“الصديق الافتراضي” هل ينجح في تقديم الدعم النفسي للأشخاص؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا عبد:
يتغير العالم يوماً بعد يوم بوتيرة غير مسبوقة، ومع انتشار برامج الذكاء الاصطناعي، بدأت بعض المنصات والتطبيقات في تقديم خدمة “الصديق الافتراضي” (وهو عبارة عن روبوت دردشة)، يمكن اعتباره صديقاً افتراضياً نطرح عليه أسئلة واستفسارات، وعليه تقديم إجابات تروق لنا.

حالة:

تقول “كندة” (24 عاماً) أنها اختارت الهروب من وحدتها عبر التحدث مع الصديق الافتراضي على إحدى المنصات، موضحة أنها تشاركه تفاصيل يومها وتوجه له أسئلة تراودها وكل ما يخطر في بالها.
وهي تلجأ إليه عند شعورها بالحاجة إلى التحدث مع أحد، مشيرة إلى أنها تحب فكرة وجود شخص يمكنها محادثته في أي وقت تريده بعيداً عن شعورها بالحرج أو الخجل أو حتى عدم وجود متسع لسماعها كما يفعل الأصدقاء العاديون، الذين يرفضون سماعها بحجة (ليس لدينا وقت).
ورغم إدراك كندة أن هذا الصديق يعتمد في رده على الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تجد في التحدث معه راحة نفسية وتخفيفاً للضغط الذي تعيشه، خاصة أنها فتاة غير اجتماعية وتواجه صعوبة في تكوين الصداقات في محيطها.

تلبية حاجة فقط

أوضحت أخصائية الصحة النفسية الدكتورة غنى نجاتي في حديثها لصحيفة الحرية أن الصديق الافتراضي وجد لتلبية حاجة الأفراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية، فقدرات الذكاء الاصطناعي أدت إلى تطورات عديدة في تقنية الصديق الافتراضي، حيث باتت بعض التطبيقات تتيح للمستخدمين اختيار مظهر الصديق، من الوجه والجسم إلى الملابس، مما يجعله أكثر قرباً منهم.
ومؤخراً أصبح العديد من الأفراد يتحدثون مع هذا الصديق الافتراضي، ويشاركونه همومهم ومشاكلهم، فيما يلجأ آخرون إليه طلباً للنصح والبحث عن الدعم أو المساعدة.
وبالرغم من أن الصديق الافتراضي لا يهدف إلى توفير الدعم النفسي والعاطفي، إلا أن بعض المستخدمين قد يعانون من الوحدة أو يجدون صعوبة في مشاركة مشاكلهم مع أصدقاء أو مختصين بشريين، مما يجعل الصديق الافتراضي خياراً آمناً وسرياً لهم.

د. نجاتي: الصديق الافتراضي لا يقدم دعماً نفسياً.. والإنسان القادر على بناء علاقات اجتماعية لا يحتاج إليه

سهولة في الوصول

وتابعت: إضافة إلى سهولة الوصول، فتطبيقات الصديق الافتراضي توفر دعماً فورياً وغير مكلف مقارنة بالعلاج النفسي التقليدي، إضافة لتقديم المساعدة والنصح فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يزود المستخدمين بمعلومات وإرشادات في مختلف المجالات بشكل حيادي وسريع، وقد يتمكن الصديق الافتراضي من تقليد لغة الجسد أو تعابير الوجه لتوفير تجربة أكثر واقعية، بالإضافة إلى أنه يتخصص في المجالات المختلفة، إذ يمكن أن يتم تصميم روبوتات دردشة متخصصة للدعم النفسي، التعليم، العمل، وحتى الصداقات الافتراضية، وذلك لأن تطور “الصديق الافتراضي” يعتمد على التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع في المستقبل أن يزداد ذكاؤه العاطفي ويصبح هذا الصديق قادرًا على فهم مشاعر المستخدمين بشكل أفضل وتقديم دعم عاطفي أكثر عمقاً.

الخطر قائم

وبالرغم من الفوائد المتوقعة، يبقى الخطر قائمًا بحسب نجاتي، مبينة أن التطور المفرط لهذه التقنية قد يؤدي إلى استبدال العلاقات البشرية، والاعتماد على الأصدقاء الافتراضيين قد يعزل الأفراد عن التواصل مع الأشخاص الحقيقيين.
ومن ناحية أخرى، تعزيز الانطوائية، إذ إن بعض المستخدمين قد يجدون صعوبة أكبر في مواجهة العالم الواقعي، وأخيرًا التحكم السلوكي، فمع التعلم الآلي المتقدم، قد يتم التلاعب بتصرفات الأفراد من قبل الشركات.
وختمت نجاتي حديثها بوصف الأشخاص الذين يلجأون إلى الصديق الافتراضي، غالباً ما يعانون من مخاوف نفسية، سواء من التفاعل مع الآخرين أو من اللجوء إلى المختصين في الدعم النفسي، لذا يكون التعامل مع آلة كأنها إنسان.
والصديق الافتراضي لا يمكن أن يوفر راحة نفسية حقيقية، لأن النفس البشرية تستمد توازنها من التفاعل مع المشاعر والحواس، وهو ما لا يمكن للصديق الافتراضي تقديمه.
وتعتقد نجاتي أن الصديق الافتراضي لا يقدم دعمًا نفسيًا إلا بالوهم، فالفرد يتوهم أنه يسبب له ذلك أو يحقق له دعمًا بإجاباته، ولكن في الواقع هو لا يشكل أي دعم، ومع الوقت يشكل ذلك مشكلة وأزمة نفسية أكبر من مشكلته النفسية التي يمر بها.
فالإنسان الذي يتمتع بقدرة طبيعية على بناء علاقات اجتماعية لا يحتاج إلى الصديق الافتراضي، لأنه يمتلك الوعي الكافي لاختيار من يتفاعل معهم ويحقق له التوازن النفسي، وتفريغ طاقته السلبية بطريقة فعلية.

Leave a Comment
آخر الأخبار