتي تنفذ حالياً على حقول الفلاحين في حمص وحماه على مساحة 1800 هيكتار بتمويل من الفاو، إذ إنها توفر المياه لسقاية الأشجار وخاصة الزيتون والفستق الحلبي وتؤدي لزيادة الإنتاج كثيراً وتحجز مياه الأمطار وتثبت التربة من الانجراف وخاصة في الأراضي المائلة والزراعات البعلية.
وقال مدير إدارة الموارد الطبيعية: نفذنا أيضاً تقنية الزراعة الحافظة في عدة مناطق كالسلمية وحماة واللاذقية في حقول التفاح والزيتون وكانت النتائج ممتازة وتبناها الفلاح لكونها توفر أجور الفلاحات الغالية وتزيد من إنتاجية الشجرة.
أبحاث مجمدة
بالمقابل، توجد أبحاث أنجزت تجريبياً ونجحت 100٪ إلا أنها جُمدَت وبقيت حبيسة الأدراج لمزاجيات وبيروقراطية المسؤولين عن إقرارها في حكومة النظام البائد، كأبحاث زراعة الأرز الهوائي الذي نجحت تجربة زراعته 100٪، كما أكد الزعبي بقوله: نحن كمؤسسة بحثية نفذنا البحث وحصلنا على إنتاج جيد وباحتياج مائي قليل لكن الحكومة السابقة لم يكن همها أن توفر قسم من احتياج المواطنين لهذه المادة المهمة غذائياً التي تستورد بالكامل، حيث طبقنا البحث في سهل عكار ونقلناها للفلاحين وقد طبقت على هيكتار واحد وأعطى إنتاجية من 5-6 أطنان وباحتياج مائي 9 آلاف متر مكعب من المياه للهيكتار، مضيفاً إنه تم إيقافه من أحد الوزراء السابقين في النظام المخلوع بحجة أنه سيكون بديلاً لمحصول آخر أساسي واحتياجه المائي كبير.
وتابع: توجد أيضاً أبحاث الاحتياجات المائية وحددنا لكل محصول احتياجه المائي إلا أنه لحد ما لم ينفذ حالياً، متمنياً من الحكومة الجديدة التخطيط لاستخدام ذلك لإعطاء كل نبات حاجته من المياه وبالتالي نحصل على إنتاج جيد وتوفير كميات كبيرة من المياه، إضافة إلى العمل على موضوع الري الذكي مناخياً الذي تم البدء فيه ويحتاج للتركيز عليه.