الرئيس الشرع في الأردن.. زيارة مفصلية لها ما بعدها ولنترقب ما ستخرج به قمة القاهرة الطارئة

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:

تتفق الأغلبية على أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الأردن، ومباحثاته مع الملك عبد الله الثاني، استدعتها بالدرجة الأولى اتساع الاعتداءات الإسرائيلية على الأرض السورية، في الجنوب، محافظتي القنيطرة ودرعا، وهي تترافق مع تهديدات إسرائيلية تصعيدية بتوسيع الاعتداءات إلى الحد الذي يضع سوريا على مستوى التهديد نفسه مع قطاع غزة. ومن المفترض أن قمة عربية طارئة ستعقد بعد أيام في العاصمة المصرية القاهرة، لبحث مستقبل قطاع غزة في ظل ما يُطرح أميركياً من خطط تهجير «وتعمير» وتوطين، وبما يضع مصر والأردن في قلب المخاطر قومياً وديمغرافياً (وأمنياً إذا ما اعتبرنا أن الخطط الأميركية/الإسرائيلية لن تتوقف عند قطاع غزة، وما يجري في جنوب سوريا دليل ساطع).

وعليه.. أليس من المفترض أن تكون الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا مدرجة على رأس أعمال القمة العربية الطارئة؟
لا شك في أن هذا الملف أخذ مساحة مهمة من المباحثات بين الرئيس الشرع والملك عبد الله خصوصاً أنه يتفرع إلى عدة محاور، جميعها تكاد تكون على الأهمية نفسها، أي الخطورة نفسها، كالمياه مثلاً التي تسعى إسرائيل للسيطرة على منابعها (بعضها مشترك) وأنهارها وسدودها في المنطقة الجنوبية من سوريا وبما يهدد الأمن المائي لسوريا والأردن.
ولا شك أيضاً أن الملفات الأخرى كانت حاضرة، وهي بدورها ملحة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية، وهي ملفات غرقت طوال سنوات الحرب الماضية الـ14 في الكثير من التعقيدات والأزمات وبما أغرقها في جمود استعصى بمرور السنوات حتى جاءت القيادة السورية الجديدة ما بعد التحرير في 8 كانون الأول الماضي، لتشهد العلاقات الأردنية السورية تطبيعاً سريعاً نسبياً، انعكس على مجمل ملفات التعاون.

التفاصيل وما سيخرج للعلن
قد لا يخرج للعلن الكثير من التفاصيل في ختام الزيارة. جرت العادة أن تصدر بيانات رسمية تشدد بالمجمل على التعاون والتنسيق وقوة العلاقات، أي بيانات دبلوماسية أكثر منها عملية إذا جاز لنا التعبير، وهذا مبرر ومفهوم في كثير من جوانبه.. بعدها تتكفل التسريبات (وفي كثير منها متعمدة) لتكشف بعض مجريات الكواليس، والتي ستتوالى تباعاً، خصوصاً في الأيام القليلة المقبلة، ما قبل القمة العربية الطارئة في 4 آذار المقبل، ومن المتوقع حضور الرئيس الشرع هذه القمة، حيث تلقى مؤخراً دعوة رسمية إليها من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
كثير من المراقبين يرون أن زيارة الرئيس الشرع إلى الأردن اليوم لا تخرج عن سياق (الاجتماع الأخوي) الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض يوم الجمعة الماضي، وما تم التوصل إليه من مخرجات لم يتم الإعلان عنها، لكنها بالتأكيد ستكون حاضرة على طاولة القمة العربية الطارئة. وعندما يتم ربط الزيارة باجتماع الرياض فهذا يعني أن مؤشرات عدة قادت إلى مثل هذا الربط، فهل يعني هذا أن سوريا ستكون حاضرة بالصورة نفسها التي سيكون عليها قطاع غزة، استناداً إلى حجم ما وصل إليه التهديد الإسرائيلي؟

زيارة الرئيس الشرع تأتي ضمن مسارين ثنائي وعربي ويبدو أن القمة العربية الطارئة ستشهد تعديلاً في جدول الأعمال.. والمدعوين

هناك تخوفات على نطاق واسع- خصوصاً بين السوريين- أن كل ما يجري في قطاع غزة، واشغال العرب بها وبمخططات ترامب، والعمل على وضع مصر والأردن في قلب الخطر، ما هو إلا ستار يُخفي ما يُخطط أميركياً وإسرائيلياً ضد سوريا حيث ترى إسرائيل أن الفرصة سانحة اليوم في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا. هذا يعني أن الجانب العربي مُطالب اليوم أن يتعامل مع هذا الخطر الإسرائيلي باعتباره مباشراً وداهماً، متصاعداً ومتوسعاً، وبما يستدعي التحرك لحماية سوريا وأهلها، على قاعدة الاحتضان العربي لسوريا الجديدة وقيادتها، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية على قاعدة أن الأردن يطاله الخطر نفسه من الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية ضد سوريا، ولا بد أن يكون هناك تنسيق على أعلى مستوى بين سوريا والأردن، وبين كليهما والدول العربية.. وإذا ما أضفنا التهديدات الإسرائيلية ضد سوريا إلى خطة ترامب حول تهجير أهل قطاع غزة إلى الأردن (ومصر) فإن الأردن يكون تحت تهديد إسرائيلي مُضاعف، ما يعني أن قمة القاهرة الطارئة ستشهد تعديلاً في جدول أعمالها، وربما في حجم ومستوى وعدد المدعوين، خصوصاً إذا ما أخذنا بالاعتبار تحركات إقليمية/دولية، تصب في هذا الإطار، وتدفع باتجاه أن تكون قمة عملية بقرارات مؤثرة، وبمفاعيل فورية.

الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تضع الأردن في خطر مضاعف إذا ما أضفنا إليها خطة ترامب لقطاع غزة

ترحيب أردني
بالمقابل، سوريا تواصل مسار تعزيز الثقة بالكثير من الخطوات الداخلية، وبما يجعل دورها عربياً، أقوى وأجدى. لنذكر أن زيارة الرئيس الشرع للأردن تأتي غداة اختتام مؤتمر الحوار الوطني الذي لاقى ترحيباً عربياً واسعاً. وكان الأردن أعلن اليوم ترحيبه بالمؤتمر ومخرجاته، مؤكداً أنه يمثل خطوة مهمة نحو إعادة بناء سوريا على الأسس التي تضمن وحدتها وسيادتها واستقرارها، وضمان ديمومة عمل مؤسساتها، وتحقيق تطلعات الشعب السوري.
الأردن استبق زيارة الشرع بالترحيب بها، عبر تصريحات لوزير خارجيته أيمن الصفدي، وبمزيد من اجراءات تعزيز الثقة والعلاقات، حيث أقر مجلس الوزراء الأردني اليوم الأربعاء (تزامناً مع الزيارة) إعفاء الشاحنات السورية من الرسوم والبدلات المفروضة عليها، وذلك تنفيذاً لقرار توحيد الرسوم المفروضة وتطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل (وكجزء من الدعم الذي يقدمه الأردن للجانب السوري الشقيق لتسهيل حركة التجارة) وفقاً لوكالة الأنباء الأردنية (بترا).
قبل ذلك، عشية الزيارة، أكد الصفدي دعم الأردن لسورية واستعداده لتقديم كل ما يُمكن الشعب السوري من تجاوز المرحلة الانتقالية التي يريد لها أن تكون منطلقاً تاريخياً، لإعادة بناء سورية، وبما يحفظ حقوق مواطنيها كافة.
جاء ذلك خلال استقبال الصفدي المبعوث الكندي الخاص إلى سورية عمر الغبرا، حيث بحث معه التعاون والتنسيق المشترك إزاء تطورات الأوضاع في سورية.
وزار الصفدي دمشق في 23 كانون الأول الماضي، والتقى الرئيس الشرع، مؤكداً تاريخية العلاقات واستراتيجيتها، وحرص بلاده على الانفتاح والتعاون وبحث جميع الملفات.
ثم زار وزير الخارجية أسعد الشيباني الأردن في 7 كانون الثاني الماضي وبحث مع الصفدي التعاون الأمني وضبط الحدود ومكافحة تهريب المخدرات والسلاح، وتهديدات تنظيم داعش، حيث أعلنا في نهاية مباحثاتهما تشكيل لجان مشتركة في مجالات الطاقة والصحة والتجارة والمياه.

الزيارة في توقيتها ومباحثاتها تشكل «فائض قيمة» باتجاهات إقليمية عربية.. وترتيبات مُلحة لا تقبل التأجيل والتردد

زيارة يُعوَل عليها الكثير
يشار إلى أن هذه الزيارة هي ثالث زيارة خارجية للرئيس الشرع بعد السعودية وتركيا، ويُعول عليها الكثير على مستوى البلدين الذين يتشاركان حدوداً يصل طولها إلى 370 كيلومتراً. بل هناك من يراها زيارة بـ«فائض قيمة» يتجاوز المستوى الثنائي بين البلدين باتجاه مسارات إقليمية عربية، وترتيبات باتت ملحة بصورة لا تقبل التأجيل ولا التأخير.. ولا التردد.

Leave a Comment
آخر الأخبار