الدستور السوري.. عصف فكري أمام النبأ الجديد

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- يسرى المصري:
في البداية انتصرت الثورة.. ارتجت دمشق وماحولها.. انقسمت الأفكار.. تباينت الأنظار.. وفي مثل هذه المواقف يعرف الراجحون بحسن الفطرة وقدوة الفطنة إذ يكونون من السابقين في رؤية الدقائق والوصول إلى الحقائق.

الإدارة السورية الجديدة بينما كانت تضع الرؤية المستقبلية  تعاملت على أرض الواقع بنظرة موضوعية مبينة أن عملية صياغة الدستور السوري الجديد ستعتمد على جملة من الخطوات حيث تمثل صياغة دستور جديد لسوريا نقطة تحول تاريخية لإعادة بناء الدولة، وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في سوريا ما بعد النظام البائد.
ولأن الدستور هو العقد الاجتماعي الذي يحدد هوية الدولة، وينظّم علاقتها مع مواطنيها، فإن أي دستور جديد حسب الخطوات المعلنة للإدارة الجديدة يجب أن يتضمن رؤية شاملة لمعالجة آثار الحرب، ويمهد الطريق نحو العدالة والمصالحة الوطنية، مع ضمان حقوق الإنسان وإدارة موارد الدولة الطبيعية بشكل عادل.
وتتداخل التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لتجعل عملية صياغة دستور جديد اختباراً حقيقياً لإرادة الشعب في التغيير والإصلاح. وبين طموحات الشعب ومخاوف الواقع.

الإعلان المهم والنبأ الجديد حول الدستور السوري برز خلال مؤتمر النصر الذي احتضنه قصر الشعب في العاصمة دمشق، عبر إلغاء العمل بدستور سنة 2012، وإيقاف العمل بجميع القوانين الاستثنائية، من دون إصدار إعلان دستوري، أو الإعلان عن العمل بأي وثيقة دستورية سابقة. لكن تم الإعلان عن تفويض الرئيس الشرع بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقالية يتولى مهامه إلى حين إقرار الدستور السوري الدائم ودخوله حيّز التنفيذ.

ومنذ ذلك الحين.. بدأت تلوح في الأفق تساؤلات عديدة  وعصف فكري عن المجلس التشريعي المصغر الذي سيعوض الفراغ التشريعي بعد حلّ مجلس الشعب، وكيفية تشكيل هذا المجلس وموعده ومهامه…
ومن المعلوم أن المجلس التشريعي يتمتع بالسلطة التشريعية، أي أنه يمكنه وضع القوانين وإقرارها، ويراقب عمل الحكومة ويستجوبها بمعنى الإشراف على السلطة التنفيذية التي يمثلها مجلس الوزراء والإدارة المحلية، إضافة إلى الموافقة على الميزانية العامة للدولة وإقرار خطط التنمية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وحجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء وتشكيل هيئة عليا ومستقلة تسنّ قانون انتخابات، تمهيداً لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مستقبلاً.
ورأى محللون في محاولة لتقديم ملامح عن المجلس التشريعي المصغر  ما لفت إليه  الرئيس  أحمد الشرع، حول تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل كل المجتمع السوري، وسوف تعبّر عن تنوع سورية برجالها ونسائها وشبابها، وتتولى العمل على بناء مؤسسات سورية الجديدة حتى نصل إلى مرحلة انتخابات حرة نزيهة”. ويقول الرئيس الشرع حول ذلك.. “استناداً لتفويضي بمهامي الحالية وقرار حلّ مجلس الشعب، فإنني سأعلن عن لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغر يملأ هذا الفراغ في المرحلة الانتقالية، وسنعلن في الأيام القادمة عن اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، والذي سيكون منصة مباشرة للمداولات والمشاورات واستماع مختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي القادم”. وأعلن أنه “بعد إتمام هذه الخطوات، سنعلن عن الإعلان الدستوري ليكون المرجع القانوني للمرحلة الانتقالية”. وبذلك حدد الرئيس الشرع الخطوات لبناء الدولة السورية الجديدة ..

فالأولوية الآن لإعادة البناء المجتمعي والسياسي والاقتصادي بمعناه الشامل، الذي يتضمن إعادة الإعمار، وتنمية الإنسان السوري، وتأهيل التعليم، والرعاية الصحية، والضمانات الاجتماعية، فنحن لدينا مجتمع منهك  ومن الممكن أن يلحظ الدستور كل هذه المشكلات، ما يفضي إلى قوانين مرنة.
ولكل من يسأل عن المجلس التشريعي المصغر نقول استبشروا خيراً بالنبأ الجديد.. فقد أزف العمل وقوي الأمل.

Leave a Comment
آخر الأخبار