الحرية- إلهام عثمان:
لم يعد خافياً أن التكنولوجيا الرقمية أصبحت نبض الحياة، وتحولت شبكات التواصل إلى أدوات حاسمة في صناعة النجاح، إذ تحدث ثورة حقيقية في سلوك المستهلكين وتوسع الوصول للمنتجات بسرعة غير مسبوقة، لكن هل يتوقف النجاح على استراتيجيات مدروسة وفهم عميق للجمهور، مع تقديم محتوى يوازن بين المصداقية والجاذبية؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في عالم التسويق الرقمي.
خبيرة نفسية وتربوية: عالم التسويق فن يتطلب مهارات عالية وخططاً منظمة تضمن الوصول إلى الشريحة المستهدفة بشكل فعال
فن التسويق
وفي هذا السياق، كشفت المستشارة والخبيرة النفسية والتربوية، مجد آلوسي، في حوار مع صحيفة “الحرية”، عن أهم الاستراتيجيات التي ينبغي أن تتبعها الشركات والأفراد لضمان وصول المنتج بشكل مضمون وفعال للجمهور المستهدف، فمن بين أبرز تلك الاستراتيجيات، أهمية بناء مصداقية حقيقية على أرض الواقع، والتعرف بدقة على الفئات المستهدفة، وتوجيهها بشكل مباشر من خلال وسائل التواصل أو الإعلانات، عبر تخطيط حقيقي ووضع خطة ممنهجة بعيداً عن العشوائية.
– التركيز على إبراز فوائد المنتج من وجهة نظر “المستفيد”
ففي عالم التسويق الرقمي، يعتبر التفاعل هو المفتاح من خلال محتوى موثوق، بسيط، وجذاب يخلق جسور الثقة ويزيد الولاء، إذ إن التسويق عبر وسائل التواصل ليس مجرد عرض منتجات، بل هو (فن)، يتطلب مهارات عالية وخططاً منظمة تضمن الوصول إلى الشريحة المستهدفة بشكل حقيقي وفعّال، بهدف تحقيق أعلى العوائد في سوق يتسم بالتغير المستمر.
-عرض الحالات المستفيدة بشكل واقعي بعيداً عن الفلاتر والتزييف لضمان نجاح المشروع الطبي أو أي خدمة تعتمد على الثقة والمصداقية.
قياس النجاح
وهنا أوضحت آلوسي، أن قياس النجاح لا يقتصر فقط على زيادة الطلب على المنتج، بل يشمل أيضاً الثناء عليه، والتمكن من طرحه بشكل محترف وبسيط على وسائل التواصل الاجتماعي، مع التركيز على إبراز فوائد المنتج من وجهة نظر “المستفيد”، فكلما زاد الطلب على المنتج، كان ذلك دليلاً واضحاً على تحقيق النجاح، خاصة وأن وسائل التواصل تعتبر نافذة مفتوحة للجميع. ومع ذلك، تشدد آلوسي على ضرورة توفر شروط أساسية للنجاح، أبرزها المصداقية أولاً، وتجنب الإفراط في عرض المنتج ثانياً، مع تنويعه ثالثاً، بهدف الحفاظ على تفاعل المتابعين ومنعهم من الشعور بالملل الناتج عن التكرار.
أخطاء متكررة
أما الخطر، فيكمن في العشوائية، والأخطاء الشائعة التي تهدد الصورة، على رأسها الاعتماد على أساليب قديمة أو الإفراط في التكرار، هذا ما بينته آلوسي، من خلال عدة نقاط مهمة منها: الاعتماد على أسلوب غير احترافي وعشوائي، وهو ما يعود في غالب الأحيان إلى قلة الخبرة وضعف المهارات التواصلية ولغة الجسد لدى بعض المسوقين غير المؤهلين، هذا النهج، الذي يفتقر إلى الاحترافية، يؤدي إلى نفور الجمهور، ويشتت اهتمامهم، ما ينعكس سلباً على الطلب ويضعف فرص النجاح.
وبحسب آلوسي من الضروري أن تكون خطوات التسويق مدروسة جيداً، وأن يكون الشخص المسؤول عن عرض المنتج مؤهلًا ويملك الكاريزما ومهارات الاتصال الجيدة، كما ينبغي استخدام أساليب متنوعة لعرضه، وتجنب تكراره بشكل مفرط، فمثلاً يجب أن يعرض لمرة واحدة خلال الأسبوع، مع اختيار ألوان لطيفة وجذابة لضمان نجاح الحملة، فمفتاح النجاح يكمن دائماً في الدراسة الدقيقة للخطوات.
محتوى مؤثر
أما عن مدى تأثير المحتوى التفاعلي، مثل الفيديوهات القصيرة والمحتوى التفاعلي، ووفقاً لرأي آلوسي، فهو أثر حقيقي وفعال بشكل كبير، إذ يساعد على تعريف الجمهور بالمنتج وبيان مدى تأثيره على المستفيد، وهنا تؤكد بدورها ضرورة أن يكون عرض الفوائد من خلال تجربة حقيقية وشفافة، خاصة في مجالات مثل مراكز التجميل أو الطب، حيث يتوجب عرض الحالات المستفيدة بشكل واقعي، بعيداً عن الفلاتر والتزييف، لضمان نجاح المشروع الطبي أو أي خدمة تعتمد على الثقة والمصداقية.
تحليل بيانات
وفي السياق ذاته لفتت آلوسي إلى أن التحليل الدقيق للبيانات يمثل أداة فعالة لفهم سلوك الجمهور، وتحسين استراتيجيات التسويق عبر وسائل التواصل، تبرز من خلال رصد التعليقات وتقييم مدى تأثيرها، فمن خلالها يمكن للشركات تعديل خططها بشكل مستمر، مع ضرورة تجاهل التعليقات السلبية والاهتمام بالملاحظات الإيجابية، والعمل على وضع خطط متنوعة ومتطورة تتواكب مع التطور الحقيقي للسوق.
وختمت آلوسي: إن استقراء الاتجاهات وتحليل البيانات بشكل دقيق يمنح الشركات فرصة لتحسين أدائها وتحقيق نجاح مستدام، شرط الابتعاد عن العشوائية والأخطاء التي قد تهدد مستقبلها، لتطوير استراتيجيات مستمرة، لضمان ريادة واضحة في السوق، وتجاوز الأخطاء القديمة، نحو مستقبل أكثر إشراقاً في عالم الواقع الافتراضي.