الحرية- هبا علي أحمد:
في ظل التحدّيات الاقتصادية التي تواجه سوريا، يمثل قطاع الذهب والمعادن الثمينة وصناعة الحلي أحد الموارد الحيوية القادرة على دعم الاقتصاد الوطني. ويأتي تشكيل الهيئة العامة لإدارة المعادن الثمينة في سوريا(انطلقت دون قرار إحداث)، واللقاءات الرسمية مع الجانب الأذربيجاني، كمؤشر على توجه جديد نحو تفعيل هذا القطاع ضمن إستراتيجية تكامل اقتصادي إقليمي.
من المتوقع أن يُسهم التعاون السوري- الآذري في تنشيط حركة الصادرات السورية من المشغولات الذهبية إلى السوق الأذربيجانية
بوابة عبور للمنتجات السورية
يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، أنه من المتوقع أن يُسهم التعاون السوري- الآذري في تنشيط حركة الصادرات السورية من المشغولات الذهبية إلى السوق الأذربيجاني، ما يُعزز من قيمة الميزان التجاري السوري ويُقلّل من اعتماده على الأسواق التقليدية.
كما يُمكن لأذربيجان أن تشكل بوابة عبور للمنتجات السورية نحو أسواق آسيا الوسطى، ما يوسع من نطاق التجارة الخارجية السورية.
ويوضح الخبير قوشجي في تصريح لـ”الحرّية” أن تصدير الذهب والمشغولات الثمينة يؤدي إلى تدفق العملات الأجنبية نحو السوق السورية، ما يسهم في دعم احتياطي الذهب لدى المصرف المركزي السوري، ويعزز من قدرة السلطات النقدية على التدخل في سوق الصرف.
.. هذا التدفق قد ينعكس إيجاباً على استقرار سعر صرف الليرة السورية، خاصة إذا تم اعتماد آليات دفع مباشرة أو عبر وسطاء ماليين.
تصدير الذهب والمشغولات الثمينة يؤدي إلى تدفق العملات الأجنبية بما يسهم في دعم احتياطي الذهب ويعزز من قدرة السلطات النقدية على التدخل في سوق الصرف
متطلبات التعاون
يتطلب التعاون تطوير أدوات مصرفية جديدة، تشمل اتفاقيات تبادل عملات، فتح حسابات مراسلة، واعتماد آليات دفع إلكترونية؛ هذه الأدوات وفقاً للدكتور قوشجي من شأنها أن ترفع من كفاءة النظام المالي السوري وتُقلّل من تكلفة التحويلات، ما يُعزز من قدرة القطاع المصرفي على دعم التجارة الخارجية.
بناء على ماسبق يفتح التعاون الثنائي المجال أمام إدخال تقنيات حديثة في التصنيع والتصميم، وتنظيم ورش تدريبية للحرفيين السوريين، ما يرفع من مستوى الإنتاج المحلي.
.. كما يُتوقع أن يؤدي إلى تحسين ظروف عمل الورش الصغيرة وزيادة قدرتها التنافسية، رغم احتمال ظهور تحديات تتعلق بالامتثال لمعايير الجودة والتصدير.
هيئة لإدارة المعادن
وبطبيعة الحال يتطلب الأمر إحداث هيئة مختصة، من هنا يُمثل تشكيل هيئة مستقلة مالياً وإدارياً خطوة جوهرية لتنظيم هذا القطاع، وضبط السوق، ومنع التهريب، وتعزيز الشفافية. كما يُمكن أن تسهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، شريطة إجراء إصلاحات تشريعية وضريبية ملائمة.
تشكيل هيئة لإدارة المعادن الثمينة في سوريا مستقلة مالياً وإدارياً خطوة جوهرية لتنظيم هذا القطاع وضبط السوق ومنع التهريب وتعزيز الشفافية
تحديات تسعيرية
تحدّيات عدة أمام التعاون السوري- الآذري في مجال الذهب والمعادن الثمينة، يستعرضها قوشجي على النحو التالي:
•ارتفاع أسعار الذهب في سوريا مقارنة بالسوق العالمية قد يضعف القدرة التنافسية للمشغولات السورية في الأسواق الخارجية، ومنها السوق الأذربيجانية.
•إذا لم تُعالج هذه الفجوة عبر تنظيم أجور الصياغة أو تقديم دعم حكومي للورش الصغيرة، فقد يجد المنتج السوري صعوبة في اختراق السوق الأذرية التي تتمتع بخيارات استيراد متعددة.
..لذلك لا بدّ من تعويم سعر الذهب باعتماد آلية تسعير العالمية ما يؤدي إلى ورود كميات كبير من الذهب الخام وتصنيعه وتصديره وتحقيق فائض في كمية الذهب والاحتياطي الأجنبي في الاقتصاد السوري
ونوّه قوشجي بأن التعاون السوري الأذربيجاني في قطاع الذهب والمعادن الثمينة يمثل فرصة إستراتيجية لتعزيز الاقتصاد السوري، وتحقيق تكامل إقليمي ودعم الاستقرار النقدي.
ويتطلب نجاح هذا التعاون تفعيل البنية التشريعية، وتطوير الأدوات المصرفية، وتحديث البنية التحتية اللوجستية، بما يضمن استدامة الفوائد الاقتصادية على المدى الطويل.