الرئيس الشرع في اللاذقية وطرطوس.. رسالة برسالة وما يجمعه الوطن لا تفرقه ذيول أنظمة

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:

رسالة برسالة، والماضي ليس بالضرورة صورة للمستقبل. رسالة أراد الرئيس أحمد الشرع نقلها شخصياً، وجهاً لوجه.. بالمقابل جاءت رسالة الرد بالمثل. رسالة رسمية من أعلى هرم القيادة، ورد شعبي هو الأبلغ بأن سوريا الوطن والمستقبل هي من يجمع السوريين، ويحميهم ويضمن أمنهم وسلامهم وكرامتهم.. سوريا هي طائفتنا الواحدة الموحدة، وعندما يكون هذا شعارنا فإننا وسوريا بخير، وسنبقى.
لا شك أن المبادرة عندما تأتي من رأس القيادة، الرئيس الشرع، الذي زار محافظتي اللاذقية وطرطوس اليوم، فهذا له أقصى درجات التقدير والاحترام.. والأهم الاطمئنان. وعندما يتحلق الأهالي حول رئيسهم، فهذا له أيضاً أقصى درجات المحبة والعرفان، ودائماً الاطمئنان بأن الغد سيكون أفضل.
علماً أن زيارة الرئيس الشرع إلى اللاذقية هي في حقيقتها تحمل أبعاداً أخرى لا تقل أهمية.

العين دائماً على الساحل وأهله
منذ التحرير في 8 كانون الأول الماضي، والعين على المنطقة الساحلية، ولا تزال. رهانات الخبثاء وضعاف النفوس ومعهم المأجورين لأطراف إقليمية معروفة، على فوضى مُعممة (طائفية بغيضة) مازالت قائمة. رهانات فشل القيادة الجديدة على ردم الفجوات المجتمعية/الأهلية التي أوصلها النظام السابق إلى مداها الأوسع، مازالت قائمة. رهانات هؤلاء بأن أهل اللاذقية وطرطوس ستغلبهم الطائفية (مع الاعتذار سلفاً عن استخدام التعبير) مازالت قائمة..

الساحل وأهله أمانةُ القيادة الجديدة.. الرئيس الشرع يُعيد تصويب بوصلة الدولة باتجاه جميع السوريين

هذا وغيره مما يُماثله، كان حاضراً في الزيارة، فكانت رداً ورسالة في آن، ومثلها كان الاستقبال الشعبي له.
بالتوازي، اللاذقية طرطوس لهما أهمية جيو- اقتصادية كبيرة، على خريطة النهوض والتعافي الداخلي، وعلى خريطة التعاون مع الجوار الإقليمي (وصولاً إلى الدولي). المحافظتان بمدينتيهما على ساحل البحر المتوسط تضمان الميناءين التجاريين الأهم (والوحيدين). وسبق للنظام السابق أن خسر كليهما، الأول لمصلحة إيران والثاني لمصلحة روسيا.

الواقع كما هو
1- هذان الميناءان يفترض أن يكونا أحد الركائز الأساسية في الاقتصاد، بل دعامته الأولى، وبما يضع سوريا على خريطة أهم الممرات التجارية العالمية، لكنهما لم يكونا كذلك.
2- يفترض أن تكون اللاذقية وطرطوس بمناطقهما الريفية الممتد حتى الحدود مع تركيا.. يفترض أن تكونا سلة غذاء سوريا، بالمحاصيل الاستراتيجية الأهم (حبوب، زيتون، حمضيات، فاكهة باختلاف أنواعها، وكذلك خضراوات). فلاحوها هم من أنشط الفلاحين وأكثرهم عزماً وإصراراً وتحملاً للمسؤوليات والضغوط.. لكنهما لم تكن كذلك، فلا هذه الأرياف بخير، ولا الفلاح بخير.
.. وهذا ينسحب على جميع المجالات المرتبطة بقطاع الزراعة الذي يتركز أساساً في المنطقة الساحلية، مثل التمويل/الاستثمارات، والتسويق، والتصدير.. الخ.
3- يفترض أن تكون اللاذقية وطرطوس واجهة سوريا البحرية إلى العالم، وأن تكون شواطئهما جاذبة لأهم الاستثمارات السياحية، وأن يكون أهلها الأغنى بما تمتلكه مناطقهم من إمكانيات هائلة تجعلهم في رغد من العيش.. لكنها لم تكن كذلك.
4- أقل ما يُقال أن اللاذقية (وبدرجة أكبر طرطوس) هما تماماً خارج أي تصنيف عالمي (حتى إقليمي) على مستوى الواجهات البحرية فيما مدن أخرى في المنطقة (بينها عدة مدن عربية) رائدة عالمياً، بل هي بمنزلة عواصم مال وأعمال (دبي الأبرز) وهي لا تقل بإمكانياتها عما تمتلكه اللاذقية وطرطوس، لا على المستوى البشري/العقول والكفاءات/ ولا على مستوى ما توفره الأرض.
5- أقل ما يقال عن شواطئ اللاذقية وطرطوس أنها مزرية، ورغم ذلك هي غير متاحة، لا للسوريين ولا للسياح، باستثناء فئة قليلة، أو بعض سياح يمرون بها يوماً على الأكثر ويغادرون.
طيلة عقود من حكم النظامين السابقين، لم تجذب هذه الشواطئ أي استثمارات من الوزن الثقيل، لا داخلياً ولا خارجياً.. وبما يشكل قفزة نوعية في اقتصاد البلاد. لم يهتم النظام بهذا الأمر، ولا كانت ضمن دائرة رؤاه التي كان يزعم أنها استراتيجية، فإذا بها قاصرة فاسدة أفقرت البلاد والعباد.
6- أقل ما يقال عن أسواق المحافظتين التجارية أنها بالحد الأدنى، وهي التي يفترض أن تكون عامرة زاخرة زاهرة، كونها ساحلية (أي مفتوحة على العالم) سواء على مستوى اليد العاملة، أو على مستوى الجذب والاستقطاب. هناك ركود في سوق العمل تضاعف حد الكارثة خلال سنوات الحرب. لا صناعات تراثية جاذبة للسياح. ولا منتجات محلية يتم التسويق لها بالصورة الصحيحة.. حتى الثروة السمكية تعاني من مسار فوضوي وبما لا يعود بالفائدة على الصيادين ولا على الدولة تالياً.

في عهدة القيادة الجديدة
هذا غيض من فيض عندما نتحدث عن المنطقة الساحلية بشؤونها وشجونها. وهذا كله الآن في عهدة القيادة السورية الجديدة التي نعي تماماً أنها على إطلاع كامل.
حتى كتابة هذه السطور، لم تنتهِ زيارة الرئيس الشرع إلى المنطقة الساحلية، قد ينتقل منها إلى محافظات أخرى.. وهذا متوقع، ما يعني أن جميع المحافظات تستعد وتتحضر لتكون التالية.
ربما لا تكون جميع المحافظات على جدول زيارات الرئيس الشرع لكنها بالتأكيد على الأهمية نفسها.. والتفاؤل دائماً كبير بأن القادم أفضل.

Leave a Comment
آخر الأخبار