السلم الأهلي والتعايش السلمي.. درع المجتمع في وجه العواصف

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- مركزان الخليل:

في ظل الظروف الصعبة والتحديات الاجتماعية والسياسية التي تمر بها مجتمعاتنا، يبرز السلم الأهلي كأحد أهم الركائز للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي واستقرار الدولة فالتعايش السلمي لا يعني فقط غياب الصراعات المسلحة، بل يشمل أيضًا احترام التنوع، قبول الآخر، ونبذ ثقافة الانتقام والثأر التي تقوض فرص المصالحة، وتزرع بذور الكراهية والانقسام.

الحسن: التعايش السلمي يساهم في تحقيق المواطنة المتساوية ودعم النمو والتطور وإيجاد بيئة إنسانية صحية تسودها الرحمة والتفاهم بدلاً من العنف والانتقام.

تعطيل العدالة

ويرى الخبير في شؤون التنمية وائل الحسن، أن خطر ثقافة الثأر والانتقام على المجتمع تكمن في عدة جوانب منها:
تعطيل العدالة: عندما تُستبدل المؤسسات القضائية بمنطق الثأر، يتحول المجتمع إلى غابة تحكمها العاطفة والغضب، وتفكك الروابط المجتمعية، فالثأر يوجد دوائر لا تنتهي من العنف ويقضي على الثقة بين الأفراد والجماعات وبالتالي فان نقل العنف عبر الأجيال يتوارث الأبناء مشاعر الحقد، مما يعمق الانقسامات ويؤخر أي مصالحة مستقبلية.

التعايش السلمي

ويرى “الحسن” أن أهمية التعايش السلمي تمر عبر تحقيق المواطنة المتساوية، حيث يعيش الجميع تحت مظلة القانون دون تمييز أو إقصاء، إلى جانب دعم النمو والتطور، فلا تنمية دون أمن، ولا أمن بدون سلم أهلي، والأهم يساهم في إيجاد بيئة إنسانية صحية، تسودها الرحمة والتفاهم بدلًا من العنف والانتقام.

دور فاعل

ولتنفيذ ذلك لا بد من دور فاعل للدولة في ترسيخ السلم الأهلي، والحفاظ على السلام الأهلي، لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يمتد ليشمل بناء الثقة، تحقيق العدالة، وصناعة بيئة حاضنة للتعايش، وهنا نستطيع ذكر أبرز أدوارها بشكل متكامل:
منها ترسيخ سلطة القانون، وتطبيق القوانين بعدالة وشفافية، دون تحيّز لفئة أو جهة، والعمل على مكافحة الفساد الذي يهدم ثقة الناس بالمؤسسات العامة، والجانب الأهم منع مظاهر الفوضى وانتشار السلاح غير الشرعي.

تعزيز الحوار الوطني

وبالتالي لتحقيق التعايش السلمي بين كافة أبناء المجتمع يرى ” الحسن” ضرورة إطلاق منصات حوار تجمع مختلف الأطياف المجتمعية، بهدف بناء توافقات واقعية، ودعم المبادرات المجتمعية التي تعزز التفاهم وتحدّ من الانقسامات، إلى جانب أمر في غاية الأهمية يكمن في الاستثمار في الوعي المجتمعي، ونشر ثقافة السلم واللاعنف في المناهج التعليمية والإعلام، وتشجيع مفاهيم قبول الآخر واحترام التنوع والاختلاف.

حماية الفئات الأكثر هشاشة

وهذا يتم من خلال رعاية ضحايا النزاعات وتعويضهم بطريقة عادلة، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، لتمنع إعادة إنتاج العنف في النفوس، ودعم المصالحة المجتمعية عن طريق تأسيس لجان مصالحة محلية، تعمل على معالجة آثار الصراعات والعداوات القديمة، وهذا يقتضي بالضرورة إلى تقديم حوافز قانونية، وأخلاقية لمن يسهمون في إنهاء الثأر والنزاعات.
ويمكن القول هنا أنه ببساطة، الدولة لا تحمي السلام الأهلي فقط بالقوة، بل بالثقة حين يشعر المواطن أن الدولة عادلة، وأن صوته مسموع، وأن حقوقه محفوظة، فإن السلام الأهلي يصبح خيارًا منطقيًا للجميع. الدولة تكون حينئذ هي الراعي لا المهيمن، والحَكم لا الطرف.
في النهاية، السلم الأهلي ليس رفاهية، بل هو شرط أساسي للنهضة والكرامة الإنسانية. والتعايش ليس مجرد خيار، بل ضرورة تاريخية للبقاء. فحين ننبذ الثأر، ونؤمن بقوة القانون، نمنح وطننا فرصة للحياة من جديد.

Leave a Comment
آخر الأخبار