الحرية – مها يوسف:
في الذكرى الأولى للتحرير، تتجه الأنظار إلى الدور الذي لعبته الدبلوماسية السورية في إعادة صياغة موقع البلاد إقليمياً ودولياً، حيث شكّل الحراك الخارجي خلال العام المنصرم أحد أبرز ملامح التحول السياسي، وفتح الباب أمام مسار جديد يقوم على الانفتاح والتوازن.
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي أن الدبلوماسية السورية استطاعت أن تكسر العزلة المفروضة عليها، وتعيد بناء جسور العلاقات مع محيطها العربي والإقليمي والدولي، بما يرسخ نهج الاستقرار ويعزز حضور سوريا في محيطها.
فكّ العزلة
ويؤكد علاوي أن الدبلوماسية السورية حققت خلال العام الأول إنجازات بارزة تمثلت في إنهاء العزلة المفروضة عليها وتخفيف العقوبات التي فُرضت على البلاد لسنوات طويلة بسبب سياسات النظام البائد، ويضيف إن المرحلة شهدت تحركاً واسعاً نحو الدول العربية والإقليمية، وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا، ما مهد لعودة التواصل المباشر واستقبال الوفود لشرح ملامح السياسة السورية الجديدة وخطواتها المقبلة.
موازنة المحاور
يشير علاوي إلى أن السياسة الخارجية السورية اعتمدت نهجاً يقوم على الموازنة الدقيقة بين مختلف الأطراف، مع الابتعاد عن سياسات المحاور، ويرى أن هذا النهج يُحسب للدبلوماسية السورية التي اختارت التوجه نحو الاستقرار لا الاستقطاب، خصوصاً مع استمرار قنوات التواصل مع الولايات المتحدة بهدف رفع العقوبات وتعزيز فرص التعاون.
جسور العلاقات
يوضح علاوي أن سوريا نجحت في توسيع شبكة علاقاتها عبر بناء شراكات جديدة مع دول ذات مواقف متباينة، سواء في الإقليم أو على الساحة الدولية، ويشير إلى أن القدرة على التعامل مع أطراف متعارضة، مثل روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة، مثلت نموذجاً لدبلوماسية نشطة ومرنة استطاعت تجاوز الانقسام الدولي حول الملف السوري.
في السياسة الداخلية
يرى علاوي أن الحراك الخارجي الواسع سوف ينعكس داخلياً على المؤسسات السياسية التي كانت متوقفة نتيجة الإرث البيروقراطي المتراكم من المرحلة السابقة. ويبيّن أن الإصلاحات الداخلية تحتاج إلى تفعيل قوانين الأحزاب والحياة السياسية، كي لا تكون هناك فجوة بين الدينامية الدبلوماسية والتحول الداخلي المطلوب.
انفتاح دولي
يلفت علاوي إلى أن النجاحات الخارجية شهدت تقدماً ملموساً في العلاقات السورية–الأمريكية، إلى جانب تعزيز التواصل مع الدول العربية والإقليمية والحفاظ على توازن في العلاقات الدولية، فعلى سبيل المثال، إن إدارة العلاقات مع روسيا وأوكرانيا شكّلت دليلاً على قدرة دمشق في التعامل مع أطراف متناقضة، ويؤكد أن استمرار هذا النهج، ولا سيما في قنوات الحوار مع واشنطن، يحمل إمكانية دعم استقرار السياسة السورية.
استقرار مستدام
يؤكد علاوي أن السياسة الخارجية خلال العام الأول من التحرير قدّمت نموذجاً لدبلوماسية تستند إلى الانفتاح والتوازن بهدف تعزيز الاستقرار، ويشير إلى أن المرحلة المقبلة تعتمد على تحويل هذا الزخم الخارجي إلى خطوات إصلاحية داخلية أكثر عمقاً، ترسّخ حضور سوريا في محيطها وتُعزز مكانتها السياسية والدبلوماسية.