الحرية- رشا عيسى:
يمثل السلم الأهلي ركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك ومستقر يعتمد تعزيز الحوار ونبذ ثقافة الانتقام والثأر، وهما خطوتان حاسمتان لتحقيق هذا الهدف في سوريا، حيث إن استمرار دوامة العنف والانتقام يعمق الجراح الاجتماعية ويهدد استقرار المجتمع.
حوار شامل
الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي المهندس باسل كويفي أكد في تصريح لـ(الحرية) أهمية الحوار كأداة للتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع السوري (عرقية، دينية، سياسية) ما يساعد على بناء الثقة وتجاوز الخلافات، مبيناً أهمية إجراء حوار شامل يضم جميع الأطراف دون استثناء أو تهميش أو إقصاء، ويساهم في تعزيز الوحدة الوطنية عبر منصات حوار مفتوحة، يمكن للسوريين فيها مناقشة القضايا المشتركة، مثل بناء أحزاب سياسية وفق قانون عصري جديد، إعادة الإعمار، العدالة الانتقالية، والمصالحة، موضحاً أن العمل على تفعيل مبادرات مجتمعية هام جداً عبر تنظيم جلسات حوار محلية في المدن والقرى يمكن أن يساعد على تقليل التوترات وتعزيز التفاهم بين الأفراد وبناء الثقة بينهم وبين المجتمع والدولة.
نبذ ثقافة الانتقام
إلى جانب الحوار الحقيقي والفعال، يجب العمل على نبذ ثقافة الانتقام والثأر، لأنها أداة في تدمير المجتمع وتؤدي إلى استمرار العنف، وتفتيت النسيج الاجتماعي، وإعاقة جهود التنمية والاستقرار -كما أوضح كويفي- حيث إن توعية المجتمع ضرورة حتمية، عبر نشر ثقافة التسامح والعدالة من خلال التعليم، الإعلام، والمبادرات الثقافية التي تؤكد على قيم التعايش والسلام، مع إنشاء آليات للعدالة الانتقالية، (لجان الحقيقة والمصالحة) لضمان محاسبة عادلة دون اللجوء إلى الانتقام الشخصي.
بسط سلطة القانون
إن للقوانين وتحديثها دور أساسي في بسط سلطة القانون وسيادته بما يضمن حماية حقوق جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم، على أن تكون القوانين عادلة، شفافة، ومطبقة على الجميع دون تمييز، ضمن منظومة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية وفق مبدأ فصل السلطات وفقاً لكويفي إضافة إلى أن أهمية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لتكون شاملة ومهنية أمر ضروري، ويجب أن تكون محايدة وتعمل كمؤسسات وطنية تخدم الشعب، وتحمي المواطنين فالأمن الوطني هو عماد الأمن القومي وحفظ السيادة ويتحمل مسؤولية حماية جميع السوريين، ومنع أي أعمال انتقامية أو عنف طائفي، مع ضمان العدالة للضحايا.
ورأى كويفي أنه من الأهمية بمكان تحديد أهداف استراتيجية للسلم الأهلي عبر تعزيز التعليم المدني وإدراج مناهج تربوية تعزز قيم التسامح، الحوار، والمواطنة، ودعم المؤسسات القضائية وبناء قضاء مستقل يعالج الجرائم ويمنع الانتقام خارج إطار القانون، وتشجيع المبادرات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني على تنظيم برامج مصالحة محلية، وإصلاح الأجهزة الأمنية عبر تدريب القوات الأمنية على احترام حقوق الإنسان وضمان حياديتها.
جهود جماعية
إن السلم الأهلي في سوريا يتطلب جهوداً جماعية لتعزيز الحوار، ونبذ الانتقام، وتطبيق القوانين بشكل عادل، والأمن الوطني يلعب دوراً مركزياً كجهة مسؤولة عن حماية الجميع، ويتطلب ذلك إصلاحات مؤسسية وثقافة مجتمعية تسعى للسلام والتعايش.
ولفت كويفي إلى أن التحدي كبير، لكن الالتزام بالعدالة والحوار هو السبيل الوحيد لإعادة بناء سورية موحدة ومستقرة، وقد يكون عقد مؤتمر وطني تأسيسي عاجل تشارك فيه جميع المكونات السورية دون إقصاء وتكون مخرجاته ملزمة، ويساهم في بناء عقد اجتماعي جديد وصياغة دستور عصري لسوريا الجديدة مع توسيع الحكومة الانتقالية لتصبح حكومة الوحدة الوطنية في سوريا كحل سياسي عاجل لتوحيد البلاد وتحقيق الاستقرار بعد سنوات من الصراع، وأن تكون حكومة شاملة تمثل مختلف مكونات المجتمع السوري (عرقيًا، دينيًا، وسياسيًا) وتساهم في تهدئة التوترات وإرساء الأمن والسلام المجتمعي والاستقرار والسيادة الوطنية في سوريا واحدة موحدة لجميع أبنائها.