الحرية – نهلة أبو تك:
يسعى الشباب السوري اليوم للانطلاق نحو سوق العمل، لكن الطريق لا يزال محفوفاً بالعقبات الاجتماعية والتقليدية التي تجعل النجاح مرتبطاً بالشهادة الجامعية. بينما يعاني سوق العمل المحلي من نقص حاد في العمالة الماهرة في النجارة، الكهرباء، الميكانيك، البناء، والصناعات التقنية، تبرز الحاجة الملحة إلى التعليم المهني كخيار استراتيجي لإعادة تأهيل الكفاءات ودعم الاقتصاد الوطني في مرحلة إعادة الإعمار بعد سنوات الحرب.
ضغط التقاليد يبطئ التطور
يؤكد أحد المدربين في مجال التدريب المهني أن العديد من الطلاب لديهم ميول للمهن العملية، لكن الأهالي يصرون على دخول الجامعات، باعتبار الشهادة الجامعية رمزاً اجتماعياً للنجاح. هذا التناقض يخلق فجوة كبيرة بين حاجة السوق والكوادر المتاحة، ما يؤدي إلى خريجين بلا مهارات عملية مقابل سوق يفتقد العمالة الفنية. يقول محمد علي، خبير في التدريب المهني: النتيجة هي خريجون جامعيون بلا خبرة عملية، بينما المشاريع الإنشائية والصناعية تحتاج إلى أياد ماهرة. اليد التي تعمل تصنع الفرق أكثر من أي شهادة.

المغتربون… خبرة عملية ناجحة
أثبت السوريون المغتربون أن الاحتراف لا يُقاس بالرتبة الاجتماعية أو الشهادة الجامعية، بل بالمهارة والخبرة العملية. من كهربائيين وفنيي صيانة سيارات إلى مبرمجين وعمال بناء، نجح المغتربون في دول المهجر وأكدوا أن الكفاءة المهنية هي أساس النجاح والاعتماد على الذات.
محمد علي يضيف:
الشباب الذين نجحوا في الخارج أحق بأن يعودوا لبلدهم لتطبيق خبراتهم في إعادة الإعمار. الكفاءات المهنية هي العمود الفقري للنهضة الاقتصادية.
قصص النجاح هذه تشجع الشباب السوري على الاستثمار في مهاراتهم اليدوية والتقنية، وتحفزهم على بناء مشاريع صغيرة توفر فرص عمل مستدامة داخل البلاد.
تطوير التعليم المهني لاحتياجات السوق
يرى المختصون أن تطوير القطاع المهني يحتاج إلى ثلاث خطوات أساسية:
. مناهج تعليمية متوافقة مع السوق: بمشاركة أصحاب المهن والشركات لضمان تأهيل الطلاب بالمهارات المطلوبة.
. تدريب عملي مكثف: في الورش والمعامل والمشاريع الواقعية لاكتساب خبرة حقيقية.
. تعزيز ثقافة المهنة في المجتمع: من خلال إبراز قصص نجاح حقيقية داخل سوريا وخارجها، وتغيير النظرة التقليدية التي تقلل من قيمة المهن اليدوية.
يؤكد محمد علي: المعاهد تمنح الأساس، لكن السوق هو المدرسة الحقيقية. الشباب يحتاجون بيئة تعليمية وتجريبية متكاملة لتطبيق مهاراتهم عملياً.
قصص نجاح داخلية وخارجية
من بين قصص النجاح المحلية، شاب من اللاذقية تدرب على صيانة الأجهزة الكهربائية، ثم سافر إلى أوروبا للعمل في ورش متخصصة واكتساب خبرة واسعة. عند عودته إلى سوريا، أسس مشروعاً لتدريب الشباب وتقديم خدمات الصيانة، وخلق فرص عمل لعشرات الشباب المحليين.
تشير الإحصاءات إلى أن مشاريع إعادة الإعمار تحتاج سنوياً إلى آلاف الكوادر الفنية، ما يجعل الاستثمار في التعليم المهني ضرورة وطنية لإحياء الاقتصاد وتوفير فرص عمل مستدامة.
التعليم المهني خيار استراتيجي للمستقبل
مع ارتفاع نسب البطالة، أصبح التعليم المهني ليس مجرد مسار بديل، بل ضرورة وطنية واقتصادية. الكوادر الفنية توفر مهارات جديدة لسوق يعاني نقصًا حاداً، وتفتح للشباب فرصاً لدخل مستقر وعمل واسع داخل وخارج البلاد.
السوق السوري اليوم أرضية خصبة لاستيعاب الكوادر الماهرة. إعادة الإعمار تحتاج إلى أيادٍ سورية ماهرة، والخبرة العملية هي العامل الأهم للنجاح، يقول محمد علي:
التعليم المهني هو العمود الفقري لأي اقتصاد ناشئ.السوق السوري اليوم بحاجة ماسة إلى أيادٍ ماهرة لتكون جزءًا من مرحلة النهضة والبناء بعد التحرير، ويعتبر الاستثمار في المهارات العملية للشباب خطوة استراتيجية نحو مستقبل مزدهر.