الحرية_ مها يوسف:
في إطار تحول دبلوماسي لافت، تشهد الساحة الدولية حراكاً سياسياً مكثفاً تُعيد من خلاله سوريا ترتيب أوراقها وبناء تحالفاتها على الساحة العالمية. تأتي زيارة وزير الخارجية السوري إلى واشنطن في هذا السياق، كخطوة محسوبة بدقة لتعزيز الحضور الدبلوماسي السوري واستباق حدثٍ دولي كبير، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية المعقدة، والتي قد يكون لها انعكاسات عميقة على المشهدين الإقليمي والدولي.
ويرى المحلل السياسي فراس علاوي في هذا الإطار أن هذه الزيارة تمثل امتداداً للنشاط الدبلوماسي السوري المتنامي في المرحلة الأخيرة، كما تحمل في الوقت نفسه بعداً استراتيجياً يتعلق بتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، خاصة أنها تأتي قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع وذلك للمشاركة في أعمال الجلسة العامة للأمم المتحدة.
ويشير علاوي إلى أن هذا التوقيت ليس عابراً بل يعكس وجود ملفات مهمة بين الطرفين السوري والأميركي قيد النقاش والمعالجة، وهي ملفات معقدة تحتاج إلى تهيئة الأجواء السياسية والدبلوماسية قبل الدخول في التفاصيل، ومن هنا تكتسب زيارة الشيباني طابعاً استباقياً يهدف إلى تهيئة المناخ المناسب لعودة سوريا إلى ممارسة دورها الدبلوماسي بشكل فاعل، سواء في الساحة الأميركية أو ضمن أروقة الأمم المتحدة.
ويضيف علاوي: أهمية هذه الزيارة التحضيرية تتجلى أيضاً في كونها جزءاً من سلسلة تحركات دبلوماسية متواصلة، تستهدف متابعة ما جرى الاتفاق عليه في ملفات أساسية تمس الواقع السوري، وفي مقدمتها ملف الجنوب السوري وما يتعلق بالترتيبات الأمنية والسياسية فيه، وكذلك ملف شمال شرق سوريا الذي لا يزال محوراً لتقاطعات إقليمية ودولية مؤثرة.
ويؤكد علاوي أن انعكاسات هذه الزيارة لن تتوقف عند حدود السياسة الخارجية فقط، بل ستترك أثراً مباشراً على الداخل السوري ولا سيما في ما يخص ملف الاستقرار وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية. فكل تقدم على صعيد العلاقات الخارجية، وخاصة مع القوى المؤثرة كواشنطن، من شأنه أن يفتح آفاقاً أوسع أمام مسار الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل البلاد.
وعليه يمكن القول إن زيارة الشيباني إلى الولايات المتحدة تشكل خطوة محسوبة في سياق استعادة سوريا لحضورها على الساحة الدولية، وتجسد في الوقت ذاته رغبة واضحة في بناء مقاربات جديدة للعلاقات الثنائية مع واشنطن، بالتوازي مع تحضير للمناخ السياسي للزيارة المرتقبة للرئيس الشرع إلى الأمم المتحدة، التي يتوقع أن تحمل في طياتها إشارات مهمة لمستقبل السياسة السورية على المستويين الإقليمي والدولي.