الحرية-وصال سلوم:
لم تعد العبارات سيدة المشهد، بل إن الكثير من الأنواع الصحفية تراجع تأثيرها، إذا ما قدمت بالطرق التقليدية. فمعظم الكتاب المشهورين اليوم يطلون عبر السوشيال ميديا ويصورون فيديوهات يتحدثون فيها مباشرة للناس، عوضاً عن استخدام الكلمات المكتوبة، التي يقولون ربما لن تجد من يقرؤها كما كان الأمر في السابق.
إذاً.. هل يمكن أن تتولى الصورة مهمة الكلمات؟
وماذا إذا تم استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل فبركة صور ومقاطع فيديو، وقد حصل ذلك في العالم عدة مرات؟.
ثم ما أثر كل ذلك على الثقافة العامة وعلى موضوع القراءة والبحث، فالجميع اليوم يقولون: “دعونا نرى ونسمع”، ولا تطلبوا منا أن نقرأ!.
الاعتراف بضرورة إتقان التكنولوجيا من أجل مواكبة العصر، مسألة حتمية حتى بالنسبة للإعلاميين الكلاسيكيين الذين اقتصر عملهم على الجرائد المطبوعة. فاليوم لا يمكن أن تصل الكلمة إذا كانت مجردة من المعدات التقنية وأساليب الدعم بالصورة والفيديو، صحيح أن هناك فئة من المهتمين بالبحث العلمي الذين تقتضي أعمالهم القراءات المعمقة من ضمن الكتب، لكن هذه الشريحة النخبوية ليست منتشرة جماهيرياً، بل هي مقتصرة على المختصين الأكاديميين.
لقد أفرزت الصورة مشكلات كثيرة على صعيد دقة المعلومات ومستوى الثقافة العامة، حتى إنها شكلت خطراً على محطات التلفزة التي تسيدت المشهد طوال سنوات طويلة، وهنا لابد من الحديث عن الصورة الاحترافية صاحبة القضية والرسالة الإعلامية النظيفة والأخلاقية، التي ترد على عمليات التزوير في الأخبار، وتحاول بناء ثقافة عميقة ووعي مسؤول بالمصالح الوطنية للبلدان.
لقد أفرز التطور التقني، الكثير من القضايا المتشعبة على صعيد وظيفة الصحفي وعمله اليومي، وإذا لم يستطع الصحفيون الكلاسيكيون مواكبة التطور الحاصل، سيخرجون من المشهد للأسف ولن يبقى لديهم متابعون، وبالتالي لابد من عقد تحالف كبير واستراتيجي بين الكلمة والصورة أو الفيديو، بحيث لا تتنازل الكلمة عن مكانتها، وفي الوقت نفسه تحاول الاستفادة من الصورة والفيديو لإثبات وجهة نظر المعنى الذي ترمي إليه.
لا أحد يعرف بالضبط، إلى أين يمكن أن يصل بنا التطور التكنولوجي الحاصل، فربما نصل إلى زمن يصبح التواصل فيه عبر الإشارة، أو عبر التخاطر كما بشر أحد علماء النفس الغربيين، لكن في كل الأحوال، تبدو المتطلبات الإعلامية المنتظرة من العرب كثيرة جداً، من أجل إيصال رؤيتهم لما يجري في العالم، وإيصال ثقافتهم والدفاع عن عاداتهم وتقاليدهم.