الشاعرة التونسية آمال صالح : كلما كتبت قصيدة أحس أنني لم أكتب القصيدة التي في ذاكرتي

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية_هويدا محمد مصطفى:

الشعر هو مسافة الاحتمال إلى الممكن والحضور ضد النسيان هكذا تكتب الشاعرة التونسية “آمال صالح” قصيدتها المفتوحة لجدلية الأشياء الحالمة عبر أداة الاستدلال إلى مجاهيل الذات وتجد في قصيدة النثر عالمها الذي يعبر مسامات الإبداع لتتناول قضايا عديدة. كما استطاعت كأنثى أن تفرد أجنحة الكلمات على أسوار الحياة لتعلن نصها الشعري. وللغوص في عالم الشاعرة آمال صالح كان لصحيفتنا الحرية معها هذا الحوار.

*-متى بدأت ولادة الشعر في عالمك وكيف تقدمين نفسك للمتلقي؟

**_أظن أن الشعر كان عالمي منذ الطفولة.. اكتشفت ذلك من الأشعار التي قرأتها وأنا طفلة، كانوا يدرسوننا أشعار الشاعر الفرنسي فيكتور هوجو… وكنت أرى أن هذه الأشعار تهزني بقوة… ليست كلمات عادية…كان وقعها قوياً على وجداني…
ثم اكتشفت من خلال نزار قباني أنني في طور اكتشاف نفسي… وكأنني كنت أبحث عن عالم يشاطرني أحاسيس، لم أتمكن في تلك السن الصغيرة أن أدرك كنهها أو ماهيتها… ولكن لما رأيت نزار قباني لأول مرة يلقي قصيدة قلت هذا هو عالمي لقد وجدته…
أحب أن أصل إلى القارىء لأقول له إن الشعر هو عالم يضفي على حياتنا الجمال والبساطة، أنا شاعرة تكتب بصدق الإحساس وأحب أن أشارك القارىء في كل ما أكتبه، والإنسانية بالنسبة لي لبّ الأشياء التي تعطي لكل إنسان قيمة. ليس شاعراً حسب وجهة نظري من لم يعط للآخر قيمة، فالتكبر ليس سمة الشعراء.

*_-تكتبين قصيدة النثر ما الفرق بين القصيدة العمودية والنثر برأيك ؟

**_يتحدد اختيار كل شاعر حسب عدة عوامل، هناك من اختار القصيدة العمودية لأنه وجدها الأنسب للتعبير أظن أن الاختيار يأتي لعدة عوامل حسب شخصية الإنسان ومساره. أنا اخترت قصيدة النثر لأنني أحب ألّا يربطني شيء وأنا أكتب. لحظة الكتابة بالنسبة لي هي لحظة وجدانية عالية أعبر فيها عن أفكار ومشاعر ظلت تراودني حتى أفصح عنها وفي لحظة الولادة . لا أريد أن يحكمني شيء، فأطلق لمشاعري العنان وأكتب لكن الحقيقة أنني أعشق تلك الموسيقى الداخلية التي قرأتها في أشعار نزار قباني، والدهشة التي تسكن نقاط التعجب.

*-هل قصائدك تحاكي الواقع وأين أنت من حروفك كأنثى ، وما الرسالة التي تودين إيصالها من خلال نصوصك الشعرية ؟

**_أكيد تحاكي الواقع، أو ربما جزءاً منه هو صدى لما نعيشه ربما يخرج بطريقة مغايرة يعني لا يفصح عن الموضوع بطريقة مباشرة لأن القصيدة النثرية تعشق الآفاق الواسعة وتتركك تمتلك النص كقارىء لأنها مفتوحة على العديد من التأويلات.
رسالتي إنسانية، فالشعر، وجهة نظري يقاوم كل بشاعة في هذا العالم ويمد للقارىء يداً لتربت عليه وتعيد له توازنه.
الشعر هو أن نكتب لنبني ذواتنا كلما حاولت آليات الحداثة أن تهدم توازنه. الشعر هو واحد للمرأة أو الرجل في جوهره لكن بطبيعة الحال هناك ميزات وخاصيات يمتلكها القلم الأنثوي وأخرى يمتلكها الرجل.

*_لديك الكثير من التكريمات والمشاركات هل تعتبرين أن التواصل الاجتماعي حقق لك شهرة؟

**_نعم، بالتأكيد الفضاء الأزرق مكنني من أن تصل كلماتي إلى الوطن العربي الذي أعشق كل ذرة في ترابه من المحيط إلى الخليج.

*_كونك من تونس ماذا كتبت عن تونس ؟

**_ كتبت عن الوطن بصفة عامة تونس يمكن أن تجدينها من خلال كتاب إرث الحنين الذي أهديته لوالديّ، من علماني حب الخير للآخر الصدق والصدق. هذه هي جذوري التي أفتخر بها. المرأة التونسية امرأة أعتبرها مناضلة في جميع مجالات الحياة؛ طيبة وأصيلة، إرث الحنين هو جسر ممتد مع الماضي عمق الأصل والتاريخ.

*_-متى تأخذك القصيدة لعالمها وما الذي يؤثرك في هذا العالم كشاعرة؟

**_القصيدة هي عالمي وهي ملاذي لأنني مرهفة الأحاسيس. أنا من كان نزار قباني يكتب له حين سألوه لمن تكتب أجاب أكتب لمرضى الحساسية وهذه أيضاً من مراحل اكتشاف ذاتي. وكلما عرفنا ذواتنا ، تقبلناها. لقد حاولت الكثير للتغلب والشفاء من هذا المرض، فلم أفلح فتقبلته حينما سألت نفسي ماذا تريدين أن تكوني؟ حساسة جداً إلى حدّ المرض أو لامبالية وباردة؟ أكيد أريد أن أبقى كما أنا وأكتب الشعر على طرف جمرة !
لذلك القصيدة هي من احتوت هذه المشاعر وجعلتها تحاور العالم بطريقتها.
لا معقول عند الشعراء…
ليس للمعقول من سحر
ينافس ارتداءنا لصباحات بدون حنان
بدون شمس
توقد فينا أغاني فيروز
فيشتعل الصباح بضحكة غجرية
تسافر بنا
نحلم
ونعانق الورد
والندى
الندى وعد
بسحر عالم نتوق إليه
ليس للمعقول من سحر
لأننا ألفنا الحلم
مع ضحكة الشمس
وولع النهار على عتبات زمن غريب
ربما كانت غريبة أحلامنا
غريبة ديارنا
ربما الصقيع هو المعقول
نرفض ذلك
تشرق الدمعة من قلوبنا
ولكننا في نفس الوقت نبتسم…!

*_-ما رأيك بالكتاب الإلكتروني وأين هو بالنسبة للكتاب الورقي؟ وما تأثير ذلك على الواقع الثقافي بالعالم العربي؟

**_ المهم بالنسبة إلي، أن نواصل القراءة بأي شكل من الأشكال ولكن يبقى الكتاب الورقي بشكله المغري الأنيق هو أجمل شيء وخصوصاً عند تصفح وريقاته وتناغم الروح مع كل كلمة.

*_-هل تتقبلين النقد وما العلاقة بين الناقد والكاتب وبرأيك هل هناك نقد حقيقي ؟

**_النقد البناء نعم أتقبله حتى وإن لم أعمل به فإنه يحثني على التفكير ومحاولة إعادة النظر.
مازال النقد موجوداً عند من يهتمون بتطوير مجتمعاتهم عن طريق الفكر والثقافة لأنها مسؤولية نهضة أجيال بأكملها.

*-ما القصيدة التي تختزن ذاكرتك ؟

**_كلما كتبت قصيدة أحس أنني لم أكتب القصيدة التي في ذاكرتي، كل الذي كتبته هي نصوص لم تكتمل أبحث دوماً عن نص جديد أهديه للقارىء.

*-هل من مشاريع قادمة؟

**_نعم أنا بصدد المشاركة في أنطولوجيا شعرية ثانية مع شعراء فرنسيين بعنوان ” كلمات الصمت كانت لي معهم مشاركة سنة 2024 حول السمع بالألوان، وهو مؤلف مشترك شاركت فيه نخبة كبيرة من الشعراء الفرنسيين، كما شاركت أيضاً في أنطولوجيا ” مدارات الحب.

من الجدير ذكره أنه صدر للشاعرة في الشعر /إرث الحنين/ ابتسامة ودموع/ وطني الأخضر/ رائحة الكلمات /ومؤلف مشترك مع شعراء فرنسيين/مدارات الحب مؤلف مشترك مع شعراء عرب أنطولوجيا عن الحب ويذكر أن الشاعرة لها الكثير من المنشورات بصحف عربية وأجنبية.

Leave a Comment
آخر الأخبار