التّصحُّر يحاصرنا ..!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض: 

كلُّ ما يُقال عن تحقيق الأمن الغذائي بأساليب وأدوات وخطط كانت ناجعة قبل عدة سنوات؛ لم يعد مفيداً اليوم؛ مع تزايد موجات الجفاف التي بدأت باجتياح سوريا منذ الأيام الأولى للقرن الواحد والعشرين؛ كجزء من ظاهرة مناخية عالمية امتدت تأثيراتها لتشمل بلادنا.
لقد أصبح الجفاف معضلة مستشرية تحاصر معظم المحافظات لدرجة بتنا نشهد تراجعاً ملحوظاً في المحاصيل الزراعية الرئيسية, مثل القمح والشعير والقطن؛ بل تفاقم الجفاف خلال الموسم الحالي – بعد الشح المتراكم في معدلات الهطل المطري وتراجع منسوب المياه السطحية والجوفية – ليحصد مساحات شاسعة من الأراضي كانت إلى وقت قريب تُزرع بالخضروات والفواكه والنباتات العطرية والطبية؛ ما يتطلب من الحكومة الجديدة الالتزام قولاً وفعلاً بوضع استراتيجيات زراعية واضحة وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع للتخفيف من تبعات الجفاف، نظراً لما يمثله القطاع الزراعي من أهمية كبرى على معيشة معظم الأسر السورية سواء على مستوى توفير فرص العمل لأفرادها وتحسين دخولهم المادية؛ أو على مستوى تغطية حاجة السوق الداخلية من المنتجات الزراعية المحلية.
وبالمقابل يرى مختصون أن “التغيرات المناخية لم تكن السبب الوحيد لزيادة معدلات الجفاف في سوريا، فقد أدى الإفراط في استهلاك المياه – خاصة في قطاع الزراعة الذي لا يزال يعتمد على أساليب تقليدية – في استنزاف الموارد المائية المتاحة، وأيضاً فاقم تأثيرات الجفاف غياب التخطيط السليم لإدارة الموارد الطبيعية، والأضرار الكبيرة التي لحقت بشبكات الري، ومحطات ضخ المياه خلال السنوات الماضية، وزاد في الطين بلة العقوبات الغربية التي كان لها آثار سلبية كبيرة على جميع مناحي الحياة في سوريا ومنها المياه والزراعة”..
وفي ظل هذا الوضع البيئي السيئ القائم؛ وربما المستمر لاحقاً؛ لابد من ابتداع خطط مستقبلية توفر لنا جميعاً – حكومة ومزارعين – إمكانيات تجعلنا قادرين على تحسين الواقع المائي والزراعي، وتالياً تحقيق الأمن الغذائي، وفق تطبيق معايير معتمدة دولياً للتكيف مع الجفاف من أهمها:
– تطوير منظومة رصد ومتابعة دقيقة تقوم على دمج المؤشرات المناخية مع معطيات الغطاء النباتي باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونماذج المحاكاة المناخية.
– اعتماد خطط زراعية مرنة مناخياً، مثل زراعة أصناف مقاومة للجفاف، وتحديث تقنيات الري، وتأهيل الأراضي المتدهورة للحد من التصحر، من أجل زيادة المساحات الخضراء وتشجيع الزراعة الحضرية منخفضة الاستهلاك المائي.

– التوسع بالمساحات الزراعية؛ وتوفير الدعم الحكومي اللازم  لذلك؛ مع تطوير البنى التحتية ووضع الخطط بناء على الاستدامة واحتياجات البيئة.

– تطوير أنظمة الإنذار المبكر للكوارث المناخية، وتدريب الكوادر السورية على استخدام أدوات التنبؤ المناخي، وتقنيات الزراعة الذكية مناخياً، ما يساعد على تحسين الاستجابة المبكرة، وتقليل الخسائر في القطاعات الحيوية كالمياه والزراعة، فضلاً عن توفير التمويل الكافي لدعم صغار المزارعين لتبني تقنيات مستدامة.

Leave a Comment
آخر الأخبار