ظاهرة التعدي على منابع الثروة السمكية بالصيد الجائر مستمرة رغم التحذيرات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد زكريا:

لم تكن ظاهرة التعدي على منابع الثروة السمكية بالحديثة أو وليدة اللحظة إنما هي مستمرة منذ زمن بعيد، حيث لم تستطع الإدارات السابقة للهيئة العامة للثروة السمكية، من وضع حد لهذا التعدي، على الرغم من التحذيرات والتنبيهات المستمرة، والكشف المتلاحق عن خطورة ” الصيد الجائر ” أو المخالف أو الصيد العشوائي والذي يحصل غالياً في أوقات تكاثر الأسماك، هذه الظاهرة أدت على مدار السنوات الماضية إلى تناقص كبير في المخزون السمكي وبالتالي تراجع في الإنتاجية.

مؤشرات رقمية

وفي القراءة الرقمية للبيانات والمؤشرات الصادرة عن الهيئة العامة للثروة السمكية ضمن تقريرها الدوري الأخير، يرى المتتبع تراجعاً في المخزون السمكي خلال السنوات الماضية، إذ تشير الأرقام إلى ان أن كمية إنتاج الأسماك في سوريا للعام الماضي، بلغت نحو 19,185 طناً، منها 2,787 طناً من الأسماك البحرية، و11,365 طناً من الأسماك العذبة، و4,865 طناً من أسماك الصيد ضمن المسطحات المائية العذبة، في حين وصل الإنتاج للعام 2023، إلى نحو 17,006 أطنان، فيما المخطط للعام الحالي يصل لإنتاج 18,150 طناً، بالتأكيد تقارب أرقام الإنتاجية، ما يعني استمرارية الحاجة إلى الاستيراد للسمك المجمد والمعلب في ظل محدودية الإنتاج، وأنه نتيجة تنامي الطلب على الأسماك كعنصر غذائي، سعت الهيئة خلال السنوات الماضية إلى التوسع في مشاريع الاستزراع السمكي كبديل لتلبية الطلب المتزايد.

مجموعة مخاطر

وأشار التقرير إلى أن الثروة السمكية تتعرض لمجموعة من المخاطر، أهمها التغيرات المناخية التي كان لها الأثر السلبي على الاستثمارات السمكية، ما أدى إلى خروج عدد من المزارع من الخدمة ونفوق أعداد كبيرة من الأسماك بسبب انخفاض منسوب المياه وجفافها أحياناً في بعض الأنهار والسدود، وهو ما أوجب تقييد استخدام المياه ووضع خطط استزراع سنوية تراعي أولويات الشرب والري، فضلاً عن الاقتصاد غير المستقر وارتفاع تكاليف تأمين مستلزمات المزارع البحرية، والصعوبات في تأمينها، وضعف في التقنيات الحديثة في الصيد والتربية وعدم كفاية التدريب للصيادين على أساليب الصيد المستدامة.

سعي حكومي

مدير الهيئة العامة للثروة السمكية المهندس إياد خضرو أشار إلى أن الحكومة تعمل على وضع خطط إستراتيجية لدعم وتنمية هذا القطاع من خلال إعادة تأهيل وتطوير البنى التحتية، وزيادة الأماكن المخصصة لإقامة مشاريع مزارع سمكية بحرية، وتخفيض التكاليف عن طريق الإنتاج المحلي للإصبعيّات (صغار الأسماك) والأعلاف، وتوفير الدعم الفني والتقني، والتوجّه نحو الاستزراع المكثّف ضمن الأقفاص العائمة والمسطحات المائية، وزيادة مفرخات الأسماك.
مؤكداً أن العمل جارٍ لاستكمال تأهيل المزارع التابعة للمؤسسة للنهوض بالعملية الإنتاجية في “مزرعة مركز أبحاث السن، شطحة، الروج، عين الطاقة، قلعة المضيق، سعلو”. كما إن الهيئة تسعى إلى إعادة تأهيل نقاط الحماية والمراقبة التابعة لها بما يساهم في التخفيف من التعديات (الصيد الجائر، الصيد المخالف)، والتنسيق مع الموارد المائية لزيادة المسطحات المائية التي يمكن استثمارها من قبل الهيئة، وتشجيع الصيد البحري خارج المياه الإقليمية وزيادة عدد المحميات البحرية، مضيفاً أن الهيئة تخطط لإنتاج 4 ملايين إصبعية من الكارب والمشط والسلّور، بهدف تلبية حاجة المربين والمزارع الحكومية ورفع الطاقة الإنتاجية للقطاع السمكي.

حلول ممكنة

الخبير الزراعي المهندس محمد الطويل أشار لـ (الحرية) إلى أنه يمكن اللجوء إلى بعض الحلول الممكنة بغية تجاوز المشكلات التي تعوق تقدم وتطور الثروة السمكية في سوريا أهمها تحسين جودة المياه والحفاظ على البيئة من خلال تطبيق برامج لحماية المياه من التلوث وزيادة الرقابة على الصناعات الزراعية والصناعية، إضافة إلى فرض قوانين لمكافحة الصيد الجائر من خلال تنظيم مواعيد الصيد، وتحديد أنواع معدات الصيد المسموح به، وتشديد الرقابة على مناطق الصيد أثناء التكاثر، إلى جانب تطوير البنى التحتية من خلال تحديث مرافئ الصيد، فضلاً عن إقامة دورات تدريبية للصيادين، حول الأساليب المستدامة وتقنيات التربية الحديثة، وفتح المجال للمستثمرين المحليين والأجانب في استزراع الأسماك وتطوير هذا القطاع، كما إن من الضروري دعم الدراسات العلمية حول الموارد السمكية وتطوير برامج استزراع الأسماك وترميم المواطن الطبيعية للأسماك.

Leave a Comment
آخر الأخبار