الحرية- يسرى المصري :
ثلاثة أرواح..لا تصلح الحياة في الأرض إلا بها.. روح الطبيعة في جمالها، وروح المكان في طهارته، وروح الإيمان في الإنسان تتجلى في موعظته ومدى حكمته وفطنته وقدرته على الرؤية بشفافية بعيداً عن أهوائه.. لأن الغوص في الرغبات كالغرق في الرمال المتحركة.. فهذا يطلب الحماية من عدوه وذاك يهرب إلى من يترقب ضعفه ليفترسه وآخرون يرجون الظل في النار والحرور.. وقليل من يضع الحكمة بين عينيه.
ولاشك أن المجنون من يصدق صفحات مواقع التواصل ولاسيما الفيس بوك الذي بات دفتر المجانين.. ووسط الظلمات لايخلو الطريق من أهل الثقة والصدق وأصحاب الضمير الحي في الحي ..
وكأن كل الأيام لم تعد تجد لها مكانأ في زمن الفتن التي تجد لها آذاناً مصغية، صماء عن سماع كلمة الحق والصدق.. إنها الحرب والظلم وإبادة البشر والحجر.. كما لا تجد الإنسانية والأخلاق والضمير محلاً في شرعة الحي إلا الحي..
ومن بين سحب الضباب نقرأ مستقبل سوريا ولا نخشى يد الخراب والفتن التي تتغول في سوريا وغزة ولبنان ..حيث تستمر إسرائيل في كل مشهد تعكر صفو البشر والحجر وكل حي ولا تستحي من حرمة الأموات والمرضى وتستبيح الأراضي والنفوس .. وتنشر الخراب والفساد وتشعل نار الفتن .. فهي لا تنتصر إلا بالخبث ورمي الشر بين الناس وتركهم يحرقون قلوب بعضهم بعضاً وهي تصفق من بعيد وتطرب..
المستقبل لسوريا.. قبل العيد بساعات.. تم تشكيل حكومة تمتلك الكفاءة والمنتظر تشكيل برلمان فاعل والإعلان عن الهيئات الضرورية.
وفي الوقت الذي تبحث فيه دولة الغدر والفساد عن حصصها في سوريا وراء المحيطات.. تنتقل الدولة الجديدة إلى مربع جديد نحو الأمن والاستقرار لقد وعدت الإدارة الجديدة.. ووفت بوعدها وبات الأملٌ كبيراً برؤية سوريا الجديدة تثبت شرعية ثورتها حيث تم الإعلان عن استحقاق رئيسي سيكون له تداعيات مهمة في توطيد الدولة واستقرارها وثقة السوريين بها، والرمي بعرض الحائط لمن يضمر شراً للبلاد والعباد ويحترق في لهيب حقده.
الحكومة الجديدة أعطت إشارة البدء للتعامل مع مشروع بناء الدولة، خاصة أن هناك قضايا كثيرة تنتظرها على صعيد هيكلة مؤسسات الدولة، وبناء مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية، وإطلاق عجلة الاقتصاد والاستثمار، وتوفير الخدمات الأساسية.
واليوم يعتلي المناصب وزراء وطنيون أكْفاء يمتلكون خبرة جيدة في الملفات التي سوف يتسلمونها. ورؤية استشرافية لمستقبل سوريا ودورها الإقليمي.
ومنذ الأيام الأولى تم العمل على تجاوز الحالة البيروقراطية المتخلفة خلال العقود الماضية، عبر إعادة هندسة الوزارات وهيكلتها بحيث تؤدي الوظيفة المنوطة بها بأسرع وقت دون تعقيد، مستفيدة من الكفاءات الموجودة سابقًا مع ردفها بالكفاءات الشابة المهاجرة.
ورغم أنف الفيس بوك ومواقع التواصل المضلة والمضللة تم اختيار الوزراء ديموغرافيًا بعيدًا عن حالة المحاصصة والانتماءات الفصائلية.
ومع الخطوات الجديدة للحكومة تؤكد المؤشرات الواقعية على قدرة الوزراء العالية على التواصل مع الجماهير ومعرفة مطالبهم. امتلاك خطة متدرجة قابلة للتطبيق تبدأ من تأمين الاحتياجات الإسعافية إلى تأمين الأساسيات.
ومكافحة الفساد والبدء بمشروع إعادة الإعمار عبر تشكيل هيئة مستقلة تبدأ بوضع رؤية استراتيجية لمستقبل سورية بعيدًا عن تكرار حالة العشوائيات وأحزمة الفقر، بحيث تطور المدن وتنمي الأرياف.
إضافة الى الاستمرار في رسم علاقات خارجية متوازنة تساهم في استقرار المنطقة بعيدًا عن سياسة المحاور.
ونترقب بعين الأمل في سوريا المستقبل .. بناء مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية هدفها حماية الوطن من الاعتداءات الخارجية وبسط الأمن على كل الأراضي السورية بطرق قانونية موافقة لحقوق الإنسان.
وقريباً يتم وضع خطة زمنية واضحة لإعادة توطين سكان المخيمات في قراهم ومدنهم التي هُجّروا منها.
لقد وضع الإعلان الدستوري أسس تشكيل برلمان مناسب لطبيعة المرحلة، رغم الملاحظات التي أبدتها بعض الشرائح السورية تجاهه. تبدأ خطوته الأولى بتسمية الرئيس أحمد الشرع لجنة عليا انتخابية لاختيار أعضاء مجلس الشعب، التي سوف تختار هيئات فرعية مسؤولة عن اختيار ثلثي الأعضاء، ويسمي الرئيس الثلث المتبقي أضف الى ذلك اختيار لجنة عليا انتخابية محترفة، متنوعة، غير مسيّسة، عارفة للخارطة السورية وتفاصيلها، ويُنسحب ذلك على اختيار الهيئات الفرعية.
ووضع معايير مسبقة لاختيار الأعضاء من حيث المواصفات الوطنية والعلمية والثقافية والقانونية والسياسية والقيمية وبعدهم الاجتماعي، بحيث يكون المجلس بمجموعه قادرًا على اقتراح القوانين وإقرارها ومحاسبة الوزراء بشكل مهني.
ولا ريب أن نجاح القيادة الجديدة في تشكيل حكومة تمتلك الكفاءة وبرلماناً فاعلاً والهيئات الضرورية، سوف يكون له تداعيات إيجابية على مستقبل سوريا ونهضتها.
يأمل السوريون أن تكون سوريا خلال السنوات الخمس القادمة خلية نحل وميدانًا للتنافس الإيجابي لتقديم أفضل ما لديهم، وبناء وطن حضاري يساهم في استقرار المنطقة، وأن تكون سوريا جزءاً من منطقة “نمور عربية”، وهذا ليس غريبًا على تاريخ سوريا الحضاري ودول الجوار، وعود على بدء في أرض الشام وحيث مستقبل سوريا .. ستجد الضمير هو الحي في الحي.