الحكومة الجديدة وسلم الأولويات الجسام.. فرص تحقيق أهداف واعدة في ظل إدارة وطنية مخلصة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – وليد الزعبي:

ليست باللائحة الهيّنة أو السهلة تلك المدرجة على سلم أولويات الحكومة الجديدة، إذ إنها محفوفة بالتحديات الناجمة عن تركة دمار ثقيلة خلفها النظام البائد، والتي تتطلب إدارة رشيدة وكفوءة للموارد البشرية والمادية المتاحة عبر خطط قصيرة وطويلة الأجل معدة بعناية ومحددة الأهداف مع ضرورة التقييم والتقويم وفق برامج زمنية للتأكد من صوابية المسار وعدم انزياحه عن تلك الأهداف، وعقد تحالفات إقليمية ودولية داعمة للاستقرار والنمو في مختلف المجالات، ولا شك أن الأفق مفعم بالأمل لنهضة طالما حلمنا بها، إذ إننا تخلصنا من نظام الفساد والاستبداد وأصبحنا في ظل عهد جديد همه الأوحد مصلحة الوطن والمواطن وإعادة البناء والنماء في مختلف المجالات، وإعادة المكانة المرموقة لسوريا وشعبها.

عميد كلة التربية الثالثة الدكتور هاشم عدنان الفشتكي أوضح في تصريح لصحيفة الحرية، أن أولويات الحكومة الجديدة تتمثل في إعادة الإعمار، وهذا لا ينحصر فقط بإعمار الحجر بل أوسع من ذلك، فالبنى التحتية هي شرط لازم لكنه غير كافٍ.

وقال: يجب أولاً أن يبدأ الإعمار من إعادة بناء الدولة، دولة القانون دولة المؤسسات دولة تكنوقراط من الخبراء، وفي حال وجود أشخاص غير أكفاء وغير مناسبين فهذا لا شك يشكل خطراً جسيماً على الدولة لا يقل عن الأخطار الأمنية نظراً للنتائج الناجمة عن ذلك، وكذلك بناء دولة العدل والعدالة، وهو الذي يحتاج بدوره لبناء مؤسسات تتعلق بذلك كالقضاء المفصول عن وُحول السياسة والحزبية، وكذلك الشرطة والأجهزة الأمنية المؤهلة تأهيلاً رفيعاً واستبعاد العناصر غير الكفوءة مهما كان، ودولة مكافحة الفساد وتبييض الأموال، دولة محاربة التهريب والترويج، فلا يجب السماح لملاك الأموال أن يتحكموا بمفاصل الدولة، ولعلنا نستفيد من كياسة الفاروق رضي الله عنه، فالمحسوبيات والواسطات وأهل الحل والعقد حسب الكفاءة الصارمة، وأشدد على ذلك، ومراقبة المسؤولين بعدم شخصنة واستغلال المناصب القيادية لذوي القربى، إذ إنه خلافاً لذلك سنكون مرّة أخرى نعيد البناء على أساس من القطن والسحابات الخيالية.

وأكد الدكتور الفشتكي أن الحرب التدميرية التي شنها الأسد ونظام البعث أهلكت الحرث والنسل ودمرت الاقتصاد، فلا بد من أن يتم بناء الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات، لقد كانت الكلفة باهظة والخسائر بالأرواح والدماء والجرحى المصابين والمعوّقين، فضلاً عن تدمير الممتلكات من المباني السكنية والمؤسسات والأراضي الزراعية، الأمر الذي يجب إيلاؤه العناية الفائقة.

وأضاف عميد الكلية: يجب إعادة بناء ركائز الدولة ومؤسساتها وسلطتها على أسس سليمة، فيما كلفتها الباهظة تفوق التدمير جرّاء الخسائر الفادحة حيال التهريب وتبييض الأموال والترويج وقطع العلاقات الخارجية، وضرب الاقتصاد الأبيض على حساب الاقتصاد الأسود النامي، وهدر ما تبقّى من الثقة الداخلية والخارجية وسرقة أموال المودعين وهدر أموال الدولة.

وشدد على ضرورة أن علينا إعادة الإعمار ليس فقط ما دُمّر في هذه الحرب العدوانية الأخيرة، لكن ما دمّرته الحرب أيضاً على مدى سنوات وعقود من عمر الدولة السورية ومؤسساتها المهترئة واستبعاد المنظرين والمهربين والفاسدين وقليلي الكفاءة، فنحن لا نحتاج لخطباء بل لخبراء.

ولفت إلى إنّ إعادة الإعمار تبدأ بإعادة بناء الثقة الدولية، وخصوصاً علاقاتنا الأخوية مع الدول العربية، ودول الخليج كما مع كل الدول الأخرى، انطلاقاً من أنّ سوريا هي مهد الحضارات والتبادل التجاري منذ الأزل، وكذلك إعادة الإعمار بالاعتماد على بناء خطط إستراتيجية شفّافة قصيرة المدى وبعيدة المدى لإعادة تصنيف  الدولة السورية من دولة فاشلة لدولة ريادية على صعيد الشرق الأوسط والعالم، ووضع الخطط لإغناء البنك المركزي وحمايته من  الإفلاس المبطّن، وبناء إستراتيجية واضحة لإخراج سوريا من العزلة السياسية عن العالم، وتطرق إلى أولوية نشر الجيش العربي السوري على كل الأراضي السورية والمعابر والحدود، ليصبح الحامي الوحيد للأرض والشعب والاقتصاد، ويَحمل بيَده سلاحاً موحّداً.

والمهم أيضاً حسب رأي عميد الكلية إعادة ثقة المستثمر والمبتكر والريادي، لأنّ استثماراته وإنماءها سيفوق أي مساعدات مالية نطلبها، فالإنماء وحده يُعيد الإعمار، وسوريا تكاد تكون الدولة العربية الوحيدة التي تتميز بتنوع مصادر الخيرات فيها، فالمصادر الطبيعية والزراعة والصناعة تتطلب تشجيع عودة التجار والصناعيين وفتح المعامل والمصانع من جديد، كما وأن الحجر الأساس لإعادة الإعمار هو إعادة بناء الثقة بين الشعب والقيادة وتوحيد المجتمع السوري بكافة أطيافه وألوانه، والثقة بين الدولة السورية ومصداقيتها مع المجتمع الدولي، بتنفيذ الإصلاحات المرجوّة منذ عقود، وإعادة بناء قطاع زراعي صناعي مصرفي شفاف وقوي يُعيد الثقة المتدنية ويُنهي اقتصاد الكاش ويُعيدنا إلى

المنصات المالية الدولية بمراقبة وتدقيق شفّاف.

وفي المحصّلة ختم د. الفشتكي: قبل إعادة بناء الحجر علينا إعادة بناء العقول والقلوب والأذهان والإنسان والتخلص من الرؤى النتنة المختبئة وراء الطائفية والعقول المغلقة، وعلينا إعادة بناء الاحترام والقبول بالدولة الوحيدة بعيداً عن عقلية الفصائل أو الفئوية والمناطقية قبل إعادة بناء الحجر، وكذلك إعادة بناء الإنسان السوري الذي تميز عبر القرون الغابرة بالريادة بالعلوم والتجارة والحنكة وبُعد النظر، لأنّ الثقة هي التي ستكون الحجر الأساس لإعادة البناء على أسس ثابتة، لذا نتمنّى أن تكون أولوية الحكومة الجديدة أولاً وأخيراً، إعادة بناء دولة حقيقية مؤسساتية عادلة وقوية ومستقلّة استقلالاً حقيقياً، تحت عنوان واحد وهو المصلحة الوطنية ضمن السياق العربي والإسلامي بجيش قوي مؤهل، ويجب العمل على استعادة الأرض المحتلة والعمل على ذلك بالوسائل الدبلوماسية ضمن الأروقة الدولية وكافة الوسائل الممكنة.

Leave a Comment
آخر الأخبار