الحرية- فردوس دياب:
تحديات كبيرة تواجهها الحكومة السورية الجديدة، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد بعد تحريرها من النظام البائد الذي نهب خيراتها وثرواتها لأكثر من خمسة عقود.
اختيار مدروس
كيف يمكن للحكومة النجاح في مهمتها؟، وكيف لها أن تواجه التحديات والصعاب؟ في ظل واقع صعب ومهلهل من كل النواحي، كان محور لقاء صحيفة الحرية مع الدكتور جلال مبارك عضو الهيئة التدريسية في كلية التربية والاختصاصي في المناهج التربوية وطرائق التدريس، والذي استهل حديثه بالقول: إن الحكومة الانتقالية الحالية ضمت أسماء وشخصيات كبيرة متخصصة، وذات تحصيل علمي عالي وتخصص دقيق في كل المجالات، ولديها خبرات وشهادات دولية في مختلف المفاصل العاملة في المنظمات الدولية، وهذا يعكس الوعي الوطني الكبير للسيد رئيس الجمهورية أحمد الشرع بالتحديات الكبيرة التي تواجه سوريا على كل الصعد، لذلك كان اختياراً مدروساً وواعياً، منوهاً بأن الحكومة الجديدة تواجه نوعين من التحديات، الأول تحديات داخلية والثاني خارجية.
وبالنسبة للتحديات الداخلية، يشرح الأستاذ الجامعي أهمها، ويبدأ بالنهوض باقتصاد البلد وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، حيث راتب أي موظف بالدولة لا يتجاوز 50 دولاراً بالشهر، وهذا يعني أن جميع الوزارات الحالية، ليس لديها موارد تمكن من زيادة الناتج القومي للبلد، وبالتالي زيادة الدخل الشهري للمواطن ، وهذا يتطلب دراسة للواقع الراهن في سوريا.
دعم الناتج الوطني
من هنا فإنه يتوجب على الحكومة الجديدة، حسب الدكتور مبارك، إيجاد بدائل جديدة لدعم الناتج القومي في سوريا، وأهم هذه القطاعات التي يجب أن تركز الحكومة الجديدة عليها هي: القطاع الزراعي، لما له من أهمية في دعم الاقتصاد وتحقيق الأمن الغذائي الذاتي للبلد، وأيضا دعم القطاعين الصناعي والتجاري والذي من الممكن أن يفيد في جذب القطع الأجنبي من الخارج وتأمين الصادرات إلى الدول الاخرى، حيث أن الدعم الاقتصادي للبلد يأتي من الصادرات، وليس من الواردات، لذلك يجب على الحكومة أن تقوم بتحسين عجلة الصادرات في كل القطاعات الصناعية والزراعية والاقتصادية، وخاصة دول الجوار، كالعراق والأردن والسعودية، لأن ذلك سيؤدي إلى تحسن الناتج القومي للبلد، وبالتالي تحسن الظروف المعيشية ورواتب الموظفين.
الدكتور مبارك: دعم القطاعين العام والخاص والاستثمار في طاقات الأجيال القادمة
وأكد الدكتور مبارك أن من أهم التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة داخلياً هي: مسألة القطاع العام كونه مترهلاً منذ أيام النظام البائد، بسبب البيروقراطية والفساد والرشاوى والمحسوبيات، وذلك من خلال الاستفادة تستفيد من تجارب القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال، فإن البنوك الخاصة، ورغم الحرب والأحداث التي صارت في سوريا، استمرت بعملها وبكامل طاقتها وإنتاجيتها، بينما فشلت البنوك الحكومية التابعة للدولة فشلاً ذريعاً، وذلك نتيجة الفساد والترهل الإداري والبيروقراطي والرشاوى التي كانت مستشرية، لذلك نجد أن القطاع الخاص حارب هذه السلوكيات والممارسات الخاطئة والمدمرة بكل مؤسساته.
جهود الإعمار
وأوضح الدكتور مبارك أنه يحب على الحكومة الجديدة زرع بذور جيل واع يتمتع بكل مقومات النجاح والبناء، وهذا يبدأ بتسليط وتوجيه الجهود الحكومية نحو الاهتمام بوزارتين مهمتين جداً، هما وزارتا التربية، والتعليم العالي، لما لهما من دور إيجابي وفعال في بناء جيل متعلم قادر على توظيف ما تعلمه من خبرات في بناء الوطن، وذلك من خلال الربط بين التعليم وسوق العمل، و التنسيق المدروس بين وزارتي التربية من جهة، والتعليم العالي من جهة أخرى، لأن مخرجات وزارة التربية ستتابع مسيرتها العلمية والتخصصية في وزارة التعليم العالي، لذلك يجب أن يكون هناك خطة لتحقيق التوازن بين الوزارتين.
وبالنسبة للتحديات الخارجية، بين الأستاذ في كلية التربية أنها تتمثل في كسب الدعم العربي والدولي، إضافة الى المساعدات الخارجية ومساعدات المنظمات الدولية والتي من شأنها أن تسهم في نهوض البلد، كذلك السعي لجذب المستثمرين السوريين والعرب لدعم جهود إعادة الإعمار، وخلق بيئة اقتصادية مناسبة لجذب هذه الاستثمارات والمستثمرين السوريين من خارج سوريا، وذلك انطلاقاً من الإيمان واليقين بأن سوريا لديها الكثير من المقدرات ورأس المال البشري القادر على النهوض باقتصاد البلد.
وختم مبارك حديثه بالقول إن التحديات كبيرة ولكنها تصغر وتتلاشى بوجود إرادة حقيقية ، لكن الأمر يتطلب الصبر والتأني والعمل بجد وإخلاص.