الحرية – نهلة أبو تك:
بدأت الرياضة الترفيهية في السنوات الأخيرة، تشق طريقها بثبات داخل المشهد الشبابي والسياحي في سوريا، مدفوعة بشغف الفرق الرياضية المحلية التي اختارت الطبيعة ملعباً لها، وجعلت من الهواء الطلق مساحة لمغامرات تجمع بين المتعة والحركة، بعيداً عن نمط الرياضة التقليدية.
وباتت فرق مثل “المغامر السوري” و”روح سوريا” حاضرة بقوة في مشهد هذه الرياضة، التي تشمل أنشطة المشي الجبلي، التخييم، ركوب الدراجات الهوائية، التجديف، والزيبلاين، وغيرها من الأنشطة المرتبطة بالبيئة والجغرافيا المحلية.
مقومات طبيعية تضاهي العالم
يؤكد مشرف فريق “المغامر السوري” إبراهيم سعود أن سوريا تمتلك تنوعاً طبيعياً و جغرافياً يؤهلها لتكون وجهة رائدة للرياضة الترفيهية على مستوى المنطقة، ويبينّ في تصريحه لصحيفتنا “الحرية”:”نحن لا نقدم مجرد نشاطات، بل نفتح للناس أبواباً لرؤية بلدهم من زوايا جديدة. من الجبال إلى الشواطئ والبحيرات، نملك كل شيء… ما نحتاجه هو التنظيم والاعتراف الرسمي بهذا النوع من الرياضات”.
دور سياحي متنامٍ
من جانبه، يوضح مدير سياحة اللاذقية فادي نظام أن الرياضة الترفيهية باتت إحدى أدوات الترويج السياحي الناعمة، قائلاً:”شهدنا في السنوات الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في الإقبال على أنشطة الرياضة في الطبيعة، سواء من السياح المحليين أو من الزوار القادمين من دول عربية، ولاسيما في الفعاليات التي ينظمها فريقا المغامر السوري وروح سوريا، لذلك نعتبر هذه الفرق شركاء حقيقيين في الترويج للوجهات غير التقليدية، وندعمهم معنوياً بكل ما نملك من إمكانات”.
ويضيف نظام أن مشاريع مثل “زيبلاين مشقيتا” أسهمت في جعل البحيرات والجبال المحيطة بها مقصداً لمئات العائلات والمغامرين، مؤكداً أهمية التعاون بين وزارتي السياحة والرياضة للنهوض بهذا القطاع الحيوي.
نعرّف الناس ببلدهم بأسلوب ممتع
علي أسبر، مشرف فريق “روح سورية”، أشار إلى أن الفريق استطاع خلال فترة قصيرة جذب مئات المشاركين، والتعريف بعشرات المواقع الطبيعية التي كانت شبه مجهولة. ويضيف:
“الناس بحاجة إلى الترفيه النشط، وليس فقط التنزه السلبي. نحن نقدم تجربة متكاملة: مغامرة، ثقافة، لياقة، وتعرف على المكان. وقد بدأنا نرى مؤخراً إقبالاً ملحوظاً من السياح العرب، خاصة من العراق ولبنان، على فعالياتنا”.
ويؤكد أسبر أن ما تحتاجه الفرق حالياً هو فتح قنوات تنسيق مباشرة مع الجهات الرسمية، لتأمين مناطق آمنة للمغامرة، والحصول على التسهيلات التنظيمية، من دون تعقيدات إدارية.
بحاجة رعاية
ورغم غياب البنية التحتية المتخصصة، يواصل الشباب السوري تحويل الطبيعة إلى مسارات مغامرة. ومع إحداث وزارة الرياضة والشباب، تعوَّل الفرق على دعم مؤسسي ينقل الرياضة الترفيهية من الهامش إلى الواجهة، ومن المبادرات الفردية إلى قطاع منظم.
في النهاية، تبقى هذه الرياضة أكثر من مجرد نشاط، بل فرصة لبناء علاقة جديدة بين الإنسان ومكانه، بين الجغرافيا والهوية، وبين الشباب والمستقبل.