الذهب يواصل الارتفاع ..وادخاره أكثر أمانا

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – ميليا اسبر: 

تتوالى ارتفاعات أسعار الذهب عالمياً منذ أسابيع، ما أثر أيضاً على أسعاره محلياً حيث سجل غرام الذهب عيار 21 قيراطاً 1.3 مليون ليرة، فما هي أسباب ارتفاعه بشكل كبير؟ ..وما تأثيره على الاقتصاد السوري؟

أسباب الارتفاع

الأكاديمي والمستشار الاقتصادي الدكتور زياد أيوب عربش أوضح في تصريح لـ”الحريّة” أنه منذ أسابيع وربما أشهر نشهد تتالي المستويات القياسية ليبقى سعر الأونصة منذ أمس فوق مستوى 4000 دولار، بينما وسطياً سعر الأونصة لكامل عام 2024، كان 2570 دولاراً، وحسب د.عربش هناك عدة عوامل مجتمعة لهذه الارتفاعات أهمها:

• التوترات الجيوسياسية المتصاعدة طوال العامين الماضيين والتي أدت إلى زيادة الإقبال على الذهب كملاذ آمن في ظل الغموض العالمي غير المسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.

• التضخم المستمر والسياسات النقدية، فمع ارتفاع معدلات التضخم العالمية وتباطؤ النمو الاقتصادي وخاصة في أوروبا، وكذلك توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي جعلت الأصول المرتفعة العائد أقل جاذبية ودعمت الطلب على الذهب كأصل يحفظ القيمة.

• زيادة مشتريات البنوك المركزية العالمية التي عززت من احتياطياتها من الذهب، خصوصاً بعد توجهها لتنويع الاحتياطيات وتقليل الاعتماد على الدولار، حيث من المتوقع شراء نحو 1000 طن متري من الذهب في 2025.

• الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الذهب، بفرض رسوم جمركية مرتفعة (39%) على واردات قضبان الذهب من سويسرا الذي أدى إلى زيادة تكلفة شراء الذهب ورفع أسعاره في الأسواق العالمية.

• ضعف الدولار الأمريكي فمع الإغلاق الحكومي الأمريكي وتأخر التوصل إلى حلول أضعف من قيمة الدولار، ما دفع المستثمرين لشراء الذهب كملاذ آمن، فرفع الطلب السعر.

• زيادة الطلب الاستثماري والعام على الذهب مع ارتفاع الإقبال على السبائك والعملات الذهبية والعقود المستقبلية بسبب مخاوف اقتصادية، الأمر الذي جعل الذهب من أفضل الأصول أداءً في 2025، متوقعاً استمرار الصعود في عام 2026.

د. عربش : الطلب المتزايد على الذهب المحلي يقلل السيولة النقدية في الاقتصاد ويزيد التضخم 

علاقة عكسيّة

وذكر د.عربش أن العلاقة بين الذهب والدولار هي عكسية عادة، فعندما يقوى الدولار ينخفض سعر الذهب، والعكس صحيح ، ضعف الدولار بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي، بينما انخفاض أسعار الفائدة وحدوث توترات اقتصادية يزيد الطلب على الذهب كملاذ آمن ويرفع أسعاره، بينما تقوية الدولار تضغط على الذهب للانخفاض، مشيراً إلى أن ارتفاع الذهب في سوريا مرتبط مباشرة بسعر صرف الدولار مقابل الليرة، فارتفاع الدولار يرفع تكلفة الذهب محلياً، والطلب المتزايد عليه كملاذ آمن يقلل السيولة النقدية في الاقتصاد، ما يضعف النشاط الاقتصادي ويزيد التضخم نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد.

الادخار بالذهب آمن

ولدى السؤال حول فيما إذا كان يُعدّ الادخار بالذهب خياراً أكثر أماناً مقارنة بطرق الادخار الأخرى؟ ولماذا؟

أجاب د.عربش أن الادخار بالذهب آمن في ظل عدم استقرار العملة المحلية وارتفاع التضخم، لأنه يحافظ على القيمة الحقيقية لأموال التجار الصناعيين والأسر السورية وبعيداً عن مخاطر فقدان القدرة الشرائية، وبالمقابل فالادخار في العملة المحلية قد يتأثر بشدة بالتضخم، والأصول المالية قد تحمل تقلبات أكبر.

وأوضح د.عربش أن تقلبات الدولار تؤثر مباشرة على أسعار الذهب محلياً، حيث يرفع ارتفاع الدولار تكلفة شراء الذهب ويزيد الطلب عليه، ويخفض انخفاض الدولار من هذه التكاليف، ما ينعكس على أسعار الذهب بشكل سريع في السوق السورية.

نقص العملات الأجنبية في السوق المحلية

وبين د.عربش أن العقوبات الاقتصادية تسببت في نقص العملات الأجنبية في السوق السورية (وخاصة الدولار مع تأخر التحويلات المالية وعدم ضخ الأموال الاستثمارية بالدولار من أمريكا وأوروبا الغربية لطالما تم فقط تجميد العقوبات الأمريكية لمدة ١٨٠ يوماً)، الأمر الذي رفع أسعار الذهب محلياً و تزايد الطلب عليه كملاذ آمن مع استمرار انخفاض الدولار الأمريكي، لكن انعكس ذلك بضغوط تضخمية وأثر سلباً على القدرة الشرائية وحركة الاقتصاد بشكل عام في سوريا.

لذلك حسب د.عربش لابدّ من إعادة تصحيح مسار السياسة الاقتصادية بدعم كافة أنشطة الإنتاج الحقيقية وسياسات التمويل والإقراض مع تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية خاصة مع توقع تقلبات نأمل أن تكون تحت السيطرة ودون مزيد من الضغوط التضخمية في الفترة القريبة التي ستلي استبدال العملة الوطنية.

Leave a Comment
آخر الأخبار