الحرية – لوريس عمران:
تشهد الساحة السورية في الآونة الأخيرة تفاعلات سياسية وأمنية متسارعة، تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية، وتكشف عن ملامح مرحلة جديدة من موازين القوى في المنطقة، هذه التطورات لم تأتِ بمعزل عن السياق العام، بل هي انعكاس لتحركات دبلوماسية كبرى ومحاولات لإعادة رسم المشهد بما يتناسب مع حسابات الأطراف الفاعلة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير السياسي في واشنطن المحامي إسماعيل باقر أن ما يحدث في سوريا ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج تقاطعات سياسية معقدة تتزامن مع تحركات دبلوماسية إقليمية كبرى.
وأشار باقر في حديثه لصحيفة «الحرية» إلى أن التوقيت الذي شهد قصفاً وتصعيداً من قبل «قسد» في حلب، يكشف عن محاولات أطراف معينة لخلط الأوراق، لكنه في المقابل يبرز جانباً لافتاً يتمثل في مستوى غير مسبوق من ضبط النفس الذي تبديه الدولة السورية.
وبين باقر أن هذا «الصبر الاستراتيجي» الذي تنتهجه دمشق ليس نابعاً من ضعف، بل هو سياسة محسوبة تضع السلم الداخلي والاستقرار الوطني كأولوية قصوى فوق كل الاستفزازات الميدانية.
ولفت الخبير باقر إلى أن الرسائل الإقليمية والدولية التي تدعو للتسوية واضحة، إلا أن هناك مقاومة مستمرة للتفاهم تبديها قوى محلية ذات نزعات انفصالية، تعمل وفق مشاريع ضيقة لا مستقبل لها في ظل الإصرار على وحدة الأراضي السورية، موضحاً أن هذه المعركة باتت خاسرة بوضوح، فلا تركيا ستقبل بتقسيم يهدد أمنها القومي، ولا دمشق ستسمح بالمساس بسيادتها، كما أن السياسة الدولية، بما فيها الموقف في واشنطن، باتت تميل نحو الحفاظ على وحدة سوريا كأمر غير قابل للتفاوض.
وفي سياق متصل أشار باقر إلى أن رفع العقوبات يمثل نقطة تحول جوهرية، حيث لم تعد سوريا مكبلة اقتصادياً كما في السابق، مما يضع المسؤولية الآن على عاتق المجتمع الدولي والعالم العربي للانخراط الجدي والمسؤول.
وشدد على ضرورة وضع كل الثقل السياسي والدبلوماسي لدعم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، معتبراً أن الصبر الاستراتيجي السوري نجح في إعادة رسم الصورة الذهنية لدمشق أمام العالم كطرف يسعى للبناء والتوحيد.
وفي ختام حديثه أكد أن سوريا ماضية بثبات نحو الأمام، وأن استقرارها هو مصلحة إقليمية ودولية لا يمكن التغاضي عنها، لأنها تستحق السلام الذي طال انتظاره.