الحرية – لوريس عمران:
تواجه محافظة اللاذقية اليوم تحدياً جوهرياً يتمثل في ربط مخرجات التعليم المهني بحاجات سوق العمل المحلي، بما يضمن استثماراً فعّالاً لرأس المال البشري ويسهم في تحريك عجلة الاقتصاد. ومع تزايد إقبال الشباب على المسارات المهنية والتقنية، تبرز الحاجة إلى سياسات عملية تعزز هذا التوجه وتجعله أكثر التصاقاً بمتطلبات الواقع الإنتاجي.
الربط مع سوق العمل.. مفتاح النجاح
أكد الدكتور علي ميا الخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية، أن تطوير التعليم المهني لم يعد خياراً بل ضرورة اقتصادية واجتماعية.
وأوضح في تصريح لـ”الحرية” أن ربط المناهج التدريبية باحتياجات قطاعات حيوية مثل الصناعات الغذائية، والإنشاءات البحرية، والخدمات السياحية، يسهم في تخريج كفاءات جاهزة للعمل الفوري، لافتاً إلى أهمية إجراء دراسات دقيقة لسوق العمل المحلي لمواكبة التطورات وضمان استثمار فعلي للطاقات البشرية.
المشاريع الصغيرة.. بوابة الإنتاج المحلي
من جهته، أشار بسام علي الاختصاصي في التدريب المهني إلى أهمية توجيه طاقات الشباب نحو مشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة، مبيناً أن دور حاضنات الأعمال في دعم هذه المشاريع من خلال تقديم الدعم الفني والإداري والمالي، يسهم في تحويل المهارات المكتسبة إلى إنتاج ملموس في السوق.
د. ميا: ربط المناهج التدريبية باحتياجات قطاعات حيوية يسهم في تخريج كفاءات جاهزة للعمل الفوري
وأضاف أن التجارب الميدانية أثبتت أن المتدربين الذين يخضعون لتطبيق عملي منتظم يكتسبون مهارات إضافية تعزز فرصهم في سوق العمل وتقلص فجوة التشغيل.
شراكات مع القطاع الخاص.. التدريب من أجل التشغيل
بدوره، أكد كنان حسن المسؤول في قطاع التعليم التقني أن الشراكات مع القطاع الخاص تمثل حجر الأساس في تمكين الشباب من دخول سوق العمل بثقة، موضحاً أن عقود التدريب والتشغيل المباشر تمنح الطلاب خبرة واقعية وتتيح لهم الانخراط في بيئة إنتاجية منذ اليوم الأول بعد التخرج. كما لفت إلى أن هذه الشراكات تخلق بيئة محفزة للتعلم المستمر والتطور المهني داخل المحافظة.
نماذج ناجحة.. قصص من الواقع المحلي
وتُظهر تجارب فردية في اللاذقية نجاح هذا التوجه، حيث تمكن عدد من خريجي المعاهد الصناعية من افتتاح ورش صغيرة في عدة مجالات مثل التمديدات الكهربائية والميكانيكية، فيما نجحت خريجات المعاهد الفندقية في الحصول على فرص عمل ضمن منشآت سياحية محلية.
رؤية مستقبلية متكاملة
تؤكد هذه النماذج أن التعليم المهني قادر على توفير مسارات مهنية ناجحة، متى ما توفرت البيئة الداعمة والفرص المناسبة للتطبيق العملي.
ويبقى الأمل معقوداً على تكامل السياسات التعليمية والاقتصادية؛ لتحويل التعليم المهني إلى أداة استراتيجية في بناء الكفاءات ودفع عجلة التنمية في المحافظة والبلاد عموماً.