الحرية – رشا عيسى:
حمل الرفع الجزئي للعقوبات الأوروبية عن الاقتصاد السوري تفاؤلاً كبيراً لجهة أنه يعبد الطريق لإخراج الاقتصاد من حالة الاستهلاك التي طبع بها سابقاً، وشكل دعوة مفتوحة لدول الاتحاد الأوروبي ال27 وغيرها من دول العالم للاستثمار بمجال الطاقة وحقول النفط والغاز، كذلك يوفر تعليق العقوبات انسيابية تحويل الأموال بين الشركات العالمية والبنك المركزي، ما يحسن من وضع خزائن المال المركزية، وبالتالي القدرة على تخفيض التضخم لاحقاً وانعكاسه على المستوى المعيشي للمواطنين، على أمل أن تكتمل الخطوة الأوروبية لتشمل رفعاً كاملاً للعقوبات، وعلى أن تلحق بها الولايات المتحدة الأميركية، لنصل في المستقبل القريب إلى رفع كامل لكافة العقوبات المفروضة على سوريا.
الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس يوضح في حديث ل( الحرية) كيف كانت العقوبات المفروضة على سوريا صارمة وقاسية جداً، وتطول جميع القطاعات وأهمها قطاع الطاقة والمؤسسات المالية وتجميد الأصول، وكذلك الاستيراد والمعدات الصناعية والصحية، ما ساهم بتحويل الاقتصاد السوري إلى اقتصاد مستهلك تماماً، وغير قادر على النهوض بذاته،إضافة إلى عزل سوريا اقتصادياً، ما انعكس على المستوى المعيشي للمواطن.
وتنبع الأهمية لهذه القرارات من عدة جوانب أولها شمول قطاعات الطاقة والنقل وبعض المؤسسات المالية، ثانيها أنها تمثل دعوى للشركات العربية والعالمية للاستثمار بمجال الطاقة وحقول النفط والغاز وإدخال المعدات وغيرها.
وأشار الجاموس إلى أن العقوبات كانت تشمل أيضاً منع سوريا من التصدير وهذا يقلل من الطلب على الليرة السورية، ما أدى إلى انخفاض قيمتها بشكل كبير وارتفاع معدلات التضخم بشكل هائل، وأيضاً منع استيراد المعدات اللازمة، من معدات الصناعة والاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة، ما راكم الضعف القائم، وبالتالي نحن أمام فرصة جديدة لإعادة إحياء قطاع مهم جداً وأساسي، ولترصيف البنية التحتية لتشجيع الاستثمارات في النفط والغاز وغيرهما.
وبين الجاموس أنه على سبيل المثال تم سابقاً تسليم شركة روسية لاستخراج الغاز في بئر قارة وهو من أكبر الآبار المحلية، وطاقته الإنتاجية تستطيع أن تغذي سوريا بكاملها، لكن هذه الشركة لم تستثمر سوى 10%من طاقته الإنتاجية، ولذلك إعادة استثمارها ستؤدي إلى توفير الطاقة الإنتاجية للغاز وأيضاً الاستثمار في الطاقات المتجددة.
ورأى الجاموس أن أهم النقاط في رفع العقوبات هو أنها شملت المؤسسات المالية، حيث من المعروف أن هناك عقوبات على المصرف التجاري والبنك المركزي وحتى أرصدة وزارة المالية، مع تجميد أصول عدد كبير من قادة و رموز النظام السابق، وبالتالي رفع العقوبات يعني أنه بالإمكان تحويل الأموال بين الشركات العالمية و لمصرف المركزي ورفع القيود أوروبياً عن أرصدة المركزي، ما يحقق إمكانية استقبال أموال بالعملة الأجنبية، وأيضاً رفع تجميد بعض الأموال من رموز النظام السابق، ما يؤدي إلى تحويلها إلى وزارة المالية أو إلى المركزي ما يحسن وضع خزائن المركزي من العملات الأجنبية والاحتياطي من القطع الأجنبي، و يساهم إلى حد كبير في تخفيض معدلات التضخم مستقبلاً.
وتحدث الجاموس عن طفرة اقتصادية ستحدث قريباً، ستجعل سوريا مقصداً لكل الدول، فهي قلب الشرق الأوسط، وعندما تكون باقتصاد قوي وبنظام مستقر، فإن ذلك سينعكس على كل الدول المجاورة والشقيقة، سواء بالإطار العربي أو الإقليمي أو على مستوى العالم.