الحرية ـ سناء عبد الرحمن:
تتطلب الزراعة الناجحة خطوات مدروسة تبدأ بتحضير الأرض بعناية وتوفير التسميد المناسب في كل مرحلة من مراحل نمو النبات، ومع قدوم فصل الشتاء، تزداد أهمية هذه العمليات لضمان نمو سليم للمحاصيل في ظل الظروف المناخية السائدة ، بالتسميد السليم وتحضير التربة وزيادة خصوبتها.
في هذا السياق، يقدم الخبير الزراعي درغام قنزوق رؤيته المتكاملة حول كيفية تجهيز الأرض للزراعة الشتوية وتطبيق التسميد بطرق علمية تهدف إلى تعزيز الإنتاج الزراعي.
تحضير الأرض
يوضح قنزوق، يبدأ نجاح أي موسم زراعي بتحضير الأرض بشكل جيد. يشمل ذلك استخدام تقنيات الفلاحة المختلفة لتحسين خصائص التربة.
يتم تحضير الأرض باستخدام الفلاحات العميقة مثل “السكة”، التي تهدف إلى تفكيك الطبقات القاسية من التربة، ما يسمح للجذور بالانتشار بسهولة. أما الفلاحات السطحية مثل “الكلفاتور” أو “المسلفة”، فتساعد على تنعيم التربة وزيادة تماسكها، ما يعزز قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء وتوزيع العناصر الغذائية بشكل متساوٍ.
ولا يقتصر هذا التحضير على تحسين التربة فحسب، بل يساهم أيضاً في جعلها بيئة ملائمة لنمو الجذور، ما يساعد على زيادة قدرة النبات على مقاومة الأمراض والظروف البيئية القاسية.

التسميد مفتاح النمو والإنتاج
يؤكد قنزوق أن التسميد يعد العامل الأساس الذي يحدد مدى نجاح الزراعة وجودتها، يحتاج كل نبات إلى مزيج من العناصر الغذائية المختلفة وفقاً لاحتياجاته في كل مرحلة من مراحل نموه. وتتمثل العناصر الغذائية في ثلاثة أنواع رئيسية:
العناصر الكبرى مثل الآزوت (N)، الفوسفور (P)، والبوتاسيوم (K)، التي يحتاجها النبات بكميات كبيرة لدعم نموه الخضري وتعزيز مقاومته للأمراض.
والعناصر الوسطى مثل الكبريت (S)، الكالسيوم (Ca)، والمغنيزيوم (Mg)، التي تساهم في تحسين تكوين الجذور وتعزيز نمو الأنسجة الخضرية.
والعناصر الصغرى مثل الحديد والزنك والنحاس، وهي ضرورية بكميات ضئيلة ولكن لها تأثير كبير في دعم العمليات الحيوية داخل النبات.
قبل الزراعة الشتوية، ينصح قنزوق بإضافة الأسمدة الفوسفورية والبوتاسية مثل سوبر فوسفات ثلاثي أو سماد داب أو سماد NPK المركب. تساهم هذه الأسمدة في تحسين خصوبة التربة وتوفير العناصر الأساسية التي يحتاجها النبات من بداية الزراعة.
بعد الإنبات، يأتي دور الآزوت، حيث يُضاف سماد الوريا 46 أو نترات الأمونيوم لتشجيع النمو الخضري. بالإضافة إلى ذلك، يتم رش العناصر الصغرى على الأوراق إذا ظهرت علامات نقص، ما يضمن توازنًا غذائيًا جيدًا للنباتات طوال فترة النمو.
التسميد المتخصص
و يُنصح في الزراعة الشتوية اتباع جدول زمني دقيق للتسميد يتماشى مع احتياجات النبات حسب الموسم وعمره. في نهاية الخريف وبداية الشتاء، يركز على إضافة سماد الفوسفور لتعزيز نمو الجذور في الظروف الباردة. يمكن أيضاً إضافة سماد بلدي متخمر لتحسين خصوبة التربة وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالعناصر الغذائية.
مع بداية الربيع، يصبح سماد الآزوت هو الأساس لتشجيع النمو الخضري للنباتات. أما في الصيف، فيتم التركيز على سماد البوتاسيوم لتعزيز جودة الثمار وزيادة مقاومة النبات للأمراض.
وفي حالات نقص العناصر، يُفضل استخدام الرش الورقي بالعناصر الصغرى والكبرى، مع مراعاة أن هذا النوع من التسميد يتطلب معرفة وخبرة دقيقة للتأكد من احتياجات النبات الفعلية.
السماد الحيوي
يشير قنزوق إلى أن السماد الحيوي يعد من الابتكارات الحديثة التي تُحدث فارقاً كبيراً في تحسين خصوبة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل. يعتمد هذا السماد على كائنات حية مثل البكتيريا والفطريات والطحالب، التي تعمل على تحويل المواد العضوية في التربة إلى عناصر غذائية يمكن للنبات امتصاصها بسهولة.
ورغم إن استخدام السماد الحيوي لا يزال في مرحلة التجربة في بعض المناطق، فإن التوقعات تشير إلى أن له دوراً هاماً في تحسين استدامة الزراعة وزيادة إنتاجيتها في المستقبل.