الجمعيات السكنية والاختبار الصعب.. هل من نتائح تحوّل حلم امتلاك منزل إلى حقيقة؟

مدة القراءة 9 دقيقة/دقائق

الحرية – وليد الزعبي:
الحاجة إلى إكمال مشاريع الجمعيات السكنية ليست ترفاً، بل ضرورة ملحة فرضتها الظروف بعد التحرير، نتيجة بدء عودة الكثير من المهجرين إلى أرض الوطن، حيث زاد ضغط الطلب على المنازل على قلتها من جراء الضرر الكلي أو الجزئي الذي لحق بها في عدة مناطق، كما أن الكثير من البيوت غير المتضررة التي عاد أصحابها وطالبوا بإخلائها من مستأجريها، وكل ذلك فاقم الإيجارات بشكل جنوني لدرجة أن بعض أصحاب البيوت أصبحوا يطلبون في مدينة درعا مثلاً من ٢٠٠ إلى ٣٠٠ دولار وحتى ٤٠٠ دولار إيجاراً للشقة الواحدة.

تعثر بعض مشاريع الجمعيات بدرعا.. وارتفاع التكاليف العائق الأكبر

سكنوها “على العظم”

ولا تستغربوا أن البعض من المكتتبين على مسكن ضمن بعض الجمعيات السكنية، ونظراً لضيق حالهم وعدم مقدرتهم على تدبر الأجور الملتهبة للشقق السكنية، اضطروا إلى السكن المؤقت في شققهم المخصصين بها، بالرغم من أنها لا تزال على الهيكل للتخلص من عبء الإيجارات، وهذا ينبغي أن يكون حافزاً كبيراً للجمعيات السكنية لتعاود انطلاقتها وتباشر باستكمال أعمال أبنيتها بشتى السبل والوسائل، بعد بذل كل الجهود لتذليل الصعوبات من خلال التواصل والتنسيق الوثيق مع أعضاء هيئاتها والتعاون مع الجهات ذات العلاقة.

جهالة بعض العناوين

رئيس جمعية المهن المختلفة عوض أبا زيد ذكر لصحيفتنا الحرية، أن لدى الجمعية مشروعين أحدهما في ضاحية الصحافه والآخر في بلدة النعيمة، ويتألف الأول من ثلاث كتل فيها ٤٠ شقة وقبو مخصصة للأعضاء، وهي قيد الإنشاء وجاهزة للإفراز، ونسبة التنفيذ تقريباً ٨٠٪، والثاني على الهيكل وفيه ٤٨ شقة وخصص الأعضاء فيه، ومن الصعوبات وجود بعض الأعضاء المخصصين خارج القطر وعناوينهم مجهولة، وهناك جهود تبذل للتواصل معهم من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الأعمال، أما بالنسبة للأضرار التي لحقت ببعض الأبنية فهي بسيطة.

الأضرار التي لحقت بالأبنية متفاوتة حسب منطقة وجودها.. والنظر في التعويض أمل المكتتبين

ولجهة الصعوبات، ذكر أبا زيد أنها تتمثل بعدم التزام الأعضاء بدفع الأقساط، ولو تم الالتزام لكان جرى التسليم قبل نهاية العام، لافتاً إلى أن لدى الجمعية ثلاثة محاضر عند خزان الضاحية، ويمكن الإعلان عن الاكتتاب ضمنها والمباشرة بالإجراءات والتراخيص التي تخصها.

ارتفاع باهظ للتكاليف

وبدوره رئيس جمعية الزوية السكنية بدرعا زياد عبد المحسن، أوضح أن مشاريع الجمعية تتواجد في منطقة النعيمة العقارية، ومشروعها الأول تم الانتهاء منه وتسليم كافة الشقق لمستحقيها وتسجيلها بأسمائهم لدى المصالح العقارية، أما المشروع الثاني المؤلف من ستة كتل بعدد ٤٠ شقة، فإن أعماله بالمراحل الأخيرة، وسوف يتم الإعلان عن المشروع الثالث قريباً ودعوة جميع الأعضاء للمباشرة بالعمل، علماً أن عدد الأعضاء المسجلين لدى الجمعية ١٥٦ عضواً، وهناك من تم تخصصه منهم وهناك من ينتظر التخصيص، فيما توزيع الشقق يتم حسب دور الأفضلية.

جل المكتتبين من ذوي الدخل المحدود.. ما يصعب عليهم تحمل الأقساط المترتبة حسب القيم الحالية

ولفت إلى أن الصعوبات تتمثل بارتفاع أسعار المواد وتوقف القروض بالبنوك العقارية، وعدم القدرة على التواصل مع بعض الأعضاء بسبب التهجير والسفر خارج البلاد، وعدم القدرة على شراء الأراضي بسبب ارتفاع أسعارها، على أمل أن يتم النظر بإمكانية تخصيص الجمعيات بأراضي من ملاك الوحدات الإدارية أو أملاك الدولة لتسهيل إيجاد سكن للمواطنين من أصحاب الدخل المحدود.

الإشغال أوقفه

رئيس جمعية الصحافة المهندس فرحان العبد الله، ذكر أن لدى الجمعية إثنين من المشروعات، الأول مشروع سجنه مؤلف من ٢٢ كتلة، كل واحدة منها مكونة من ٧ طبقات بإجمالي ٣٨٥ شقة، ونسبة التنفيذ في المشروع تبلغ ٥٠٪، وقد كان يشغله جيش النظام البائد قبل التحرير، وتوقف العمل فيه لهذا السبب، والثاني تم الانتهاء منه جوار الضاحية غربي مدينة درعا.

تقدير جديد للتكلفة

ومن جهته أمين الصندوق وعضو مجلس إدارة جمعية الصحافة عبد الله صبح، أوضح أنه تم مؤخراً تشكيل لجنة من أجل التقدير الجديد لتكلفة المتر المربع على الهيكل وللإكساء الخارجي، وستتم مراعاة الدفعات السابقة قبل عام ٢٠١١ والفروقات بالدولار التي طرأت على المواد ومستلزمات البناء ما بين ٢٠١١ و٢٠٢٥، وسيتم الإعلان عن الدفعات المترتبة على كل متخصص بالجمعية من أجل إكمال الإكساء الخارجي لأغلبية المحاضر البالغة نسبتها ٧٠٪ من إجمالي المشروع وتحتاج الكساء الخارجي فقط، فيما هناك محاضر سيتم الإقلاع بها من البداية وبوتيرة متسارعة إذا كان هناك تجاوب من قبل المكتتبين.
وأضاف صبح: الجمعية غير ربحية حيث يتم تسليم البناء على العظم مع تقطيع بلوك وإكساء خارجي، وهي مصممة ضد الزلازل، وهناك تجاوب من الأعضاء لأن الحصول على بيت من الجمعية في النهاية يوفر على المكتتب المستفيد نصف التكلفة وأكثر مما هي عليه بالقطاع الخاص وتجار الأزمات.

قيد التنفيذ

وبدوره المهندس يوسف فروخ رئيس جمعية الرازي، ذكر في تصريح لـ”الحرية” أن العمل بدأ في المشروع عام ٢٠٠٧ وتوقف عام ٢٠١١ بسبب الأوضاع التي مرت بها البلاد، ويبلغ عدد أعضائها الكلي ٦١٣ عضواً، ولديها مشروع واحد يضم ٣٠٠ شقة لاتزال قيد التنفيذ وجميعها مخصصة، حيث تم حتى تاريخه بناء ٢٢٠ شقة على الهيكل وبقي ٨٠ شقة تحتاج إلى بناء، وفي بداية ٢٠٢٤ تم استئناف العمل بعد انتخاب مجلس إدارة للجمعية وتجديد رخص البناء في مجلس مدينة درعا وتصديق المخططات في نقابة المهندسين، وقد تعرضت أبنية الجمعية للأضرار ما دفع للتقدم بطلب لمجلس مدينة درعا للكشف عليها.

انطلاق اجتماع الهيئات العامة للجمعيات وتقييم الواقع ورسم الرؤى القادمة للإكمال

أما أهم الصعوبات حسب الفروخ، فمن المعلوم أن هدف إحداث الجمعيات هو تأمين سكن بسعر التكلفة، لذلك كانت الجمعيات تنفذ بالأمانة قديماً، إلا أن صدور القرار رقم ١١٢٠٣ لعام ٢٠٢٣ عن رئاسة الوزراء المتضمن الموافقة على توصية لجنة الخدمات وفحواها أنه لا يجوز تنفيذ أي رخصة بناء إلا من خلال مقاول معتمد، حيث زاد هذا الأمر من سعر التكلفة والأعباء المالية بشكل أرهق الأعضاء، والمرجو من وزير الإسكان في الحكومة الحالية إعادة تقييم هذا القرار والسماح لمجالس الجمعيات التنفيذ بالأمانة، بهدف تخفيف الأعباء المالية التي زادت من سعر تكلفة الشقق وإرهاق الأعضاء.

التفعيل ضرورة

اجتمعت الهيئات العامة للعديد من الجمعيات السكنية في محافظة درعا، ولا سيما الصحافة والمسقبل والرازي والمهن المختلفة والزوية والأشغال، وهناك اجتماعات قادمة لجمعيات أخرى. حسبما ذكر مدير التعاون السكني في درعا محمد العقلة، وذلك بهدف إعادة تفعيل نشاطهم المتوقف، لافتاً إلى أن تلك الاجتماعات شهدت إقبالاً من أعضاء الهيئات والمكتتبين والمخصصين رغبةً منهم بإكمال مشاريع الجمعيات المكتتبين فيها على مساكن لكونهم بحاجة ملحة للحصول على المسكن بعد أن أعيتهم الإيجارات وأصبحت تفرض بقيم تفوق المعقول.

أسباب كثيرة

وذكر العقلة أن أسباب كثيرة تسببت بتوقف قسم كبير من الجمعيات عن العمل وتباطؤ عمل أخرى، ومنها الظروف التي كانت سائدة بسبب النظام البائد، والضرر الذي ألحقه بمشاريع الجمعيات في كل من بلدات اليادودة وعتمان والنعيمة والشيخ مسكين، وخروج أعداد لا بأس بها من أعضاء الجمعيات خارج القطر ما يصعب التواصل معهم لإيفاء التزاماتهم تجاه الجمعية المنسبين إليها، وكذلك الارتفاع الكبير جداً في أسعار مواد البناء وأجور النقل والذي أثر سلباً وبشكل كبير تجاه صعوبة إكمال المشاريع السكنية، وخاصة أن المنتسبين إلى هذه الجمعيات من ذوي الدخل المحدود.
وعرض العقلة لأمثلة على الأضرار الكبيرة التي لحقت بأبنية الجمعيات، ولا سيما جمعية النخبة في الشيخ مسكين، وجمعية السكك الحديدية في عتمان وغيرها من الجمعيات بنسب أضرار متفاوتة.

مقترحات يمكن النظر بها

ولفت إلى أن ثمة مقترحات تأمل الجمعيات النظر بها، منها التعويض عن الأضرار التي لحقت بأبنيتها نتيجة الظروف التي مرت بها المحافظة واعتداءات قوات النظام البائد، وإحداث صندوق للإسكان مهمته إقراض الجمعيات السكنية وتقديم الدعم لها كي تتمكن من إنجاز مشاريعها المتوقفة والمتعثرة، كما أن هناك حاجة لإصدار التعليمات التنفيذية للقانون ٣٧ لعام ٢٠١٩ بما يخص التصرف بأموال الاتحادات التعاونية السكنية المنحلة بموجب هذا القانون والمودعة لدى المصرف العقاري، وإعادة توزيع المحاضر المخصصة للجمعيات المنحلة إلى الجمعيات الفعالة والتي بحاجة إلى محاضر.

Leave a Comment
آخر الأخبار