الصرامة المهنية.. هل هي المفهوم الذي نحتاجه في مؤسساتنا؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – لمى سليمان:

مفهوم الصرامة المهنية أو الالتزام الصارم بمعايير الأداء والمبادئ الأخلاقية والانضباط في تنفيذ المهام الوظيفية لا يعتبر مفهوماً مستحدثاً وإنما استخدم لمدة زمنية ليست بالقصيرة.. فهل من الممكن إعادة تفعيل هذا المفهوم في مؤسساتنا الحكومية سيكون له أثر إيجابي على ألا يقودنا هذا الطريق إلى القسوة؟
وفي إجابة على هذا السؤال، يوضح استشاري التدريب والتطوير الدكتور عبد الرحمن التيشوري في تصريحه للحرية أن مفهوم الصرامة المهنية أو ما يسمى بالاحترافية هي مجموعة من القواعد والمبادئ والضوابط التي تحكم العمل داخل المنظمة العامة كالشركة أو الوزارة، وقد عمّت الفوضى الإدارية واستشرى الفساد في سوريا خلال المرحلة الماضية قبل سقوط النظام السابق ولا يزال هناك بعض الفوضى كون جزء من السلطات لا يزال غير موجود وبالتالي لا توجد هناك صرامة مهنية وقواعد مطبقة محترمة.

السلوك التنظيمي

وبحسب التيشوري هناك قواعد تسمى السلوك التنظيمي أو تحقيق الانضباط في السلوك الإداري، لذلك عندما يتم تطبيق الصرامة المهنية والحد من بيروقراطية الأداء حينها يمكن تحقيق أهداف العمل وأهداف السياسات العامة للوزارة أو المنظمة الحكومية أو حتى السياسات العامة للدولة بأعلى درجة من الكفاءة والفعالية، ولكن هذا الأمر لم يكن ممكناً تحقيقه في سوريا لأن الفساد تغلغل في كل مناحي الحياة من الوزارات إلى السياسات إلى الاقتصاد.
لذلك وعلى الرغم من الدعوة إلى تطبيق الصرامة المهنية والانضباط بالعمل، إلا أنه من الأجدى تبني مفاهيم الإصلاح الإداري، وكان هناك بالفعل وزارة للتنمية الإدارية وفيها مجموعة من السياسات والقواعد، ويمكن العودة لهذه السياسات وإعادة تنظيم الإدارة الحكومية بالدولة كما حدث في مؤتمر الإصلاح الإداري والذي حضره أكثر من ألفي خبير ومختص، وكذلك وزراء وتطبيق نتائج هذا المؤتمر سيسهم بالفعل في تحقيق الصرامة المهنية وقواعد الانضباط ويغير السلوك التنظيمي ويمنح دوراً للمؤسسات والمنظمات العامة.

الإدارة بالتعليمات

يجب تطبيق الصرامة المهنية ووضع قواعد واضحة ومعروفة من قبل العاملين وصناع القرار والمسؤولين، لأنه في المرحلة الماضية انتشر أسلوب يمكن تسميته “الإدارة بالتعليمات” وكذلك بالتوجيهات واللوائح وحتى عن طريق الهاتف الذي وصل إلى حد تغيير الوزير عن طريق مكالمة هاتفية فقط! وبالتأكيد هذا النوع من التعامل غير موجود في الشركات المحترمة وفي دول العالم ولذلك يجب وضع ما يسمى بمواثيق العمل متضمنة قواعد الانضباط والصرامة المهنية وتُعلن، ويتم شرحها للموظفين وللمسؤولين وتُطبق على العمل سواء كانت الشركة إدارية أو اقتصادية أو خدمية، وهذه الطريقة مطبقة حول العالم ويمكن للسوريين محاكاة تجربة الهند أو المملكة المتحدة وتطبيق هذه القواعد.

النفاق الإداري

ويدعو تيشوري إلى تطبيق قواعد الصرامة المهنية وقواعد الاحترافية ومواثيق العمل إضافة إلى ميثاق رضى المواطن ورضى الموظف وإعلان كل هذه المقاييس وتطبيقها في العمل، لأننا في سوريا نعاني من ظاهرة “النفاق الإداري” حيث تأتي مجموعة من الأشخاص المحيطين بصانع القرار لتأييده في صنع القرار أو بتطبيق طرق معينة في العمل ويقوم بتزيين القرار الذي تم إصداره والذي قد يكون خاطئاً وغير سليم. ولذلك يجب القضاء على ظاهرة النفاق الإداري.

استشاري تدريب وتطوير: ضرورة وضع قواعد واضحة معروفة من قبل العاملين وصناع القرار والمسؤولين

ومن أجل ذلك يجب تطبيق مبادئ حوكمة الشركات على كل وزارات ومنظمات الدولة و القطاع العام والحوكمة هي مجموعة من القواعد والضوابط والمعايير المالية والمحاسبية و الاقتصادية والإدارية والتي تم وضعها من قبل المؤسسات الدولية وبخاصة المالية وهذه القواعد تحدد العلاقة بين إدارة الشركة والوزارة والمؤسسة وبين المساهمين وأصحاب المصالح والمواطن الأمر الذي ينتهي بتحقيق الرقابة الإدارية الصارمة والمالية وكذلك يستقيم عمل المؤسسات ويقل الفساد بنسبة كبيرة ونحصل على مؤسسات رشيقة وفعالة كما في كل دول العالم.

الرقابة الفعالة

ويشترط تيشوري تحقيق رقابة فعالة على الأداء الإداري والأداء المالي من خلال تطبيق المعايير التي ذُكرت قبلاً والمتضمنة حوكمة الشركات أو الحكم الجيد، لتحقيق إصلاح إداري و تطبيق قوانين الصرامة المهنية، وعنها ينتج تحسن في الوزارات وفي الأداء وتقديم خدمات أفضل للمواطن، إضافة إلى العمل على زيادة الشفافية والإفصاح وفتح المجال للإعلام بالدخول إلى كل تفاصيل العمل الإداري والوزاري وحتى مؤسسات السلطة الرئيسية كرئاسة الجمهورية ومجلس الشعب والقضاء وبالتالي نصبح كدول العالم ونكافح الفساد الإداري والتهرب الضريبي وتجنب الكثير من المخاطر و بالتالي إعمار سوريا بالشكل الذي يحقق مصالح أبنائها ونتمنى من الحكومة العمل على تطبيق هذه المبادئ.

Leave a Comment
آخر الأخبار