الجنائزيات الموسيقية ألحان للموتى

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – إدريس مراد:

الموسيقى الجنائزية، أو كما تعرف بالمارشات الجنائزية، هي نوع من المؤلفات الموسيقية التي تعزف في الجنازات أو تخليداً لذكرى الموتى، غالباً ما تتسم هذه الأعمال بطابع حزين، ورسمي، وتستخدم في المناسبات الرسمية أو الشخصية المرتبطة بالحداد، وتؤدى للتعبير عن الحزن والفقد، نغمتها حزينة أو تأملية، وإيقاع بطيء ووقور، يأتي جزء كبير منها على السلم الصغير لإيصال مشاعر الحزن والوداع، كما تحمل أحياناً رمزية دينية أو روحية، تعكس الإيمان بالحياة الآخرة أو الخلود، وفي بعض الثقافات تستخدم موسيقى معينة للدلالة على مرور الروح أو للراحة الأبدية.

– تسعى هذه الموسيقى إلى توفير أجواء من الخشوع والتأمل.. لتخفف من وطأة الحزن

آلات موسيقية معينة

يستعين أصحاب هذه الموسيقى بآلات موسيقية معينة مثل الكمان والبيانو وأحياناً الكورال “الجوقة” وفي الطقوس الكنسية تستخدم آلة الأورغن.
وتسعى هذه الموسيقى إلى توفير أجواء من الخشوع والتأمل، لتخفف من وطأة الحزن وتساعد على تقبل الفقد، كما قد تتضمّن فترات من الصمت أو الوقفات الطويلة، وإذا كانت موسيقى جنائزية غنائية، فتتناول مواضيع مختلفة كالفقدان والذكرى والأمل والدعاء للمتوفى.

– إذا كانت موسيقى جنائزية غنائية .. تتناول مواضيع مختلفة كالفقدان والذكرى والأمل والدعاء للمتوفى

تختلف الموسيقى الجنائزية باختلاف التقاليد ففي الغرب هناك الكثير من المؤلفين الموسيقيين الكبار الذين كتبوا أعمالاً في هذا السياق مثل “مارش جنائزي” لشوبان وأعمال باخ الجنائزية، وفي جزء من آسيا تستخدم آلات تقليدية مثل الناي أو الطبول الهادئة لتقديم ألحان معبرة ومؤثرة.

– في جزء من آسيا تستخدم آلات تقليدية مثل الناي أو الطبول الهادئة لتقديم ألحان معبرة ومؤثرة

أعمال من كل العصور

في المكتبة الموسيقية العالمية هناك العديد من الأعمال الجنائزية ينتمي بعضها إلى عصر الباروك والمراحل الكلاسيكية من الموسيقى وتعزف من قبل كل الفرق السيمفونية في العالم بسبب أو من دونه منها سيمفونيتنا الوطنية السورية ومن أهم وأشهر الجنائزيات الموسيقية في التاريخ، نذكر المارش الجنائزي للمؤلف فريدريك شوبان وهو المقطع الثالث من سوناتا البيانو رقم 2 كتبه عام 1839، وتتسم بلحن حزين، تعزف غالباً في الجنازات الرسمية، حيث استخدمت في جنازات شخصيات بارزة مثل ونستون تشرشل وجون كينيدي، كما عزفت في جنازة شوبان نفسه عام 1849 بتوزيع أوركسترالي جديد.
وهناك المارش الجنائزي للمؤلف لودفيج فان بيتهوفن وهو الحركة الثانية من السيمفونية الثالثة “إيرويكا”، ألفه بين عامي 1803 و 1804 وتعتبر من أشهر المارشات الجنائزية في الموسيقى الكلاسيكية، طابعها تأملي وحزين ذات تعبير درامي، غالباً ما ينظر إليها كتكريم بطولي للراحلين.

– في المكتبة الموسيقية العالمية هناك العديد من الأعمال الجنائزية منها تنتمي إلى عصر الباروك والمراحل الكلاسيكية

بين موتزارت وفيردي

أما قداس الموتى لفولفغانغ أماديوس موتزارت، أحد أعظم الأعمال الموسيقية في التاريخ، توفى موتزارت قبل أن إنهائه فأكمله تلميذه فرانز زوسماير بناءً على مسودات لموتزارت، وغالباً ما تؤدى هذه التحفة الموسيقية الكلاسيكية في المراسم الدينية الجنائزية.
وكتب جوزيبي فيردي قداس الموتى عام 1874 وهو أحد أعظم الأعمال الدينية الدرامية في تاريخ الموسيقى الغربية وجاء على عكس الموسيقى الجنائزية التقليدية حيث يتميز بطابع أوبرالي ضخم يجمع بين الدراما الأوبرالية والجلال الديني، شهير بحركته “يوم الغضب” ذات التأثير القوي، وغالباً ما يعزف في مناسبات الحداد الكبرى.
ويمكن أن نذكر قداس الموتى لغابرييل فوريه وهو مختلف أيضاً عن قداسات الموتى التقليدية، إذ يحمل طابعاً هادئاً ومواسياً أكثر من كونه مرعباً أو درامياً.
وأيضاً الموسيقى الجنائزية “أداجيو للوتريات” للمؤلف الأمريكي صامويل باربر الذي كتبها سنة 1936، وهي قطعة وترية بطيئة وعاطفية استخدمت في جنازات مثل جنازة فرانكلين روزفلت والأمير رينييه الثالث وجون كينيدي، والنسخة الأصلية تعود للحركة الثانية من الرباعية الوترية رقم1 ولكن النسخة الشهيرة هي التي أعاد باربر توزيعها للأوركسترا الوتريات عام 1938، يبدأ بلحن بسيط يتكرر ويتصاعد تدريجياً مع طبقات أوركسترالية كثيفة وتأتي الذروة في منتصف القطعة وكأنها صرخة صامتة، ثم تهدأ الموسيقى تدريجياً لتصل إلى الصمت، تعبيراً عن النهاية أو الموت.

Leave a Comment
آخر الأخبار