الحرية – محمد فرحة:
فقدت البادية السورية جلّ مقوماتها الإيكولوجية في مختلف المحافظات السورية، في ظل الظروف المناخية القاسية، كالجفاف الذي يتسبب في غياب الكلأ عن المراعي الطبيعية، وكذلك الفلاحة والاحتطاب الجائر للمحميات، وأصبحت بأمسّ الحاجة إلى الدفع بقوة لإحياء مشاريعها، وخاصة البنية التحتية وحفر المزيد من الآبار وإقامة السدات المائية.
حال البادية السورية في كل من محافظة حماة وحمص ودمشق وريفها وغيرها من المحافظات، كان محور حديث صحيفة الحرية المطول مع المدير العام للهيئة العامة لتنمية البادية المهندس بيان العبد الله.
البادية بحاجة إلى تنمية المراعي ومجتمعها المحلي، بهذا العنوان بدأ المهندس العبدالله حديثه وأضاف: إن الظروف المناخية القاسية كالجفاف وانحباس الأمطار المسيطرة على المناطق الشرقية والبادية تحديداً، تركت أثراً سلبياً قوياً على المراعي، بل على كل مقوماتها ومواردها الطبيعية الإيكولوجية، ما جعل الكلأ والنبانات الرعوية في حالة صعبة، بل أحجمت عن إنباتها ووجودها في بعض المواقع.
ووصف مدير عام تنمية البادية ما يجري في مناطق ومواقع مختلفة منها بتصرف غير حسن من قبل الأنشطة البشرية، في حين يفترض إدراك خطورة أي محاولة للعبث بها، سواء أكان لجهة الفلاحة أم الرعي الجائر والتركيز على موقع صغير وزيادة حمولته من القطعان، فضلاً عن التطاول على المحميات الطبيعية، كل ذلك يسهم ويسرّع في تدهورها بكل محتوياتها.
من هنا يرى ضرورة تطوير ديناميكيتها النباتية من خلال استزراع المزيد من النباتات الرعوية وحفر الآبار.
إذاً ما المطلوب؟
يجيب المهندس العبد الله بأنه لابد من التركيز على الإدارة العلمية والعملية في إدارة الموارد الطبيعية المتاحة. مشيراً إلى أنه حيال ذلك، عملت الهيئة من خلال مديرياتها المركزية والفروع في تسع محافظات للتركيز على تنمية المجتمع المحلي، وتنمية الموارد الطبيعية ، وتعزيز البنية التحتية.
أربعة مشاريع
كما تطرق العبد الله إلى إقامة أربعة مشاريع في البادية بمختلف المحافظات، مثل حفر عددٍ من الآبار
باعتبار وجود المياه يعني استقرار المقيمين فيها، وكذلك تجديد وتجهيز الموجودة منذ سنوات وتجهيزها بالمعدات والطاقة الشمسية، وهناك مشروع إقامة محميات طبيعية، ومشروع تطوير البنى التحتية.
تثبيت الكثبان الرملية
وتطرق العبد الله إلى أنه تم في العام المنصرم إنتاج مليون غرسة رعوية متنوعة، تتأقلم وتناسب البيئة الصحراوية للبادية، وذلك في خمسة مشاتل خصصت لهذه الغاية.
زد على ذلك تم استزراع مايقارب ٢٥٠٠ هكتار في محمية الناصرية لتثبيت الكثبان الرملية في بادية ريف دمشق، واستزراع في محمية حايل الرمان في بادية الرقة وحزام “الصرّ” في بادية حلب، آملاً أن يغيثنا الله بالمطر لتبقى كل هذه المشاريع والمحميات ومشاتلها شاهدة على تطوير وتحسين واقع البادية.
حقول رعوية
ولعل الشيء الجميل، حسب وصف العبد الله، هو توزيع غراس رعوية لإقامة حقول بهذا الخصوص خاصة بالمربين في منطقة الاستقرار الرابعة في كل من حماة وحمص وريف دمشق بهدف زيادة رقعة المراعي لتحسين واقع المربين اقتصادياً.
وختم مدير عام هيئة تطوير البادية حديثه بأنه تم تأهيل العديد من آبار المياه من أجل استقرار المقيمين هناك، مع توفير متطلباتهم ومتطلبات القطعان هناك.
بالمختصر المفيد: إن توافرت الظروف المناخية الملائمة من أمطار وعناية بشرية، ستكون البادية نقطة ثقل بالنسبة للمربين وقطعان الأغنام.
فهل نشهد عودة هذه القطان بعد تدهورها وتهريبها، وهي التي كانت تسهم إلى حد كبير في دعم اقتصادنا؟