الحرية – سامي عيسى:
ليس مستغرباً على العقل السوري التفكير بحلول إنقاذية للواقع الاقتصادي المتردي اليوم، لأسباب يعرفها الجميع، تداعيات حرب طويلة، مشاكل اقتصادية وإنتاجية، وترهل الإدارات وحالات فساد ضخمة، جميعها شلت الحالة الإنتاجية، وأوقعت الدولة في مشاكل كثيرة، منها على سبيل المثال نقص رأس المال اللازم لتمويل المشروعات، وتأمين ديمومة معيشة المواطن بسهولة ويسر، وبالتالي التفكير اليوم بإحداث الصندوق يشكل حالة وطنية وتجربة تعبّر من خلاله الحكومة نحو معالجات جيدة، ومضمونة لإحداث نقلة نوعية على صعيد الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن والدولة على السواء.
التفكير بحلول جذرية
حيث أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف في تصريحه لصحيفة” الحرية” أهمية هذه الخطوة على مستوى العمل الحكومي، وحتى المستوى الاجتماعي والأهلي، وقبل ذلك الحالة الاقتصادية التي يستهدفها الصندوق، في ظل ظروف معيشية واقتصادية صعبة تحتاج حلولاً جذرية، والبداية يمكن أن تكون بإحداث الصندوق السوري، وخاصة أنه جرت العادة في البلاد التي تمر بظروف الحروب والكوارث، تطلق مجموعة من المشاريع الخيرية والتنموية، وإعادة اعمار، إلى جانب مشاريع تعتمد على المبادرات الفردية، والمجتمع المدني والأهلي..
خبير اقتصادي “إحداث الصندوق السوري” حالة وطنية نجاحها مرتبط بتوفير الآلية الصحيحة وتبسيط الإجراءات لسد الثغرات أثناء التنفيذ
وبالتالي إحداث الصندوق السوري هو تطبيق فعلي لتجارب الدول الأخرى في هذا المجال، والتي تشابهت ظروفها مع ظروف الدولة السورية، وحققت نجاحات مميزة على صعيد الدولة والمجتمع كبنية كاملة ومتكاملة.
وأوضح يوسف أن نجاح الصندوق مرتبط بحالة الاقبال وجمع التبرعات الكافية، وتأمين الموارد المالية اللازمة للمساهمة في أعمال التنمية، وتنفيذ المشروعات الإنتاجية والخدمية، من دون تجاهل مساهمته في الأعمال الأسرية، التي تحمل في مضمونها مشروعات إنتاجية، هدفها تحسين الواقع المعيشي، والخدمي للمواطن، على كامل الجغرافية السورية.
ظاهرة تنموية
ويرى” يوسف” أن نجاح هذه الحالة الوطنية من شأنها، المساهمة في إعادة اقلاع الاقتصاد السوري من جديد، وخاصة في ظل الظروف الحالية، والتي تحكي قصصها حالة الدمار للبنى التحتية والخدمية وغيرها، وما نتج عنها من تراجع في الإنتاجية، وتأثيرها على الحالة الاقتصادية العامة، وسوء مستوى المعيشة، وتفشي ظاهرة حالة العوز والفقر لدى معظم السوريين، وهنا يكمن “مربط الفرس” في كيفية استثمار الصندوق لمعالجة هذه المشكلات وفق تراتبية تسمح بمعالجة قادرة على حل تلك المعضلات، والابتعاد تماماً عن تحول الصندوق الى ظاهرة استهلاكية” أكل وشرب وبناء بيوت”، بقدر ما يكون ظاهرة تنموية هدفها مشروعات استثمارية و إنتاجية من شأنها تأمين فرص العمل، ومصادر مولدة للدخل، تتحول بصورة تلقائية لدعم مصادر التمويل للصندوق، والتي من شأنها توسيع دائرة الاستثمار واستهداف مشروعات، تنسجم مع توجهات الصندوق والحالة الاقتصادية العامة للدولة، والتي تترافق مع مشاريع إنمائية، وسكانية هدفها عودة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم، والأهم توفير مشاريع تستوعب عودة هؤلاء ليكونوا منتجين وفاعلين بالمجتمع، لا يشكلون حالة عبء وثقل على الصندوق والدولة على السواء..
وهنا أوضح يوسف جانباً مهماً من عمل الصندوق، والقاضي بتوجه الصندوق إلى دعم أعمال التنمية الزراعية والصناعية، المرتبطة بها بالمحاصيل الزراعية، وبهذه الحالة يمكن العمل بطريقة مثلى تحقق الغاية والهدف من إطلاق الصندوق السوري لأعمال التنمية.
تجربة جديدة
وبالتالي الأثر الاقتصادي الممكن تحقيقه مرتبط بحجم المبالغ الداعمة للصندوق، لكن من دون شك أن إحداث الصندوق تجربة جديدة، وخطوة بالاتجاه الصحيح الذي يعتمد على وعي المجتمع والفعاليات الداعمة وغيرها، والتي من شأنها المساهمة في أعمال التنمية، وفق مسارين الأول اقتصادي، والثاني اجتماعي، بحيث يشكل هذا العمل أهم محاور عمل الصندوق مستقبلاً، ونتائجه تشكل مخرجات عمل هي بدورها ستسهم في ايجاد فرص استثمارية منتجة وداعمة، تفرض حالة إيجابية يستفيد منها بالدرجة الأولى المواطن، وقبله الاقتصاد الوطني، من خلال تحسين مستوى المعيشة، وزيادة الإنتاجية الوطنية، والتي بدورها تؤدي أيضاً الى زيادة الناتج الإجمالي المحلي.
وأضاف ” يوسف” أن نجاح عمل الصندوق مرتبط بتوفير الآلية الصحيحة، والدراسات العلمية والواقعية التي تلامس الواقع كما هو، إلى جانب تبسيط الإجراءات التي تكفل سد الثغرات التي قد تظهر خلال مراحل التنفيذ .