الحرية- جواد ديوب:
هي خريجة كلية الصيدلة بدمشق، تابعت دراساتها التكميلية في جامعة “أوبسالا للعلوم الحيوية الطبية” بالسويد، وهي في صددِ دراساتِ تخصصٍ بالصيدلة السريرية، تعلمتْ الموسيقا بجهد شخصي ومساعدة أستاذ العود جمال عواد في حمص، سافرتْ بسبب الحرب إلى السويد واهتمّت بالموسيقا السويدية الشعبية، وأسست لمشروعها بالتعاون مع جمعية Bilda Folk ومع عازفين سويديين وعرب، من فكرتها عن التلاقي الموسيقي بين الشعوب وإنشاء جسر يقرب المسافات ويساعد على فهم الآخر المختلف، فكانت النتيجة فرقة ” Ya leil يا ليل الشرقية السويدية”.
نسألها:
* اختصاصك الأساس هو الصيدلة اي أنه أمرٌ علمي، ما الذي جاء بك إلى حقل الموسيقا… هل هي مجرد هواية أم رغبة في قول أفكارك بشكل موسيقي؟
** فكرة أنني أدرس اختصاصاً علمياَ شبه جامد لم يمنعني أبداً من دراسة شغفي الموسيقي الأساس، وستبقى الموسيقا مساحة أمان ألجأ إليها في حزني وفرحي وغضبي وكآبتي، وهذا هو الأمر الفريد في الموسيقا؛ أي قدرتها على أن تكون استراحة الشعوب من العنف وضغط الحياة، وتجعل الحضارات تستمر ومنها حضارتنا العربية العريقة بكل ما فيها من أفكار وأحلام، وهي فرصة لنُري الآخرين أنه ليس لدينا عنف وحروب وصراعات طائفية ودمار وأسلحة فقط… بل لدينا موسيقا عظيمة أيضاً يمكن للآخرين الاستمتاع بها.
حيز الطمأنينة
* كيف أثرت الحرب على حياتك عموماَ وعلى أفكارك الموسيقية؟ (هل تغنين أم تعزفين على آلة محددة أم اثنتين)؟
** الحرب -باختصار شديد- دمرتنا جميعاَ، ولكل إنسان ردة فعل مختلفة على ما يجري حوله، ولذلك حين أعيش الموسيقا أشعر أنني أدخل حيز الطمأنينة والهدوء النفسي، خاصة مع تنوع ما أقوم به من غناء وعزف بيانو وأوكورديون وعزف إيقاعي مع ( سامبا أوركسترا/ عزفٌ ريتميّ).
* من المعروف أن هناك فروقات بين الموسيقا الشرقية والموسيقا الغربية (بتنوعاتها الكلاسيكية والشعبية) كيف وجد الموسيقيون السويديون هذا التلاقي أو التقاطع.. أقصد ألم يجدوا غرابة في النمط الموسيقي الشرقي؟
** التعاون مع الموسيقيين ( Gideon Andersson، Sven Kihlström، Lucas Scheffold، Kazzem Naser) كان جميلاًَ بالنسبة للبعض رغم صعوبته بسبب الاختلاف بالمدرجات النغمية والزخارف الموجودة ضمن المقامات المختلفة بمسألة (ربع التون/ ربع النغمة) غير الموجودة في الموسيقا الغربية، وليست كل الآلات الموسيقية الغربية تناسب عزف الأنغام الشرقية.. لكنهم أحبوها، وبذلوا جهداً طويلاً لفهمها وتنفيذها؛ ولذلك حاولنا الاشتغال على ما يتشابه قليلاً مع بعض الأنماط الموسيقية الغربية مثل الأغاني العاطفية التي تسمّى (Ballad)، ومن الجانب الشرقي اخترنا بعض أغنيات فيروز؛ خاصة تلك التي من مقام العجم.
مساحة من الموشحات
* حبذا لو تعطينا مثالاً عن مشروعك وعملكم المشترك ولو رابط لأغنية أو لعمل موسيقي مكتمل؟
** هناك موضوع الموشحات التي كانت جاذبة جداً للعازفين السويديين، وهي أيضاً مساحتي المفضلة..لذلك كانت مدخلاً رائعاً للعمل معاً. اخترنا مثلاً المزج بين نمط قديم سويديّ وهو قصيدة مغناة اسمها Rosen Ellen من ١٨٠٠ ميلادية مع موشح ( أه يازين و فوق النخل)، كما اخترت موشحات من القرن الثالث عشر ( لما بدى يتثنّى) وحاولنا دمجه مع موسيقا أغنية سويدية من القرن الثامن عشر بعنوان ( kristallen den fina) وكلاهما يحكي قصة مسرودة موسيقياً تبين لنا أن البشر في جميع الأزمنة هم بسطاء رغم الحزن والحروب، وأنهم متشابهون في أعماقهم في لحظات جوهرية من مصائرهم وقصص عشقهم وحكايات عذابهم حتى لو أضافوا عليها تفاصيل تخص بيئتهم أو مجتمعهم أو المكان الجغرافي الذي يعيشون فيه.
* ألم تخافوا من عدم تقبل الجمهور عند الطرفين لهذه التجربة أم هي مغامرة بكل الأحوال؟
** المجتمع السويدي مجتمع فضولي بالمعنى الإيجابي وليس بمعنى الحشرية… هم شعب لديه حافز التعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى في العالم… أما عن ردود فعل الجمهور العربي فبصراحة لم تتح لنا الفرصة أن نقدم أعمالنا المشتركة على خشبات عربية ولجمهور عربي لذلك لا نستطيع توقع ردة فعل الناس ولكن نتمنى أن يستسيغوا ويحبوا مشروعنا.