الرئيس الشرع والقمة العربية الطارئة.. مشاركة متوقّعة وترقّب لجدول لقاءاته وتركيز على لقاء محتمل يجمعه مع الرئيس السيسي

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية- مها سلطان:

رغم أن مشاركة سوريا في أعمال القمة العربية الطارئة، في 27 شباط الجاري، مازال بانتظار إعلان رسمي من القيادة السورية، إلا أن جميع المؤشرات تؤكد – حتى الآن – هذه المشاركة وأنها ستكون على أعلى مستوى، أي بمشاركة السيد الرئيس أحمد الشرع. علماً أنه حسب تصريحات مسؤولي الجامعة العربية، ومنهم مساعد الأمين العام حسام زكي، فقد تم توجيه دعوة رسمية للرئيس الشرع للمشاركة، وأن مستوى المشاركة/التمثيل/ يتم تحديده من قبله.
زكي وفي تصريحات له اليوم الثلاثاء، أكد أن مشاركة الرئيس الشرع تعتمد على اعتبارات عديدة «يقررها بنفسه». ولفت إلى أن وفد الجامعة العربية الذي زار دمشق (نهاية كانون الثاني الماضي) التقى به، ولاحظ حالة من التفاؤل في الشارع السوري بالمستقبل والفرح بالتخلص من إرث الماضي.
وأوضح زكي أن سوريا تواجه تحديات كبيرة، أبرزها استعادة الاستقرار والأمن، إضافة إلى البناء والإعمار، وأكد أن الجامعة العربية تقف مع سوريا في مواجهة هذه التحديات.
ورغم أهمية هذه القمة باعتبارها طارئة أولاً، وتبحث ثانياً وصول القضية الفلسطينية إلى منعطف تاريخي حرج، ليس فقط بالنسبة للشعب الفلسطيني، بل بالنسبة للدول العربية/ القيادات العربية/ التي تجد نفسها مُطالبة اليوم باتخاذ موقف حاسم في ظل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتواترة تصاعدياً والتي يطالب فيها بتهجير فلسطينيي غزة إلى دول عربية مجاورة، أو تأسيس دولة لهم على أراضي إحدى هذه الدول العربية، مع إلغاء حق العودة (لأنهم سيعيشون في أماكن أفضل، وفق تعبيره، ولن يرغبوا في العودة) على أن يتم منح غزة – عبر عملية شراء من نوع ما – للولايات المتحدة لتحويلها إلى «ريفييرا» الشرق الأوسط.
طبعاً هذه التصريحات استدعت ردود فعل رافضة بشدة وحسم، ومن أعلى المستويات، على الساحة العربية، وصولاً إلى اتخاذ قرار بعقد قمة طارئة في العاصمة المصرية القاهرة أواخر هذا الشهر (فيما القمة العربية العادية/الدورية ستعقد في العراق أوائل نيسان المقبل). وذلك لبحث الموقف العربي، وما الذي يمكن فعله والقرارات التي تستدعيها خطورة المرحلة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، والجوار الفلسطيني تحديداً باعتباره الطرف الرئيسي الثاني في تهديدات ترامب، ثم الجوار العربي الأبعد باعتباره أيضاً مستهدفاً، لناحية مسؤوليته التاريخية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني.
بكل الأحوال، ورغم أهمية هذه القمة وضرورتها الملحة، كما ذكرنا آنفاً، بحيث إن أي شأن آخر غير فلسطيني لن يكون حاضراً، إلا أن الشأن السوري سيكون حاضراً وبقوة، ليس على مستوى أعمال القمة واجتماعاتها الرسمية، أو بيانها الختامي، بل على ما يُسمى دبلوماسياً هامش أعمال القمة، علماً أن هذا الهامش لا يقل أهمية عن الحدث الرئيسي، وقد يتجاوزه، وهذا ليس تقليلاً من شأن القضية الفلسطينية والاجتماع العربي الطارئ بخصوصها، ولكن لأن الحدث السوري يفرض نفسه، وهو حدث ممتد ومفتوح، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية فإن سوريا معنية بشكل رئيسي بالقضية الفلسطينية، سواء بالجغرافيا أو باستضافة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، وعليه فإن موقفها ودورها مهمان جداً، وهذا أمر لا تغفله القيادة السورية الجديدة، ولا الدول العربية.. ولا الولايات المتحدة نفسها عندما تتحدث عن حل القضية الفلسطينية.
لنذكر هنا بأحدث تصريحات للرئيس الشرع أمس الاثنين خلال مقابلة في البودكاست السياسي البريطاني الشهير «The_Rest_Is_Politics» مع الصحافي والسياسي أليستر كامبل بشأن «التطهير العرقي في غزة ومحاولة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن».
الرئيس الشرع قال: أعتقد أنه لا قوة يمكن أن تجبر الناس على مغادرة أرضهم، لقد حاولت العديد من الدول فعل ذلك، وقد فشلت جميعها، خاصة خلال الحرب الأخيرة في غزة على مدار فترة السنة والنصف الماضية، تحمّل الشعب الألم والقتل والدمار، ومع ذلك رفضوا مغادرة أرضهم»، مضيفاً: إن تهجير الفلسطينيين من أرضهم يُعد «جريمة كبيرة» وإن مساعي ترامب لن تنجح، وقال: “على مدى أكثر من 80 عاماً من هذا الصراع، فشلت جميع المحاولات لتهجيرهم، أولئك الذين غادروا ندموا على قرارهم، الدرس الفلسطيني الذي تعلمه كل جيل هو أهمية التمسك بالأرض، وفي رأيي أنه لن يكون من الحكمة ولا من الصواب أخلاقياً أو سياسياً أن يقود ترامب جهوداً لتهجير الفلسطينيين.
بالمقابل، اعتبر الرئيس الشرع أن ترامب لديه رسالة إيجابية حالياً، إذ يركز على السياسة الداخلية وتنشيط الاقتصاد الأميركي، إضافة إلى اهتمامه ببناء السلام في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك آراء مختلفة في الشرق الأوسط حول ترامب وولايته الرئاسية الماضية (2016-2020).

قائلاً بخصوص أفكار ترامب بشكل عام: إذا تحولت أفكاره إلى واقع فقد يكون له دور مهم في تحقيق السلام العالمي، خاصة إذا نجح في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
بكل الأحوال، هذا المسمى على «هامش الأعمال» تبدو فيه سوريا الجديدة حدثاً رئيسياً خصوصاً إذا ما كان الرئيس الشرع حاضراً أعمال القمة، علماً أن غالبية التحليلات تميل إلى تأكيد هذه المشاركة، باعتبارها مهمة جداً للقيادة السورية الجديدة، فهي أول حدث سياسي – عربي يشارك به السيد الشرع منذ توليه رئاسة البلاد.. وهي مهمة على مستوى لقاءات الرئيس الشرع المفترضة أو لنقل المتوقعة، خصوصاً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لما تشكله مصر من أهمية كبيرة وخاصة لسوريا الجديدة، سواء على مستوى الامتداد العربي، أو على مستوى اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم، والذين استطاعوا تقديم أفضل انموذج (اجتماعياً واقتصادياً) لسوريا في ظل غياب حكم النظام البائد ممثلاً بالرئيس الفار بشار الأسد.
يجمع المحللون عموماً على أن مشاركة الرئيس الشرع في أعمال القمة العربية الطارئة تمثل دليلاً واضحاً على توافق كل الدول العربية، خصوصاً المؤثرة مثل السعودية والإمارات وقطر على شرعية القيادة السورية الجديدة، وأنها إيذان باستعادة سوريا دورها العربي الفاعل. ويرون أن هذه المشاركة هي خطوة عربية واسعة لدعم الاستقرار في سوريا والذي يتكامل مع استقرار المنطقة.
والأهم هنا تركيز المحللين على أن دعم هذا الاستقرار يتطلب دعم الانتقال السياسي والاقتصادي، لناحية عملية البناء وإعادة الإعمار، مشيرين إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتكامل فيها الاستقرار الأمني لدول المنطقة مع ضرورة إرساء الاستقرار الاقتصادي والسياسي في سوريا.

Leave a Comment
آخر الأخبار