الحرية – يسرى المصري:
عززت الزيارات المتبادلة بين مسؤولين سوريين وأمريكيين، بما في ذلك زيارة النائب الأمريكي مارلين ستوتزمان لسوريا من حوارات التعاون الاقتصادي. في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة السورية على تهيئة بيئة استثمارية جاذبة، ما جعل العديد من الشركات العالمية تصف سوريا بأنها “الأرض الذهبية” للاستثمار بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها. وهي تتبنى سياسة اقتصاد مفتوح قائم على الشراكات بدلاً من الاعتماد على المساعدات الخارجية.
وفي هذا السياق يؤكد عضو مجلس النواب الأمريكي مارلين ستوتزمان أن الشركات الأمريكية تطمح للقيام باستثمارات كبيرة ومهمة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والخدمات المصرفية في سوريا.
وقال ستوتزمان في تغريدة على منصة إكس: يمكن لسوريا الحرة أن تكون ملاذاً لاستثمارات الشركات الأمريكية في قطاعات البنية التحتية والطاقة والخدمات المصرفية”، وأضاف: “لقد تحدثتُ مع عدد لا يُحصى من قادة الأعمال الذين يتوقون إلى القيام باستثمارات مهمة وكبيرة في سوريا“، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التنوع الديني الذي عاشته سوريا لإعادة بناء هذا البلد ومستقبله.
وكان ستوتزمان زار ضمن وفد من الكونغرس الأمريكي سوريا في شهر نيسان الماضي، وأكد في أعقاب الزيارة أن “هناك الكثير من الإمكانيات للتعاون مع الحكومة السورية”، معرباً عن تمنياته للشعب السوري بالحصول على المزيد من الفرص الاقتصادية، والازدهار كما هو الحال في الدول المتقدمة.
ويمكن القول أنه بعد عام على تحرير سوريا باتت الشركات العالمية الكبرى ترصد التحولات السياسية والاقتصادية في سوريا وتراقب عن كثب الحراك الاستثماري الملحوظ الذي يتضمن قائمة مشاريع كبرى في البنية التحتية وقطاعات حيوية أخرى، إلى جانب اهتمام متزايد من شركات أمريكية وعالمية بدخول السوق السورية.
للاستثمار بمشاريع البنية التحتية الكبرى:
• كمشروع مطار دمشق الدولي (تطوير وتوسعة)
– ائتلاف بقيادة “أورباكون” القطرية، مع شركات من تركيا والولايات المتحدة (أسيتس للاستثمارات). 4 مليارات دولار
• ومشروع مترو أنفاق دمشق المؤسسة الوطنية للاستثمار (الإمارات العربية المتحدة). 2 مليار دولار
• أبراج دمشق شركة “يوباكو” (إيطاليا). 2 مليار دولار
• كما برز اهتمام الشركات العالمية بمشاريع الطاقة “شيفرون” (أمريكية)، “شل”. وتوجد مذكرات تفاهم (قيد الدراسة)
• السلع الاستهلاكية “بروكتر آند غامبل” (أمريكية)، “بيبسي كو”. مذكرات تفاهم (قيد الدراسة)
• التجارة الإلكترونية والخدمات “أمازون”، “ماكدونالدز”، “إيكيا”، “زارا”، “أوبر”. قيد الدراسة والتقييم
فرص استثمارية
إلى ذلك توجد قوائم بمشاريع استثمارية أخرى تشمل الطاقة المتجددة، السياحة، الصناعة، الزراعة، التعليم، القطاع الطبي، الخدمات المالية وتمثل فرصاً متنوعة للمستثمرين. بما في ذلك فرص متاحة أو قيد التطوير.
وهذه المشاريع والاهتمامات لا تأتي من فراغ، بل هي نتيجة لتطورات مهمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي فبعد رفع العقوبات الأمريكية في 30 يونيو 2025، أصدر الرئيس الأمريكي أمرًا تنفيذيًا يرفع العقوبات عن سوريا اعتبارًا من 1 يوليو 2025، ما فتح الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية. كما توجد مباحثات لتخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات السورية من 41% إلى 10%، ما سيعزز التجارة بين البلدين.
شركات استثمارية أمريكية وعالمية كبرى تصف سوريا بالأرض الذهبية لموقعها ومواردها وسوق استثماراتها الواسع
الأرض الذهبية
الاهتمام الأمريكي بالاستثمار في سوريا لا ينبع فقط من الرغبة في إعادة الإعمار، بل أيضاً من حسابات جيوسياسية واستراتيجية أوسع، حيث
يُنظر إلى سوريا، بموقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية وقوة عمالتها الشابة، على أنها “أرض ذهبية” للاستثمار، وخاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والخدمات المصرفية. وقدرت بعض الدراسات تكلفة إعادة الإعمار بنحو “400 مليار دولار” ما يشكل سوقاً ضخمة للمستثمرين الأجانب .
-أضف إلى ذلك أن سوريا تعد الممر الاستراتيجي وتسعى الولايات المتحدة إلى تأمين ممرات جديدة للطاقة تربط الخليج بالبحر المتوسط عبر الأراضي السورية، ما يعزز نفوذها الإقليمي ويقلص الاعتماد على الممرات التي تسيطر عليها إيران أو روسيا .
وفيما يتعلق برؤية الولايات المتحدة لمستقبل سوريا فيبدو من الواضح الرهان الأمريكي على سوريا الجديدة ويبدو أن الإدارة الأمريكية تضع رهاناً تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع الذي وصفه ترامب بالقوي والشجاع ويسعى لبناء اقتصاد مفتوح قائم على الشراكات بدلاً من الاعتماد على المساعدات أو القروض.
الجهود الدبلوماسية السورية
لقد أدركت القيادة السورية أن رفع العقوبات الأمريكية بشكل دائم (مثل “قانون قيصر”) يتطلب أكثر من مجرد التفاوض مع البيت الأبيض، بل كسب دعم داخل الكونغرس. وهذا يفسر الاستراتيجية التي انتهجتها دمشق من خلال بناء تحالفات تشريعية، حيث سعى الرئيس الشرع ووزير خارجيته بشكل مباشر إلى كسب تأييد أعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وقد عبّر نواب مثل ستوتزمان وكوري ميلز وجو ويلسون علناً عن دعمهم لرفع العقوبات بعد لقاءاتهم بالشرع .
ومن اللافت أن الادارة السورية تمتاز بدبلوماسية راقية وذكية ما يجعلها تتجنب الرهان على جهة واحدة، وتحرص على بناء علاقات مع كل من الإدارة التنفيذية وأعضاء الكونغرس لضمان استقرار العلاقة على المدى الطويل .