الحرية – ثناء عليان:
بدعوة من اتحاد الكتاب العرب- فرع طرطوس- ألقى المحامي والناشط الحقوقي علم الدين عبد اللطيف محاضرة بعنوان «الدولة السورية الجديدة –وجهات نظر» أكد فيها أن ما حدث في سوريا لم يكن انقلاباً عسكرياً أو سياسياً، بل كان زلزالاً بكل معنى الكلمة، بالسقوط المدوي للنظام البائد.
مستعرضاً ما تعرض له السوريون في الماضي القريب والذي لايزال جزءاً من الحالة، وسيبقى إلى أمد قد يطول نظراً لطول المدة التي لم يعرف فيها السوريون تغييراً ولو ضئيلاً في طرائق الحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم في بلادهم.
مساوئ الحكم البائد
وتطرق عبد اللطيف لمساوئ الحكم في الفترة الماضية، من عمليات الفساد والإفساد، وتجويع الشعب ونهبه، واستخدام القوة العسكرية بمواجهة ثائرين على النظام مهما كانت توجهاتهم، وتهجير ما يقرب من نصف الشعب السوري إلى دول العالم، والكثير منهم أوى إلى خيام لا تقيه برد الشتاء ولا حرّ الصيف، في الوقت الذي لم يبدُ على قادة النظام السابق أية بادرة لإعادة هؤلاء المهجرين، أو نية إعادتهم، بل كان يضع العراقيل والحجج لمنع عودتهم، وبقي على عادته بملاحقة كل من غادر البلد عن طريق أجهزته.
وأشار إلى أن الحالة الأبدية التي كان شعارها المعلن.. «إلى الأبد يااا..» لم تجعل الناس تيأس من التغيير فحسب، بل أدخلتهم في حالة من فقدان الثقة بوجودهم ومعنى الوجود أصلاً، في ظل عوامل التيئيس الأخرى، وغدا شعباً ضائعاً لا هدف أو هوية له.
إرادة السوريين
أما الآن ونظراً لإرادة السوريين العارمة بصنع مستقبل جديد لسوريا، فقد بدؤوا يتنفسون الحرية التي عرفوا قيمتها بعد زوال نقيضها، وسرت فيهم روح جديدة، وعرفوا ما لم يعرفه أهل الحكم السابق، أن لكل شيء نهاية، وأن التاريخ يمضي ويكتب نفسه دون أن يعرفوا، لكنه يقول كلمته قبل النهاية أو بعدها، ولفت إلى أن العالم كله صار قرية صغيرة، يعرف الجميع ما يتم وما يدور من أحاديث في كل العالم بلحظته، أمام عين الكاميرا مباشرة، وبإمكانهم إيصال كلماتهم إلى أبعد نقطة في العالم بكبسة زر على جهاز الهاتف النقال، ولأن نموذج الاستبداد المطلق، لم يعد موجوداً في العالم.
قد يفهم كثيرون –حسب عبد اللطيف- أن مرحلة عصيبة ودقيقة ومهمة كالتي حصلت، تبرر بعض التجاوزات والأخطاء لدى من استلم زمام الحكم، لكن، إذا كانت المخارج واضحة ومعلنة، فلا مبرر لعدم سلوكها.. الآن، لدى سوريا وأهل الحكم فيها فرصة لم تسنح سابقاً في أية مرحلة من تاريخ البلاد، هي إمكانية بناء سوريا، والعالم كله يقول: ابدؤوا بإقامة نظام سياسي للدولة، وسنساعدكم شرط القيام بما عليكم.
الاستقرار والأمان
وأكد عبد اللطيف أن العالم يريد الاستقرار والأمان لسوريا تحقيقاً لمصالحه، تتعلق بالمهجرين في أوروبا ربما، ولأن سوريا مهمة للعالم، جغرافياً فهي حلقة وصل بين الجنوب والشمال، وفيها بيئة مناسبة لإقامة مشاريع استثمارية لمصلحة الشركات الرأسمالية، وهذه لن تفوت فرصة بالغة الأهمية كهذه، كما أنها فرصة للسوريين، لذلك لا بد من عودة أبناء البلد إليها، وتوفير وسائل العيش الكريم، ووسائل الطاقة، والكهرباء، لعودة انطلاق عجلة الاقتصاد والمصانع، التي يمكن أن تشغل كثيراً من اليد العاملة في بلد يعاني شبابه من البطالة، ويمكن أن تجذب مزيداً من العمالة من دول الجوار، وتصبح أرض سوريا جاذبة بدل أن تكون طاردة، بلداً يستحق أن يكون كما يرتجي أبناؤه.
ونوه عبد اللطيف إلى أن السوريين من أكثر شعوب المنطقة انفتاحاً ونشاطاً، ولديهم من التعلق ببلدهم والوفاء له ما يحدوهم للعمل في بنائه بما يمتلكون من طاقات وخبرات، مؤكداً أن البلد لا يبنى على فئة أو شريحة واحدة، ولا يمكن الاستئثار بقرار يخص مصير البلد مستقبلاً، ولا يجوز الرجوع إلى منطق الغلبة والانتصار على الخصوم، فالكل سوريون، والكل مطالب بصفته مواطناً بالمساهمة في بناء بلده.
تمكين السوريين
وبرأي عبد اللطيف يكفي أن يتم تمكين السوريين من توظيف قواهم وثقافاتهم وخبراتهم، لذلك لا بد من رسم سياسة مستقرة في سوريا، واعتماد نظام حكم ديمقراطي يتيح تداول السلطة وفق الدستور، ويفصل بين السلطات، فلا تطغى إحداها على الأخرى، ولا بد من تمكين السوريين من بناء بلدهم بطريقة تشاركية، فالبلد يعيش حالة مرض سريرية في الإنعاش، لا بد من توفر الموارد، وتأمين رواتب العمال والموظفين، وعدم محاربة الناس بحرمانهم من لقمة عيشهم بالتسريح من وظائفهم، لذلك لا بد من تفعيل فكرة المؤسسات والنقابات للدفاع عن مصالح أعضائها، وإطلاق الحرية السياسية وقوى المجتمع المدني لتساهم في بناء البلد، وتفعيل أجهزة الدولة، من جيش وشرطة وقضاء ومراكز قانونية، وإعادة الاعتبار للشعب، الذي هو سبب وجود كل حكم، فالسوريون لن يرتضوا باستبداد جديد.